رغم أن التقديرات الحالية تفترض أن تكون مدينة ورزازات هوليود إفريقيا، بحكم استوديوهاتها التي ترقى إلى مصاف قطب دولي للفن السابع، إلا أنها تعد مدينة معزولة ومهمشة داخل هذا القطب.إذ تحول هذه العوائق دون الترويج للمنتوج السياحي من لدن المعنيين، وتطفل دوي الشركات الوهمية التي تدعي الإنتاج السينمائي على القطاع، ما جعل الكثير من المهتمين بالميدان يحملون المسؤولية إلى المركز المغربي السينمائي باعتبار غيابه عن مدينة ورزازات مسببا رئيسيا في تمييع القطاع وجعله يعيش الفوضى والتسيب، و تضييع أزيد من 200 مليون دولار سنويا على ميزانية الدولة ومئات مناصب الشغل في مختلف التخصصات الفنية والتقنية، والمساهمة في تحقيق الرواج التجاري والسياحي، في هذه المنطقة. يحكي مهتمون بالقطاع السينمائي أنه رغم المداخيل المالية التي تدرها صناعة السينما بورزازات إلا أن المدينة لا تستفيد من سنتيم واحد من هذه المداخيل، فعدم وجود مقرر جبائي يرغم الشركات المنتجة على أداء واجبات للجهات المسؤولة داخل المدينة مثل المجلس البلدي الذي لا يستفيد من كل ما تدره السينما من أموال، و يؤكد أن قطاع السينما بورزازات قطاع يعرف فوضى وغير منظم، كما يؤكد أن سلطات المدينة ليس لها سلطة على هذا القطاع. شيء آخر تؤكده هذه المعطيات هو أن الشركات التي تسهر على الوساطة بين المنتج الأجنبي وتوفير الأرضية لتصوير فيلمه، هي شركات وهمية، تستغل كل شيء داخل المدينة وتبيع وتشتري حتى في الإنسان الذي يرغب في الاشتغال في هذا القطاع.فعدم وجود مقر رئيسي للمركز المغربي السينمائي بمدينة ورزازات يبرز أن المسؤولين لهم نية غير سليمة لما يحدث في هذه المدينة، وباعتبار أنها مركز صناعة السينما بإفريقيا فيجب عليهم إقامة فرع للمركز المغربي للسينما.فوجود شخص واحد في العمالة يمارس كل شيء في تنظيم القطاع، يعتبر في نظر المهتمين بالمدينة محط استهزاء وخصوصا عندما يتلقى هاتفا من المركز لتسهيل إنتاج فيلم ما.والتاريخ يشهد لورزازات أنها كانت محطة لتصوير الأفلام الأجنبية، حيث استقطبت قبل أكثر من 100 عام تصوير أول فيلم سينمائي في المغرب وكان بعنوان "لو شيفريي ماروكان" "راعي الماعز المغربي" الذي أنتجه مؤسس الفن السينمائي، الفرنسي لويس لوميير عام 1897، وكان من بين أول التجارب السينمائية في العالم.وتوالت بعده الأفلام الدولية التي اختار منتجوها أرض المغرب فضاء للتصوير. ثم كانت سنة 1922 حيث استضافت ورزازات فريق تصوير فرنسي بقيادة المخرج لويتز مورا، الذي صور شريط "الدم"، تلاه فريق ثان بقيادة المخرج فرانز توسان الذي صور "إن شاء الله".وفي عام 1927، شهدت ورزازات تصوير الشريط الألماني "عندما تعود السنونو إلى أعشاشها" لجيمس بوير. ولم تتأخر السينما الأميركية في اكتشاف مفاتن ورزازات التي استضافت عام 1930 تصوير "قلوب محترقة" لجوزيف فون ستيرنبيرغ، وهو من بطولة مارلين ديتريش وغاري كوبر. والتحقت السينما البريطانية بالركب منذ 1938 بتصوير "قافلة الصحراء" لثورتون فريلاند. وإذا كانت تلك الأفلام أقرب ما تكون إلى حالات الاستثناء، فان درجة إقبال السينمائيين العالميين على ورزازات ارتفعت وتنوعت بعد الحرب العالمية الثانية، لتتأسس قاعدة جديدة.فاحتضنت ورزازات أفلاما فرنسية وأميركية واسبانية وإيطالية وهولندية وسويدية وبلجيكية، بل وحتى أفلاما من كوريا الجنوبية وجنوب إفريقيا وكوبا والبرازيل، فإن كل ذلك لم يشفع للمدينة بأن تحضى بالركب الاقتصادي المرفه لسكانها الذين يعيشون الفاقة و العطالة، حيث لا يعترف بتمثيلية الكومبارس و لا توجد قاعدة تعترف بهذه الفئة الذين يبلغ عدد حوالي 16 ألف مغربي تسند لهم أدوار كومبارس وجلهم من أبناء مدن أخرى. إلا أن أبناء المنطقة يعيشون البطالة والتهميش، نتج عنه تنظيم وقفات احتجاجية أمام الأستديوهات، و رغم أن الكثير منهم أصبحوا تقنيون وخبراء في صناعة السينما، إلا أن جلهم هاجروا إلى تونس أو أنهم يقيمون في الرباط، وكانت هجرتهم هذه نتيجة الأثمنة البخسة التي يتقاضونها من طرف شركات الوساطة التي تعد أول مستفيد من صناعة السينما بورزازات، وفي غياب تام للمركز المغربي السينمائي وعدم تحركه لإنصاف هذه الفئة، لا يبقى أمامهم من خيار إلا الهجرة. * اقتصاد الريع السينمائي في هذا الصدد يؤكد مسؤول بمدينة ورزازات أن جهة ماسة درعة بدأت بطرح دراسات لسن قوانين السينما بالمدينة وتنظيم القطاع بها، كما أكد العديد من سكان المنطقة أن المركز السينمائي هو الذي يتحكم في القطاع بطرق خفية.كما تساءلوا حول من يمثله داخل المدينة، مما يوضح أن القطاع السينمائي بورزازات يعيش مجال الريع الاقتصادي، في غياب قرار سياسي لتنظيم القطاع داخل البلد، كما أن ميزانية الدولة لا تستفيد من مداخيل السينما، لأن دائرة نفوذ المركز المغربي السينمائي تتسع كل يوم وبطرق مختلفة وملتوية، كما أن الانعكاسات السلبية للقطاع لا تحتمله المنطقة بحكم محافظتها.يقول الحقوقي مصطفى بوهو:"قطاع السينما يتحكم فيه لوبي، فعلى المستوى الأول نجد المركز السينمائي المغربي، بحيث أن المخرج الأجنبي يتصل بالمركز الذي يمثل الدولة مباشرة، و في الرباط تسطر له جميع الخرجات.أما المستوى الثاني ويتعلق بالتشغيل، فالشركات المنتجة الوهمية تشغل الأقرباء وتستقطبهم من مدن خارج ورزازات، وهي شركات موجودة على أرض الواقع بالإسم وهي مجهولة لا تنفع الدولة بالضرائب وتتوزع على الصعيد الوطني، مضيفا أن مراكش تعد نقطة مرور وفيها تتم كل الاتفاقيات والعقود الخاصة بإنتاج الأفلام، مع أن كل صناع هذا الفيلم ينتمون إلى مدينة ورزازات وهو يعد إنتاج محلي انطلاقا من الحرفيين إلى الكومبارس الذين تتحكم فيهم شركات وهمية تتحكم حتى في موضع التصوير، وتوقع عقود التصوير على بلاطو خارجي، ومما يعد احتيالا على الدولة.وأشار بوهو أن في مدينة ورزازات تقع مجموعة من الأمور الخارجة عن طبيعة المدينة المحافظة، مؤكدا أن أفلاما بورنوغرافية يتم تصويرها بورزازات، حيث ينشط تشغيل البنات القادمين من خارج المدينة ويتم استغلالهن أبشع استغلال من طرف لوبيات تتحكم في القطاع والإنتاج.ويقول الفاعل الجمعوي محمد زهير أن الملف الأمني مرتبط بالسينما بدرجة كبيرة، فبعدما كانت مدينة ورزازات مدينة هادئة وخالية من كل الجرائم، أصبحت الجريمة متفشية والقتل زادت أرقامه كثيرا، كما أن شبكات الدعارة زاد نشاطها، نتيجة قدوم أشخاص آخرين من مناطق أخرى كمراكش والدار البيضاء وأكادير وتنغير والقلعة، ككومبارس من طرف الشركات الوهمية التي توقع معهم على مبلغ يفوق 1000 درهم وتمنحهم مبلغ من 100 درهم إلى 150 درهم، وتبقي الهامش والفارق لها. * فضاء دون مردود يشتكي المرشدون السياحيون باستوديوهات ورزازات من عدم الاهتمام بها وبالمتحف الذي افتتح في شهر يوليو من هذه السنة، حيث افتقار للمعلومات وللمعطيات التي تؤرخ لكل أستوديو ولكل إنتاج من طرف المسؤولين على المدينة وخصوصا المهتمون بالسينما والذين يعولون على هذا القطاع لترويج المنتوج السياحي.