يعود تاريخ تأسيس مدينة ورزازات الواقعة جنوب شرق المغرب إلى سنة 1920، وتعتبر مدينة سياحية وعاصمة السينما والطاقة الشمسية بإفريقيا، حيث لعبت هذه المجالات الثلاثة دورا مهما في الإقلاع التنموي الذي عرفته المدينة خلال السنوات الأخيرة، وفق إفادة جمعويين ومسؤولين محليين. وتشتهر المدينة بمعمارها الأصيل والتقليدي، الذي ساهم في جذب منتجي الأفلام السينمائية العالمية لتصويرها في أستوديوهاتها التي توفر جميع ظروف التصوير، بمواصفات عالمية، لجميع الأصناف من الأفلام الطويلة والقصيرة والوثائقية. وبالإضافة إلى توفرها على مواقع سياحية مهمة، ساهم ارتباط ورزازات بالفن السابع في تحقيق نقلة نوعية لها، إذ انعكست الموارد المالية التي تدرها الأفلام السينمائية على تنمية المدينة، وساهمت في خلق فرص الشغل والتكوين المهني. المجال السياحي أكد عدد من المهتمين بالشأن المحلي بمدينة ورزازات أنها تسعى كغيرها من المدن المغربية إلى دفع عجلة التنمية المحلية من خلال قطاع السياحة، نظرا لقدراتها السياحية الهائلة والمتنوعة، موضحين أن السياحة ليست هدفا، بل وسيلة للمساهمة في التنمية. وفي هذا الإطار، كشف حميد أيت بنعيسى، فاعل مدني بورزازات، أن السياحة بالمدينة لم يعد ينظر إليها على أساس أنها من القطاعات الثانوية، لما لها من مردود كبير، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي، مضيفا أن القطاع السياحي يلعب دورا مهما وأساسيا في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي في الوقت الحالي، وفق تعبيره. وأوضح المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الجميع، من مسؤولين ومهنيين ومجتمع مدني، مدعوون إلى العمل سويا لتطوير القطاع وتنميته، بهدف تحقيق تنمية شاملة، مضيفا أن السياحة لعبت وستلعب دورا مهما في إقلاع تنموي حقيقي بالمدينة والإقليم بصفة عامة، فقط يجب استغلال كل الإمكانيات المتوفرة لتنشيط الحركة السياحية. وقالت نعيمة مصلوحي، فاعلة في السياحة بمدينة ورزازات، إن المورد السياحي يعتبر موردا مستداما يمكن استغلاله من طرف الأجيال الحالية والقادمة، بالإضافة إلى ما يحققه في المجال الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وحتى الثقافي، وهي المجالات التي يمكن من خلالها تحقيق التنمية المستدامة، وفق تعبيرها. وأضافت مصلوحي أن ورزازات هي المدينة التي تملك موارد سياحية هائلة بتنوع جغرافي وثقافي يمكنها من أن تكون من بين المدن الرائدة في المجال السياحي في المغرب خاصة والعالم عموما، وزادت مستدركة: "لكن المقومات السياحية لا تكفي لوحدها للنهوض بالقطاع السياحي، بل يجب اتباع إستراتيجيات فعالة يمكن من خلالها استغلال هذه المقومات، خاصة من حيث تسويق المنتج السياحي والترويج له داخل وخارج البلاد، بهدف تحقيق نتائج مهمة". الميدان السينمائي تحتضن ورزازات المعروفة ب"هوليود إفريقيا" أو "مدينة بدون ضجيج"، أكبر وأشهر الأستوديوهات الطبيعية في العالم، وتستقطب أشهر المخرجين السينمائيين في العالم لتصوير أعمالهم، التي لاقت نجاحا باهرا وفازت بجوائز قيمة. ورزازات مدينة اجتمع فيها التراث والطبيعة والسينما والتاريخ والهدوء، ما جعلها قبلة لأشهر المخرجين السينمائيين في العالم لتصوير الأعمال السينمائية المشهورة، خاصة مع تواجد كل ما يتعلق بالصناعة السينمائية بجودة عالمية. حياة نعيم، من ساكنة مدينة ورزازات، قالت: "القطاع السينمائي بالمدينة لعب دورا مهما في توفير فرص الشغل لأبناء المنطقة وتقليص نسب الفقر والبطالة"، مستدركة: "لكن بعد جائحة كورونا التي أربكت العالم بأسره تراجع القطاع". وأوضحت نعيم، في تصريح لهسبريس، أن السينما في مدينة ورزازات تعتبر من المجالات المهمة بعد السياحة، مشيرة إلى أنه يمكن اعتبارها