منذ أيام استيقظ العالم على اختراع فرنسي جديد لمحاربة الإسلام والمسلمين؛ هو منع ارتداء ما سمي ب"العباءات الإسلامية"، وذلك بدعوى مخالفتها للشريعة العلمانية الفرنسية!! معظم دول العالم اليوم علمانية، دستوريا وفعليا. وفي مقدمتها الدول الغربية، الأوروبية والأمريكية وغيرها. ولم نسمع قط من أي دولة علمانية، ولا من أي هيئة علمانية، ولا من أي سياسي أو مفكر علماني، أن "العباية" تهدد العلمانية أو تتصادم معها، أو أن العلمانية جاء لمنع العباءات. لكن في فرنسا – وفرنسا وحدها – يقع هذا، وأسوأ منه. فرنسا وحدها خائفة على علمانيتها الموتجفة، وتغار عليها، وتعمل على حمايتها، من كل ما فيه رائحة الإسلام! بهذا المنطق الفرنسي الغريب أغلقت فرنسا المئات من المساجد والمدارس والجمعيات، ومحلات بيع المواد الغذائية، وضيقت الخناق على ما تبقى منها.. وبهذا المنطق تعرضَ كثير من الدعاة والنشطاء المسلمين، ومن أئمة المساجد، للاعتقال والمحاكمة والطرد من فرنسا.. وبهذا المنطق منعت فرنسا الحجاب والنقاب، وحتى بعض ألبسة السباحة، لاحتمال أن يكون الإسلام مختبئا خلفها أو في تلابيبها.. والعباية التي مُنعت مؤخرا كانت موجودة بفرنسا وبمدارسها على الدوام، فما الذي جعلها فجأة تصبح متنافية مع العلمانية الفرنسية المصونة؟! الجديد في السياق الفرنسي الحالي: هو النكساتوالتراجعات التي تعيشها فرنسا في أوضاعها الداخلية وسياساتها الخارجية، ويتحمل الرئيس ماكرون النصيبَ الأكبر منها.. وبهذا يظهر وكأنَّ فرنسا تعوض فشلها وتَلاشيَ قوتها، بالهجوم على مواطنيها المسلمين وفتياتها المسلمات. لقد أمرالرئيس الفرنسي بالتطبيق الحازم والصارم لمنع العبايات ومنع التلميذات من لباسها..، ليقول لكل من يهمهم الأمر: انتبهواجيدا.. نحن ما زلنا أقوياء وأصحاب قرارات قوية.. وإذارأيتمونا تراجعنا داخليا وأوروبيا، وعجزنا عن حماية قواعدناومصالحنا وعملائنا في أفريقيا وغيرها، فنحن ما زلنا قادرين على فرض ضغوطنا وتضييقاتنا ضد الإسلام وضد تلاميذنا المسلمين، من غير أن ينبس أي زعيم أو رئيس إسلامي ببنت شفة! وإذا رأيتم فرنسا في حالة تضعضع وتقهقر وارتباك، فإننا على أي حال سنظل أقوياء أشداء ضد الإسلام والمسلمين.