مدينة ورزازات، الملقبة ب"هوليود إفريقيا"، تقع في الجنوب الشرقي للمملكة المغربية، وتتميز عن باقي مدن المغرب بمؤهلات مختلفة ومتنوعة، ضمنها المجال الطبيعي والمكون الثقافي، المتمثل في القصور والقصبات والحرف التقليدية والصناعة السينمائية، خاصة العالمية منها. ورزازات هي كلمة أمازيغية تعني "بدون ضجيج"، وهي مدينة تنفرد بكثرة معالمها الثقافية والتاريخية التي تجذب المخرجين السينمائيين العالميين من أجل صناعة الإنتاجات السينمائية بمختلف أصنافها، كما تصنف من قبل زوارها الأجانب بأنها من المدن المغربية باهرة الجمال. سائحة فرنسية صادفتها جريدة هسبريس الإلكترونية بأحد استوديوهات المدينة، قالت إن "ورزازات تجمع بين عبق الماضي وحيوية الحاضر وجماله"، مضيفة: "جمالية مدينة ورزازات وطبيعتها وجوها عوامل تجذب السياح إليها، خاصة من بعض الدول المعروفة ببرودة جوها طوال السنة". الفرنسية ذاتها أكدت في حديثها مع الجريدة أن "كل شيء جميل في ورزازات والمناطق المحيطة بها، من استوديوهاتها التي شهدت تصوير أفلام عالمية عريقة، وفضاءاتها العمومية، ومعالمها الثقافية والتاريخية التي تنقل زوارها من الحاضر نحو الماضي الجميل"، وفق تعبيرها. وتلعب السينما دورا مهما في تحريك النشاط السياحي على مستوى مدينة ورزازات خاصة والإقليم عموما، إذ تحتضن سنويا إنتاجات سينمائية عالمية ووطنية توفر فرص شغل لفائدة أبناء المنطقة، وتنشط المؤسسات الفندقية والمقاهي والمطاعم. القطاع السينمائي محرك اقتصادي في هذا الإطار يقول سعيد أنضام، رئيس لجنة الفيلم بورزازات، إن صناعة السينما بمدينة ورزازات تعتبر أهم القطاعات الاقتصادية، مشيرا إلى أن "مجموع مداخيل الإنتاجات السينمائية الأجنبية بالمغرب بلغت سنة 2019 ما يناهز مليارا و300 مليون درهم"، وموضحا أن "ورزازات تتصدر الوجهات السينمائية الوطنية بنسبة 45 في المائة من الإنتاجات العالمية". وأردف أنضام، في تصريح لهسبريس، بأنه "بعد الركود الذي عرفه القطاع السينمائي بسبب جائحة كوفيد-19، ومع استئناف الرحلات الجوية الدولية، عرفت ورزازات نشاطا كثيفا وتوافدا كبيرا للعديد من شركات الإنتاج، في إطار الاستعداد لتصوير أفلام سينمائية". وأشار مدير لجنة الفيلم بورزازات إلى أن "منطقة ورزازات تستقبل حاليا 7 مشاريع سينمائية وطنية ودولية، منها المسلسل الأمريكي المنتج من طرف شركة أمازون للمخرجة ذات الأصول المغربية سناء الحمري، والمسلسل السعودي 75 دقيقة، والفيلم العالمي الطويل 'الأميرة الضائعة' للمخرج المغربي هشام حجي". كما أكد أنضام أن "هذه الإنتاجات لها وقع كبير على جميع القطاعات الاقتصادية التي لها علاقة بالإنتاج السينمائي، من ضمنها الفنادق والمطاعم والحرف التقليدية واليد العاملة المحلية، خاصة 'الكومبارص'، والنقل السياحي". السياحة سفيرة الوطن في تصريح لهسبريس أكد محمد الأغظف الشيخ ماء العينين، المندوب الإقليمي لوزارة السياحة بورزازات- زاكورة وتنغير، أن "القطاع السياحي له دور مهم وأساسي في التنمية الإقليمية بإقليم ورزازات بصفة عامة"، مشيرا إلى أنه يساهم بشكل أساسي في تحريك الاقتصاد المحلي. وأوضح الأغظف أنه "مع فتح المجال الجوي الدولي، الذي تم إغلاقه بسبب تداعيات فيروس كورونا، عرف الإقليم انتعاشا مهما للقطاع السياحي، ورواجا كبيرا لدى المهنيين وباقي القطاعات التي لها علاقة مباشرة بالسياحة"، مشيرا إلى أن "الجميع متفائل بتسجيل قفزة مهمة في الرواج السياحي في المستقبل، خاصة مع تسجيل مجموعة من الخطوط الجوية الدولية الجديدة نحو ورزازات". وأوضح المتحدث ذاته أن "المنطقة ستستقبل في القريب ماراتون الرمال، الذي سيعطي دفعة قوية للقطاع السياحي، سواء من الناحية الاقتصادية أو من ناحية التسويق الترابي للإقليم"، مشيرا إلى أن "هناك مجهودات تبذل في ورزازات وباقي الأقاليم من أجل تطوير القطاع السياحي". من جهته، قال كمال داود، مدير وحدة فندقية بمدينة ورزازات، إن "المدينة تعرف حاليا حركة نشطة في المجال السياحي، رغم الركود التي عرفه القطاع لمدة عامين بسبب تداعيات كورونا"، مضيفا: "اليوم عرفت ورزازات توافد سياح أجانب من مختلف الجنسيات، من أجل الاستمتاع بجمالية المدينة ومعالمها التاريخية والأثرية". وأضاف داود، في تصريح لهسبريس، أن "مهنيي القطاع السياحي متفائلون بعودة السياحة إلى المدينة والمنطقة بصفة عامة"، موردا أن "على الجميع الاستعداد لاستقبال السياح في ظروف حسنة، لإعطاء صورة جميلة عن المغرب من أجل تشجيع السياح على زيارته". حلول واقتراحات في تصريحات متطابقة أكد عدد من شباب مدينة ورزازات أن الإقليم عموما يتوفر على مؤهلات طبيعية كثيرة يجب استغلالها في التسويق الترابي، من قبيل إعداد مواقع سياحية جديدة على مستوى كل منطقة بالإقليم حسب ما تعرف به محليا، وذلك لفسح المجال أمام السياح من أجل البقاء في الإقليم على الأقل أسبوعا لاكتشاف هذه المواقع السياحية المهمة. في هذا الإطار، يقول محمد عيسى إن "سد المنصور الذهبي يمكن تجهيزه بمركبات تخصص للسياح من أجل ممارسة هواية صيد الأسماك، أو إحداث مخيمات تقليدية فوق قمم الجبال من أجل استقبال السياح والتمتع بجمالية المدينة والإقليم"، مضيفا أن هناك مجموعة من الأمور البسيطة التي يمكن أن تلعب دورا مهما في التسويق الترابي والسياحي لورزازات. كما أوضح عيسى، في تصريح لهسبريس، أن "المنطقة تزخر بمؤهلات طبيعية وبشرية قادرة على تحقيق الكثير من انتظارات المهنيين في القطاعين السينمائي والسياحي"، مشيرا إلى أن "المنطقة في حاجة إلى مخطط إقليمي من أجل الرفع من جودة الخدمات المقدمة للسياح، سواء المتعلقة بالفندقة أو زيارة المواقع السياحية"، بتعبيره.