يقول عبد الكريم مرشد سياحي: "أن عدم الاهتمام بالاستوديوهات وتوثيق المعلومات وتخصيص ملفات ووثائق للزائرين يعد ضربا للسياحة بالمدينة ولساكنتها الذين يعوّلون على السينما كمحرك أساسي للسياحة، والتهميش الذي تتلقاه هذه الاستوديوهات هو بصريح العبارة المعاناة لسكان مدينة ورزازات". ويضيف نفس المرشد السياحي: "أن مدخل مدينة ورزازات يوجد استوديو أطلس، الذي تم تأسيسه عام 1993، على مساحة خمسة هكتارات. وسرعان ما تم توسيع المشروع الذي يغطي اليوم 30 هكتارا. وهو مفتوح على فضاء شاسع يشمل مناظر جبلية ساحرة.ويضم معامل للمهن السينمائية، من خياطة ونجارة وصباغة وماكياج وجبص ونقش، ومؤثرات فنية، ومواقع للمتفجرات، واصطبلات لمئات الخيول والجمال، ومكاتب لإدارة الإنتاج، وثلاثة استوديوهات للتصوير، إضافة إلى وحدة فندقية مصنفة أربع نجوم بكافة مرافقها الضرورية".ويؤكد المرشد أن في هذه الاستوديوهات تم تصوير "جوهرة النيل" لمايكل دوغلاس، وما تزال طائرته رابضة هناك تشكل جزءا من ديكورات المكان. كما تم تصوير شريط "كوندون" للمخرج الأميركي مارتن سكورسيزي، وهو ما اقتضى بناء قصر حاكم التيبت الذي لا يزال قائما.وشريط "كليوباترا" للمخرج فرانك رودام وبطولة تيموتي دالتون، الذي ترك سفينته هناك. و"غلادياتور" "المصارع" للمخرج ريدلي سكوت. و"أستريكس وأوبليكس" للمخرج الفرنسي آلان شابات.يستكمل النموذج السينمائي بورزازات لفهم الإختلالات، باتجاه مبني على فهم ما يقع داخل الكواليس التي تعد فيها توقيع العقود بين الشركات الإنتاجية وبين الوسطاء وبين المركز السينمائي المغربي، يقوم هذا الإتجاه على مبادئ الضبابية واستغلال الأرض والإنسان.وعندما يتم توقيع عقود من طرف المركز فإن الدولة تصبح طرفا في تلك العقود وتلتزم رسميا وقانونيا بالنهوض بسكان مدينة ورزازات اجتماعيا وثقافيا وسياحيا.كما يمكنها إجبار كل الأطراف المشاركة أن تحترم شروط عمل الكومبارس والفنيين والتقنيين الذين يعدون أولا و أخيرا من أبناء هذه المدينة الغارقة في ضجيج التهميش والفقر. * أسماء عالمية مرت من ورزازات تتوالى أسماء النجوم الدولية، منتجين ومخرجين وممثلين، من سيرج ريجياني، وفيرنانديل، إلى ألفريد هيتشكوك، وسيرجيو ليوني، وديفيد لين، وأنتوني كوين، وعمر الشريف، وأنا كارينا، وأنتونيو فيلار، وجان لوك غودار، وبيرناردو بيرتولوتشي، وجان بول بلموندو، ولينو فونتيرا، وجون هوستون، وشين كونري، وداستن هوفمان، وايزابيل أدجاني، وروجي مور، ومايكل دوغلاس، وتيموثي دالتون، ومارتن سكورسيزي، وجاكي شان، وريدلي سكوت، وجان كلود فان دام..كلهم احتضنتهم ورزازات. * أستوديو كان زمان تم تشييد استوديوهات "كان زمان" على مساحة 60 هكتارا، على بعد 10 كيلومترات من مدينة ورزازات، تضم مكاتب لإدارة الإنتاج ومعامل وقاعات للتوضيب "المونتاج" ومخازن وقاعات لاستراحة الفنانين، إضافة إلى معارض ومتاجر ومقاه ومطاعم وملاعب ووحدة فندقية على النمط التقليدي، ومركز للتكوين السينمائي. ويشمل هذا المشروع أربعة استوديوهات وسط النخيل وأشجار اللوز والزيتون. * أستوديو أستر في جانب من بناية تقليدية تم بناؤها لاحتضان أنشطة الصناعة التقليدية، أقيمت استوديوهات "أستر" عام 1992 قبالة قصبة سيدي داوود التاريخية. في موقع تصوير شريط "جوهرة النيل". وقد احتضنت تصوير سلسلة "لو بيبل" "التوراة" التلفزيونية التي أنتجتها شركتا "أستر" الإيطالية و"تي اين تي" الأميركية.