أن تجعل من كل اللحظات البسيطة فرصتك للانتشاء.. تنظر من نافذة القطار، فترى السعادة ترقص بين الأشجار الراكضة الفارة تحت عينيك.. في متابعة البنايات المتزاحمة المترامية على أطراف المدن.. في رؤية ذلك الطفل الذي يذود عن غنمه وهو يسوقها عند الغروب.. في الشمس التي تطل من بين أسمال السحب المنتشرة في الفضاء.. في متابعة مسيرة قطرة المطر المتزحلقة على زجاج النافذة بالقرب منك.. في لحظة انكسار ذبالة الشمس خلف رداء الليل المهيب.. في رؤية دخان فرن تلك القروية البسيطة التي تأهبت لإحضار خبز المساء.. في تطلع عينيك للنخل السامق المنتثر في محطات القطار.. في رؤية ذلك المهر الأبيض الوديع وهو يتبع أمه لا يفارقها.. في وقفة أمام البحر تتأمل ملكوت الإله.. في متابعة حركات الموج المتتالية التي لا تكل ولا تمل.. تنظر إلى طيور النورس الحائمة فوق المراكب فتستبشر بأن في حملها رزقا وفيرا قد دلت عليه الطيور.. في تأمل تلك الصخرة القابعة في أحشاء اليم يؤنسها مد وجزر.. في لقاء مع ذوي الأرحام تبادلهم الأحاديث المنعشة وتستحضر معهم عطر الذكريات.. في دردشة شفيفة مع الأصدقاء.. في عزلة عن كل من حولك تغوص في آي مولاك تأملا وتدبرا.. في جولة بين أروقة الكتب فيهتز قلبك لرائحة الكتب المنعشة ولظفرك بذلك الكنز الذي عثرت عليه وأنت تبحث عن غيره غير مصدق حصولك عليه.. في جلسة أمام شاشة حاسوبك تتابع تتطقس أخبار إخوانك وتتابع بشوق ولهفة منشوراتهم التي أخرك عنها انشغالك وتقرأ رسائلهم اللطيفة وقد انتبهوا لغيابك يسألون عنك.. وفي خلوة وقلمك تبعثر ذاكرتك حرفا شفيفا تترجم به رحلتك البسيطة في البحث عن السعادة..