"تفتيت القوة.. وتدمير الوحدة.. يبدأ بفرّق تسد" (نابليون) قراءة التاريخ سوسيولوجيا هي القدرة على رصد القوانين المتحكمة في إنتاج الأحداث والوقائع المفصلية المغيرة لحركية ومسارات القوة المهيمنة على الأنظمة والحضارات وتحويل مجراها لصالح من يمسك بخيوط اللعبة. هذا ما تعلمنا لعبة الشطرنج؛ الدهاء والذكاء في تحريك الأحجار فوق رقعة الصراعات، وأخطر ما في اللعبة هو القدرة على قراءة أفكار الخصم، واستباق الأحداث، وبالتالي زعزعة الثقة بإمكاناته وتحويل قوته إلى سلاح نموذجي لانتحاره، وليس تمة أفضل من فرق تسد عبر صناعة الصراع الطائفي. يقول الجاسوس هيمفر بهذا الخصوص: عندما وصلتُ إلى البصرة، استقررت بأحد المساجد. كان إماما سنيا وعربيا يُدعى الشيخ عمر التايك. عندما التقيتُه شرعتُ في التحدث معه ولكنه شكّ فيّ منذ البداية، وأخضعني لسلسلة من الأسئلة. وقد نجحتُ في تجاوز هذا النقاش الخطير، كما يلي: "أنا من الناحية التركية لإغدير من أنصار أحمد أفندي بإسطنبول، اشتغلتُ عند نجار يدعى خالد". قدمتُ بعض المعلومات حول تركيا – استقيتُها أثناء استقراري هناك. كذلك كلمتُه ببعض الجمل التركية. وبحركة من عينيه لأحد كان حاضرا طلب منه ما إذا كنتُ أتكلم تركية سليمة كان الجواب إيجابيا. بعد أن أقنعتُ الإمام اشتدت فرحتي. لكني كنتُ محرجا. بعد أيام، انتبهتُ إلى قلقي. إذا كان الإمام شكّ فيّ بأني جاسوس تركي. فيما بعد اكتشفتُ بأنه كانت توجد خلافات وعداوة بينه وبين الحاكم المُعيّن من قبل السلطان العثماني. بعد مغادرة المسجد مرغما اكتريتُ غرفة بإحدى الفنادق المخصصة للمسافرين والأجانب. مالك هذا الفندق كان غبيا يدعى مُرشد أفندي. كان يقلقني كل صباح بطرقه الباب بقوة لإيقاظي بمجرد أذان صلاة الصبح، كان عليّ أن أُلبي. إذن أستيقظ وأصلي الصبح. ثم قال "عليك أن تقرأ القرآن الكريم بعد صلاة الصبح". عند ما قلتُ له إن هذا ليس فرضا، وسألته لماذا يُلح أكثر، أجابني "النوم خلال وقت النهار هذا يؤدي إلى الفقر والشر على هذا الفندق وعلى زبائنه". عليّ أن أُنفذ أوامره. إذن بمجرد سماع الأذان أستيقظ صباحا فأُصلي ثم أقرأ القرآن الكريم لمدة ساعة. ذات يوم جاء مرشد أفندي عندي وقال لي: "منذ أن حللت بهذا الفندق، حلت بي اللعنات، أنسب إليك كل هذا لأنك أعزب-العزوبية تعني اللعنة-عليك إذن أن تتزوج أو أن تُغادر الفندق"، أجبتُه بأني لا أتوفر على ما يكفي لكي أتزوج. لم أستطع أن أقول له ما قلتُ لأحمد أفندي. مرشد أفندي كان من نوع الأشخاص الذي بإمكانه أن ينزع ثيابي ليتأكد مما أقول. عند ما قلتُ له هذا وبخني مرشد أفندي قائلا "أي إيمان ضعيف. ألم تقرأ دلالات آيات الله "إذا كانوا فقراء فالله سيغنيهم"، أخيرا قلتُ له جيد سأتزوج ولكن هل أنت مستعد لتقديم المال الضروري، أو هل تستطيع أن تجد لي امرأة غير مكلفة؟". بعد أن فكرتُ للحظة، قال لي مرشد أفندي "لن أنشغل بذلك، إما أن تتزوج في آخر شهر رجب أو تُغادر الفندق. لم يبق لي إلا 25 يوما قبل بداية شهر رجب. شهورهم ليست لا فوق 30 يوما ولا دون 29 يوما، تعتمد على ملاحظات قمرية. بالعثور على عمل مساعد نجار، غادرتُ فندق مرشد أفندي. تعاقدنا على أساس هامش كبير من العمل، ولكن سكني وطعامي كانا من مهام مُشغّلي. نقلتُ أغراضي الشخصية إلى مصنع النجار، قبل شهر رجب. كان النجار شخصا رجوليا جدا، عاملني كابنه الخاص، كان شيعيا من خراسان بإيران، اسمه الشخصي كان هو عبدو رضا، متخذا امتيازا من صُحبته، أخذتُ أتعلم الفارسية. كل زوال يلتقي الشيعة عنده ويتحدثون في عدة مواضيع من السياسة حتى الاقتصاد. غالبا ما يتكلمون بسوء عن حكومتهم وكذلك عن الخليفة بإسطنبول. في كل مرة حيث يدخل غريب يُغيّرون الحديث ويبدؤون بالحديث في شؤون خاصة. كانوا يثقون بي كثيرا، كانوا يعتقدون أني من أذربيجان لأني أتحدث التركية. بين الفينة والأخرى كان يمر رجل داخل سمعنا، لباسه كان شكل طالب في بحث علمي ويفهم العربية والتركية، كان اسمه محمد بن عبد الوهاب النجدي. كان فظا إلى أقصى حد وعصبيا جدا. فبينما كان يسُب الحكومة العثمانية، لا يتكلم بسوء عن الحكومة الإيرانية. السبب الذي يجعل منه ومن مالك المصنع في علاقة جيدة هو كونهما يُعاديان الخلافة بإسطنبول. ولكن كيف أمكن لهذا الشاب، الذي كان سنيا ويفهم الفارسية وكان صديقا لعبدو رضا الذي كان شيعيا؟ بهذه المدينة الشيعة والسنة يدّعون أنهم متحابون بل متآخون. جل سكان المدينة يفهمون العربية والفارسية. وجل الناس يفهمون التركية أيضا. محمد نجد كان سيئا في الظاهر. وإن كان جل السنيين يؤاخذون الشيعة، في الواقع يقولون بأن الشيعة هم غير مؤمنين، هذا الرجل لم يسب الشيعة أبدا. حسب محمد النجدي لا يوجد أي مبرر للسنة لكي يتلاءموا مع أحد المذاهب الأربعة، يقول "كتاب الله لا يتضمن أي دليل على الرجوع إلى هذه المذاهب". كان يجهل عمدا الآيات المتعلقة بهذا الموضوع دون اعتبار للأحاديث الشريفة. فيما يتعلق بالمذاهب الأربعة: قرن بعد موت النبي محمد (ص)، خرج أربعة علماء من بين المسلمين: أبو حنيفة، أحمد بن حنبل، مالك بن أنس، ومحمد بن إدريس الشافعي. بعض الخلفاء أجبروا المسلمين على تبني إحدى المدارس. يقولون بأن لا أحد باستثناء هؤلاء العلماء الأربعة يستطيع القيام باجتهاد في القرآن الكريم والسنة. هذه الحركة أغلقت باب المعرفة والفهم أمام المسلمين، هذا المنع للاجتهاد يُعتبر كأنه مبرر لجمود الإسلام. استغل الشيعة هذه التصريحات الخاطئة لنشر عقيدتهم. كان عدد الشيعة متقلصا مقارنة مع السنة. ولكن عددهم الآن ارتفع وأصبح يعادل أعداد السنة. هذه النتيجة الطبيعية بالنسبة للاجتهاد هي بمثابة سلاح. وهذا سيُحيّن فقه الإسلام وسيُجدّد فهم القرآن الكريم والسنة. إن منع الاجتهاد من جهة أخرى، هو شبيه بسلاح صدئ. هذا سيُثبت داخل إطار ما، وهذا يعني إغلاق أبواب الاستنباط وعدم الأخذ في الاعتبار المقتضيات الزمنية. إذا كان سلاحك صدئا، فستكون مُعرّضا للهزيمة عاجلا أم آجلا. أعتقد أن الأكثر ذكاء بين السنيين سيعيدون فتح باب الاجتهاد في المستقبل. إذا لم يفعلوا ذلك سيصبحون أقلية والشيعة أغلبية في قرون قليلة. [أئمة المذاهب الأربعة لهم نفس المصداقية ونفس العقيدة-بينهم لا يوجد خلاف اللهم اختلاف في العبادات. وهذا تساهل بالنسبة