يخال الزائر لمتحف السينما بورزازات نفسه أمام عصور متعددة وشاهد على حضارات قديمة أثرت بقيمها وأعمالها على العالم، خاصة أنه يقدم تحفا فنية صنعت من أجل إدخال المتلقي في عوالم ثقافية متنوعة. ويجد المتجول في أهم مدارات هذا المتحف، الذي يقصده آلاف السياح والمواطنين المغاربة سنويا، ضالته في التعرف على ديكورات وخلفيات تصوير مشاهد سينمائية ضمن أفلام عالمية من قبيل "إبراهيم"، و"يعقوب"، و"يوسف"، و"موسى"، و"شمشون ودليلة". ووضعت في هذا المتحف، الذي يوجد أمام قصبة تاوريرت القديمة الشاهدة على عصور مرور القوافل التجارية الافريقية من الجنوب الشرقي للمغرب، العديد من الملابس القديمة المصنوعة للاستعمال في تصوير أفلام سينمائية عالمية أثرت على الإبداع السينمائي الدولي. ويمكن اعتبار هذه القطع السينمائية بمثابة تحف فنية منفردة، تتضمن ملابس قديمة واكسسوارات خاصة بالعهود القديمة وآلات عتيقة استعملت في التصوير والمونتاج، إلى جانب بنايات مجسدة لأماكن العبادة. ويجمع هذا المتحف، الذي يقصده السياح من المغرب والخارج، بين النشاط السياحي والفني والخدمة التاريخية، إذ يحتضن العديد من الفعاليات الثقافية التي تستقطب ضيوف مدينة ورزازات من السينمائيين والشخصيات التي ترغب في اكتشاف الوجه الآخر لهذه المدينة الواقعة جنوب شرق المملكة. ويضم المتحف، الذي كان للمهندسين الإيطاليين دور كبير في بنائه سنة 1982، قاعة للورشات، وأخرى للعروض والتصوير، مما يجعله فضاء للحفاظ على الذاكرة السينمائية وتشجيع المجال السياحي في المنطقة. ويقع المتحف على مساحة هكتارين، ويمكن أن يشكل استوديو للتصوير ومكان لتجميع الديكورات التي تعرف ببعض أوجه الحضارات الفرعونية والإغريقية والرومانية والإسلامية. وقال محمد الأغضف الشيخ ماء العينين، رئيس جمعية متحف السينما بورزازات، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن هذه المعملة أنشئت في البداية من قبل مجموعة من المهندسين المعاريين الإيطاليين، وتم افتتاحه 2017 كمتحف وطني للسينما بالمدينة. وأشار إلى أن هذا المتحف يندرج في إطار سلسلة من المتاحف التي ترغب السلطات الإقليمية في إنجازها من أجل تشجيع السياحة في ورزازات وتحويل المدينة من مرحلة العبور إلى وجهة للسياحة الدائمة. وذكر أن فتح أبوابه للزوار يأتي في سياق محور سياحي موضوعاتي يتم إنجازه بتنسيق مع كل المتدخلين في القطاع، من حيث تشييد متاحف متعددة تهتم بخصوصيات المدينة الطبيعية والمجالية، ضمنها متحف "الواحات" ومتحف "الديناصور". واعتبر أن هذا المتحف الفريد من نوعه يضطلع بدور أساسي في المجال الثقافي والسياحي بالمدينة، لأنه يعتبر ذاكرة حية عن تاريخ السينما بالإقليم لكونه استوديو للتصوير وفضاء للتنشيط الثقافي والفني. وأكد أن المتحف من بين المعالم التي تتم برمجتها من وكالات الأسفار من أجل زيارتها والاطلاع على مؤهلات ورزازات في المجال السينمائي، مما يمنح الزائر فرصة سانحة للتعرف على مجموعة من إنتاجات الفن السابع التي صورت بالإقليم. والهدف من كل ذلك، يضيف محمد الأغضف الشيخ ماء العينين، هو إحداث أنشطة سياحية دائمة في المنطقة، وجعل السائح مقبلا بشكل كبير على المؤهلات الطبيعية والثقافية التي يتوفر عليها الإقليم. وأشار إلى أن متحف السينما بورزازات يزوره سنويا نحو 60 ألف زائر من مختلف الجنسيات، لاسيما أن المتحف عرف تصوير أفلام سينمائية لمجموعة من المنتجين السينمائيين الذين ينتمون، على الخصوص، للولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا واسبانيا والمغرب. وذكر أن بعثة صينية قامت مؤخرا بزيارة للمتحف من أجل تشجيع المخرجين السينمائيين الصينيين للتصوير في هذا الاستوديو الذي يقع في ورزازات التي يعتبرونها "هولويد افريقيا".