كنغمة موسيقية، يرتفع رنين ضحكة الناشطة و الكاتبة النيوزيلندية "جولي ويب بولمان"،.. هذه الضحكة التي تؤكد صاحبتها أن بصمتّها لم تتغير حتى وبعد أن استقر المقام بها في أكبر سجن مفتوح في العالم. جولي أو "هدى" كما تحب أن يناديها الجميع بعد أن أشهرّت إسلامها في يوليو/تموز الماضي، هي واحدة من آلاف الأجنبيات اللواتي يبدأن حياتهن الآن بتقويم جديد تستيقظ ساعاته على صوت المنبّه الغزّي بعيداً عن الصباح الأوروبي والأجنبي. تواصل صاحبة العيون الملونة والبشرة البيضاء ضحكتها وهي تحاول أن تتحدث لمراسلة وكالة الأناضول للأنباء، بلكنة عربية لم تفلح في ترتيب حروفها، لتعود إلى اللغة الإنجليزية لتروي حكايتها مع غزة :" في عام 2010 كان ميعادي الأول مع القطاع المحاصر كمتضامنة مع أهله". وبعيدا عن كتابتها لتقارير تترجم معاناة المدينة المحاصرة منذ أكثر من سبعة أعوام وتعمل على إيصال صوتها للخارج، فإن بولمان، لا تنوي مغادرة غزة أبدا فهنا الناس كما تؤكد :" في قمة الود والتآلف، يشاكسني الصغار، أتعرض لمواقف طريفة، كل الأشياء تدفعني لكي أبتسم ." وفي غزة الأجنبيات لا يردن أن يتحولن إلى أرقام كما تروي الطبيبة "ريتا" في حديثها لمراسلة الأناضول، والتي تحفظت كما العشرات على ذكر اسم عائلتها أو عائلة الزوج الذي ارتبطت به. تبرر ريتا تحفظ الأجنبيات بقولها :" ثمة من يفهم كلامنا بطريقته الخاصة لهذا لا نحب الظهور". ريتا الطبيبة والتي انتقلت للإقامة في غزة عام 2004 قادمة من أوكرانيا، تبدو سعيدة رغم اعترافها باختلاف الهوية الثقافية والعادات والتقاليد. ولا تتّستر "ريتا" على خوفها وقلقها من تفاصيل الحياة في غزة غير أنها تؤكد بلغة عربية باتت تحفظ أبجدياتها بشكل جيد :" دوما سأختار أن أبقى مع زوجي وأولادي (ثلاثة أولاد وبنت) الحصار القاسي أو أي عدوان إسرائيلي هي آلام تستهدف الجميع ونحن جزء من هذا الكل." وقبل سنوات بدأت ظاهرة زواج الغزيين من أجنبيات، وساهم في انتشارها سفر الشباب للخارج للدراسة أو العمل وما يعترض الزواج في القطاع من عقبات اقتصادية هائلة. وما من رقم يحدد عدد الأجنبيات في غزة، ولم تتمكن مراسلة الأناضول ومن خلال الوزارات والمؤسسات المعنية أن تتعثر برقم لهنّ غير أن العدد وبتأكيد الأجنبيات يتجاوز ال"5"آلاف أجنبية تقيم في القطاع جلّهن من روسيا وأوكرانيا. وفي صالونها الخاص الذي افتتّحته بعد سنوات من زواجها لتتغلب على الغربة، تبتسم "ايلينا" الأوكرانية للنساء اللواتي يتوافدن على المكان بحثا عن قصات شعر حديثة، وتقول وهي تضع الماكياج بأسلوبٍ مدروس على وجه إحدى الفتيات بلغة عربية سلمية إلا من أحرفٍ تشي بهويتها الأوروبية:" غزة جميلة، وفي هذا المكان عقدت صداقات عديدة ، نتبادل الخبرات ونتشارك الهموم اليومية." وكمرشدة اجتماعية تبدأ "إيلينا" في طرح وجهة نظرها، وحلولها التي يصفها من حولها ب"الدواء الجميل" ، وتستدرك بالقول :" تجربة فريدة أن أقيم في غزة وأستقر فيها , في عام 2005 تعرفت على زوجي المهندس، وبعد أعوام قررت أن أفتتح صالونا للتجميل، تعلمت العربية وأريد أن أتعلم الحياة هنا". ومن أصعب المواقف التي مرت على الروسية "ساشا" هي الحرب الإسرائيلية على غزة 2008 ، غير أنها اليوم تبدو بقلب أكثر شجاعة كما تؤكد في حديثها ل"الأناضول" . ولا ترى ساشا في غزة سوى الوطن الآخر لها ولصغارها الأربعة وتستدرك بالقول :" الجميع هنا ينظر إلينا بكل الود والاحترام ." وفي غزة تم إنشاء عدد من المؤسسات التي تُعنى بالأجنبيات المقيمات في قطاع غزة؛ للاهتمام بمختلف جوانب حياتهم، وفي مقدمتها تعلم اللغة العربية . ويطل مركز تعليم اللغة العربية للأجنبيات في الجامعة الإسلامية بغزة كواحد من هذه المراكز التي تؤكد مديرته "إيمان مشتهى" في حديثها لمراسلة الأناضول إن وجود الكثير من الأجنبيات واللواتي أسلم الكثير منهنّ دفع الجامعة للتفكير بإنشاء هذا المركز. ويقوم المركز بحسب مشتهى، بعقد العديد من الأنشطة، وتنظيم الفعاليات الترفيهية للأجنبيات ودعمهم للاندماج في البيئة الجديدة. * وكالة الأناضول