للمسلمين. الشيعة من جهة أخرى يتوزعون إلى 12 طائفة، إذن أصبحوا سلاحا صدئا. توجد معلومات مفصلة حول الموضوع في كتاب الملل والنحل]. الشاب الصارم محمد النجدي يتبع نفسه (أناه، رغباته) فيما يتعلق بفهمه للقرآن والسنة. يجهل تماما رأي العلماء، ليس فقط علماء عصره وأئمة المذاهب الأربعة، ولكن أيضا آراء الصحابة المشهورين كأبي بكر وعمر. في كل مرة يلتقي بآية قرآنية، التي يعتقد أنها معارضة لآراء هؤلاء الأشخاص، يقول "النبي يقول: (لقد تركتُ فيكم القرآن والسنة) ولم يقل تركتُ فيكم القرآن، السنة، الصحابة وأئمة المذاهب". إذن ما هو واجب هو اتباع القرآن والسنة. الصحابة لا يهم إلى أي درجة يمكنهم أن يُبدوا ما إن كانوا معارضين لآراء المذاهب أو لعروض الصحابة والعلماء". أثناء نقاش بمناسبة عشاء، حدث جدال بين أبو رضا ومحمد النجدي ومدعوّ جاء من قُم وهو عالم شيعي يُدعى شيخ جواد. يقول الشيخ جواد "منذ اللحظة التي تقبل فيها أن عليا مجتهد، لماذا لا تتبعه مثل الشيعة؟". يجيب محمد النجدي "لا يختلف علي عن عمر ولا عن الصحابة الآخرين. لا يمكن أخذ تصريحاته كوثيقة، وحدهما القرآن والسنة هما الوثائق الأصلية". [في الحقيقة هو أن تعليقات الصحابة لها قيمة المصدر، نبينا أمرنا باتباعهم]. قال الشيخ جواد "منذ اللحظة التي يقول فيها نبينا (أنا مدينة العلم وعلي بابها)، ألا ينبغي أن يوجد خلاف بين علي والصحابة الآخرين؟". أجاب محمد النجدي "إذا كان على تعاليم عليّ أن تُؤخذ في عين الاعتبار، ألم يكن على النبي أن يقول تركتُ فيكم القرآن، السنة وعلي". محمد النجدي يُنكر أن يكون النبي قال كلاما كهذا. الشيخ جواد واجه محمد النجدي بدلائل مُقنعة. اعترض محمد النجدي وقال: "تزعم أن النبي قال (تركتُ فيكم القرآن وأهل بيتي)، إذن ماذا أصبحت عليه سنة النبي؟". قال له الشيخ جواد "سنة رسول الله هي تفسير القرآن. والرسول قال تركتُ لكم القرآن وأهل بيتي" عبارة كتاب الله تتضمن السنة، التي هي تفسير ما سبق". أجاب محمد النجدي "على اعتبار أن تصريحات أهل البيت هي تفسير القرآن، لماذا كان ضروريا تفسيره من خلال الأحاديث؟". الشيخ جواد أجاب "عندما تُوفّي النبي، أمّته اعتبرت أنه ينبغي أن يوجد تفسير للقرآن الذي يستجيب للمتطلبات الزمنية. إنه لهذا السبب حيث أمر النبي أُمته باتباع القرآن الذي هو الأصل، وأهل بيته يُفسرون القرآن بكيفية تلبي المتطلبات الزمنية". أحببتُ كثيرا هذا الجدال. كان محمد النجدي مُسمّرا كعصفور بين يدي الصياد. كان محمد النجدي من صنف الرجال الذين أبحث عنه، لكراهيته تجاه علماء عصره، حتى كراهيته للخلفاء الأربعة، لكونه ذا رأي مستقل في فهم القرآن والسنة، والذي كان رأيه ضعيفا لاستعماله وتملكه. هذا الشاب المتباهي كان جد مختلف عن أحمد أفندي الذي علمني في إسطنبول. هذا العالم كما سابقوه، يدفع إلى التفكير في جبل. لا قوة بإمكانها أن تُدمّره، في كل مرة يُذكر فيه أبو حنيفة ينهض ليتوضأ، في كل مرة يتحضر فيها لتناول كتاب أحاديث البخاري، يتوضأ مجددا. السنيون يرجعون كثير إلى هذا الكتاب. محمد النجدي، من جهة أخرى يكره أبا حنيفة، كان يقول "أعرفُ أفضل