جزءا من السياحة، خاصة أن الممثلين العالميين يقومون بزيارة المدينة والإقليم أثناء التصوير لاستكشاف المؤهلات الطبيعية والتاريخية والثقافية، وفق تعبيرها. من جهته، قال سعيد النجار، أحد سكان المدينة ذاتها: "لا يمكن الحديث عن السياحة بورزازات دون الإشارة إلى دور السينما في تنشيط حركيتها"، وزاد أن "تراجع مردود السياحة والسينما في الفترة الأخيرة يعود بالأساس إلى المشاكل المرتبطة بانتشار جائحة كورونا وطنيا ودوليا". وأوضح المتحدث ذاته أن للمدينة مستقبلا واعدا في مجال السينما، "فقط على المسؤولين القائمين على تدبير شؤون الحاضرة، خاصة المنتخبين، العمل على تنزيل مشاريع تنموية للمساهمة مستقبلا في توفير فضاءات لاستقبال المخرجين العالميين، لتصوير أفلامهم السينمائية في جو يسوده الهدوء والاطمئنان"، على حد قوله. "نور ورزازات" رافعة للتنمية تحتضن ضواحي مدينة ورزازات أكبر مركب للطاقة الشمسية في العالم، تصل طاقته الإنتاجية الإجمالية إلى 582 ميغاوات، وفق المعطيات الرسمية التي سبق لمؤسسة "مازن" للطاقة الشمسية أن صرحت بها خلال الزيارة الملكية الرسمية الأخيرة إلى المركب الطاقي سالف الذكر. ولم يخف عدد من أبناء ورزازات أن محطة نور للطاقة الشمسية يجب جعلها رافعة للتنمية محليا ووطنيا، موضحين أنها ساهمت ومازالت تساهم في إنعاش الحركة الاقتصادية المحلية وتوفير فرص الشغل للشاب من أبناء المنطقة. وأكد مصدر مسؤول أن مركب نور للطاقة الشمسية يعتبر من أكبر المشاريع، ليس فقط بالمغرب بل بإفريقيا والعالم، موضحا أن المملكة محسودة على هذا المشروع الضخم من طرف بعض الجهات التي نتقاسم معها المناخ نفسه، ومشيرا إلى أن البلاد تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس "قطعت أشواطا مهمة في بناء مشاريع ضخمة، تشكل رافعة للتنمية". وأضاف المصدر ذاته أن المجهود الكبير الذي يبذل بمدينة ورزازات من طرف الإدارة الترابية برئاسة عامل الإقليم لا يمكن الاستهانة به، مضيفا: "على المنتخبين فقط مسايرة مجهود السلطة الإقليمية لتحقيق إقلاع تنموي واستغلال كل الإمكانيات المتوفرة لخدمة المنطقة والمواطنين". الفقر والبطالة "تزخر مدينة ورزازات مثلها مثل باقي المدن المغربية بمؤهلات كبيرة يمكن أن تساهم في تقليص نسبة البطالة في صفوف الشباب لو تم استغلالها أحسن استغلال"، يقول جواد عكور، أحد الشباب العاطلين بالمدينة ذاتها، موضحا أن "قضية البطالة تعد من أكبر المشاكل التي تؤرق الشباب بورزازات حاليا"، بتعبيره. وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن "غياب فرص العمل بالمدينة ساهم في انتشار البطالة وارتفاع معدل الهجرة غير النظامية، إلى جانب تفشي مظاهر التهميش والإقصاء وغياب البرامج التنموية"، لافتا إلى أن "واقع المدينة وشبابها في الوقت الراهن مؤلم كثيرا"، ومضيفا: "نحتاج إلى التفاتة ملكية لتحريك المياه الراكدة". "المؤهلات التي تزخر بها مدينة ورزازات، والإقليم عموما، لم تستغل بالشكل الصحيح من لدن المنتخبين القائمين على إدارة شؤون الجماعة الترابية"، تقول صالحة منعم، وهي مجازة عاطلة عن العمل، مضيفة أن "المدينة التي تلقب بهوليود إفريقيا تحتاج إلى مشاريع تنتشل الشباب من براثن البطالة والفقر"، ومشيرة إلى أن "نسبة البطالة ارتفعت في ورزازات، ما يعني أن الفقر بدوره ارتفع بشكل أكبر"، بتعبيرها. وطالبت المعنية مواطني مدينة ورزازات والإقليم باختيار منتخبين قادرين على العمل إلى جانب السلطات الإدارية، "التي أصبحت تقوم بكل شيء متعلق بالتنمية"، مشيرة إلى أن "المجالس المنتخبة لم تعد تقوم بدورها التنموي والترافعي"، وخاتمة: "المنتخبون أصبحوا فقط يأخذون الصور مع مشاريع يتم إنجازها أو تشرف عليها وزارة الداخلية والسلطات الإقليمية".