مما كان يعرفه أبو حنيفة". زيادة على ذلك، بحسبه، نصف كتاب البخاري كان خاطئا. ربطتُ علاقة حميمية بمحمد النجدي بن عبد الوهاب، اطلقتُ حملة تقدير حول شخصه، في كل مكان. ذات يوم قلتُ له "إنك أفضل من عمر وعلي. لو كان النبي حيا الآن، لكان عيّنك لتكون خليفته بدلا عنهم. إني أنتظر بأن يُجدد الإسلام ويُطوّر على يديك. إنك العالم الوحيد الذي سينشر الإسلام عبر العالم". قررنا-محمد بن عبد الوهاب وأنا-القيام بتفسير جديد للقرآن، يكمن هذا التفسير الجديد في أن يعكس فقط وجهات نظرنا وسيكون كليا مناقضا للتفاسير التي قام بها الصحابة وأئمة المذاهب ومفسري القرآن. قرأنا القرآن وانطلقنا من بعض الآيات. كان هدفي من هذه الحركة، هو إسقاط محمد النجدي في الخطأ. بعد كل، كان يحاول أن يعرض نفسه كثوري وبالتالي قبل بوجهات نظري وأفكاري حتى أستطيع أن أثق فيه. ذات مرة قلتُ له "ليس الجهاد فرضا"، احتجّ "لماذا ليس فرضا رغم أمر الله" القيام بالحرب ضد "الكفار". قلتُ له "إذن لماذا لم يقم النبي بمحاربة الكفار والمنافقين رغم أمر الله (قوموا بالجهاد ضد الكفار والمنافقين)". قال لي "النبي يقوم بالجهاد عبر خطابه". قلتُ "الجهاد يجب أن يتحقق عبر الخطاب، الذي هو أمر (إلزامي)"؟ قال "لقد قام النبي بالحرب ضد الكفار". قلتُ "قام النبي بالحرب ضد الكفار ليحمي نفسه – كانت نية الكفار هي قتله". هز رأسه من أعلى إلى أسفل. مرة أخرى قلتُ له "متعة النكاح مسموح بها". اعترض "لا، لم يكن ذلك". قلتُ "أعلن الله، بالعودة فيما هن نافعات لكم، امنحوهن مهرهن الذي حددتموه لهن". قال "حرم عمر مثالين لممارسة المتعة التي كانت متواجدة في هذه الحقبة وقال بأنه يعاقب أي واحد يقوم بممارستها". قلتُ "قلت بأنك أرفع من عمر وتتبعه، زيادة على ذلك، عمر قال بأنه يُحرّمه بينما سمح به النبي. لماذا تبتعد عن مهمات النبي وتستجيب لكلمات عمر؟". لم يُجب، علمتُ أنه قد اقتنع. [خمنتُ] أن محمد النجدي يرغب في زوجة في هذه اللحظة. كان أعزب. قلتُ له "هيا، لنأخذ لكل واحد منا زوجة بمتعة النكاح. سنقضي ليلة سعيدة معهما". قبل بعلامة من رأسه مؤكدا ذلك. كانت هذه فرصة جيدة بالنسبة لي، إذن وعدتُه بأن أجد له امرأة تُسليه. كان هدفي هو ربط خجله تجاه الناس، ولكنه وضع كشرط أن تظل هذه المسألة سرا بيننا وعلى المرأة ألا تعرف اسمه. انطلقتُ بسرعة عند المسيحيات اللائي أُرسلن من قبل وزارة المستعمرات في مهمة إغواء الشباب المسلم. شرحتُ المسألة لإحداهن قبلت مساعدتي، وأعطيتُها اسم صفيّة وحيدة في بيتها. وأخذتُ محمد النجدي عندها. كانت صفية وحيدة في بيتها. قمنا بزواج لمدة أسبوع مع محمد النجدي، الذي أعطى للمرأة قليلا من الذهب كمهر. ثم لاحقا بدأت في خداع محمد النجدي، صفية من الداخل وأنا من الخارج. كان محمد النجدي كليا بين يدي صفية، الآن. زيادة على ذلك، لقد ذاق متعة عدم الطاعة لأوامر الشريعة تحت ذريعة الاجتهاد والأفكار. اليوم الثالث من متعة النكاح كان لديّ جدال معه حول فعل أن المشروبات الكحولية (المحرمة من لدن الإسلام)، لم تكن محرّمة. وإن كان قد عرض كثيرا من الآيات والأحاديث تُثبت بأن المشروبات الكحولية كانت حراما، رميتُ بها كلها وفي الأخير قلتُ "إنه فعل أن اليزيديين، والأمويين والخلفاء العباسيين كانوا يتناولون الكحول. فهل كانوا كلهم كفارا وأنت الوحيد المنخرط في الطريق المستقيم؟ كانوا يعرفون بدون شك القرآن والسنة أفضل منك. لقد استنتجوا من القرآن والسنة بأن المشروبات الكحولية كانت مكروهة وليست حراما. كذلك مكتوب في الكتب اليهودية والمسيحية بأن الكحول مباح – كل الديانات هي أوامر إلهية. في الواقع حسب هذه الرواية، عمر يستهلك مشروبات كحولية حتى نزول الآيات". هجرتهم أليس كذلك؟ إذا ما كان هذا حراما، لكان النبي عاقبه، منذ اللحظة الأولى التي لم يعاقب فيها الرسول، فإن المشروبات الكحولية هي حلال". [الحقيقة، هو أن عمر رضي الله عنه كان معتادا على شرب الخمر قبل تحريمه. فلم يشرب الخمر أبدا بعد إعلان تحريمه. إذا كان أحد خلفاء الأمويين والعباسيين قد تناولوا الخمر هذا لا يؤكد أن المشروبات الكحولية مكروهة. وهذا يبين أنهم كانوا مخطئين، بأنهم ارتكبوا حراما. فيما يتعلق بالآية الكريمة التي ذكرها الجاسوس كباقي الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، فإنها تبين أن المشروبات الكحولية هي حرام. هذا مذكور في رياض الصالحين. قال الكاتب: "سابقا كان مسموحا بشرب الخمر. عمر، سعد بن أبي وقاص وصحابة آخرون كانوا معتادين على تناول الخمر. فيما بعد، الآية 219 من سورة البقرة نزلت وقالت إنه إثم ثقيل. بزمان قليل فيما بعد، الآية 42 من سورة النساء نزلت وأعلنت "لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى"، أخيرا الآية 93 من سورة المائدة نزلت وتم تحريم الخمر. هذا اُعلن عنه كما سبق في الأحاديث الشريفة"]. قال محمد النجدي: "حسب بعض الروايات، عمر يتناول المشروبات الكحولية مع مزجها بالماء وقال بأن هذا ليس حراما إلا إذا كان فعلا مسكرا. وجهة نظر عمر سليمة بالنسبة لما صُرّح به داخل القرآن "إن الشيطان يريد أن يوقع بينكم البغضاء والانتقام بينكم ويمنعكم من ذكر الله وإقامة الصلاة من خلال وسائل الكحول وألعاب الميسر. فهل ستهجُرون هذه الأشياء إذن؟". المشروبات الكحولية لا تُثير آثاما معدودة في الآية عندما لا تُسكر. بالتالي المشروبات الكحولية ليست حراما عندما لا يكون لها أثر مُسكر". حكيتُ لصفية نقاشنا بصدد الكحول، وطلبتُ منها أن تجعله يشرب كحولا قويا جدا. فيما بعد قالت لي: "لقد قمتُ بفعل ما قلته لي ولقد أسكرتُه". لقد رقص ونام معي مرات في هذه الليلة. انطلاقا من هذه اللحظة، صفية وأنا اتفقنا على مراقبة محمد النجدي كليا. في حديثنا للوداع، قال لي وزير المستعمرات "لقد أخذنا إسبانيا من الكفار (كانوا يستهدفون عبر هذا المسلمين) بوسائل الكحول والفجور. لنسترجع كل أراضينا باستعمال هتين القوتين مرة أخرى". الآن أعرف كم كانت هذه التصريحات صحيحة. ذات يوم تناولتُ موضوع الصوم مع محمد النجدي: "مذكور في القرآن (صومكم هو أفضل لكم)، ليس مصرّحا بأن الصوم هو واجب. إذن فالصوم سنة، وليس واجبا في الديانة الإسلامية". احتجّ وقال "هل تُحاول أن تُخرجني من عقيدتي"، أجبتُ بأن إيمان شخص ما يكمن في صفاء روحه. سلام روحه وألا يرتكب انتهاكات حقوق الآخرين. ألم يقل النبي "الإيمان هو الحب"؟ ألم يقل الله في القرآن "انظروا عبادتكم إلى الله حتى يأتيكم اليقين"؟ إذن عندما يكون الشخص قد أدرك اليقين المتعلق بالله واليوم الآخر بأنه حسّن قلبه وطهّر أفعاله، سيكون من أفضل النوع الإنساني". حرّك رأسه كجواب على كلامي. ذات مرة قلتُ له "الصلاة ليست فرضا"، "لماذا ليست فرضا؟". يقول الله في القرآن "أقيموا الصلاة حتى تتذكروني"، إذن الهدف من الصلاة هو تذكُّر الله، بالتالي يمكنك تذكُّر الله دون إقامة الصلاة". قل لي: "نعم. سمعتُ أن بعض الأشخاص يقومون بالذكر بدل إقامة الصلاة"، كنتُ جد مسرور بهذا التصريح الصادر عنه. حاولتُ بقساوة أن أُطوّر هذه الفكرة حتى أتمكن من قلبه. فيما بعد، لاحظتُ أنه لا يولي أكثيرا من الأهمية للصلاة، وبأنه يؤديها من وقت لآخر، بشكل متقطّع. كان جد سلبي خاصة فيما يتعلق بصلاة الصبح (الفجر). لهذا الغرض، كان علي أن أمنعه من أن يذهب إلى النوم من خلال النقاش معه حتى منتصف الليل. بهذه الطريقة سيكون جد مرهق ولن يتمكن من الاستيقاظ وتأدية صلاة الصبح. بدأتُ أُنزل ببطء خمار الإيمان عن كتفي محمد النجدي. ذات يوم أردتُ النقاش معه بصدد النبي "انطلاقا من الآن، إذا ما تحدثت معي حول هذه المواضيع، ستنقرض علاقتنا وسأضع حدا لصداقتي معك". تخليتُ عن الفكرة. خشية تدمير مجهوداتي مرة وإلى الأبد. نصحتُه باتباع اتجاه مختلف من الاتجاهات السنية أو الشيعية. أكد فكرتي. لأنه كان شخصا طموحا. بفضل صفية، وضعتُ حبلا حول رقبته. في فرصة ما قلتُ له بأن "النبي جعل من صحابته إخوانا فيما بينهم، هل هذا صحيح؟"، حول جوابي الإيجابي، أردتُ أن أعرف هل هذه القاعدة الإسلامية كانت مؤقتة أم دائمة. قال لي: "إنها دائمة. بالنسبة للنبي محمد، حلاله هو حلال حتى نهاية العالم، وحرامه هو حرام حتى نهاية العالم". ثم اقترحتُ عليه أن يكون أخي. لقد أصبحنا أخوين. منذ هذا اليوم، لم أدعه وحيدا أبدا، كنا معا، حتى في أسفاره، كان جد مهم بالنسبة إلي إمضاء أغلب أيام شبابي في غرس شجرة ربيتُها، بدأت في إعطاء ثمراتها. كنتُ أُرسل كل شهر تقريرا إلى وزارة المستعمرات بلندن. كانت الردود التي أتلقّاها جد مشجعة ومطمئنة. محمد النجدي بتابع الطريق الذي رسمتُه له. ذات يوم اخترعتُ له الحلم التالي: "الليلة السابقة حلمتُ نبينا. توجهتُ إليه، كان واقفا في مكان عال. حوله كان يوجد علماء لا أعرفهم. دخلت أنت وكان وجهك لامعا مثل هالة، مشيت أنت باتجاه النبي وعندما كنت قريبا جدا منه، وقف النبي وقبّلك بين عينيك". قال: "لك نفس الاسم مثلي، إنك وريث معرفتي، نائبي في الشؤون الدنيوية والدينية". أنت قلت له "يا نبي لله. أخشى أن أُفسّر معرفتي للناس". "إنك الأفضل، لا تخف"، أجاب النبي حسب همفر. محمد بن عبد الوهاب كان مغلفا بالسعادة عندما سمع حكايتي حول الحلم. سألني عدة مرات هل ما حكيتُه كان صادقا، وكان يتلقّى مني ردا إيجابيا. أعتقد أنه انطلاقا من الآن، كان مُقرّرا نشر الأفكار التي شحنتُه بها وتثبيت طائفة جديدة. الحلقة المقبلة: المهمة الصعبة