أجمع المتدخلون في ندوة حول "عدم تجريم الجنح البسيطة بالمغرب" على أهمية مراجعة مفهوم الجرائم القانونية، التي تثقل كاهل المؤسسة القضائية والأمنية والسجنية. وفي هذا اللقاء العلمي، الذي نظم من طرف جمعية عدالة "من أجل الحق في محاكمة عادلة"، بدعم من "مؤسسات المجتمع المفتوح"، أكد المشاركون على ضرورة اعتماد المقاربة التصالحية للتخفيف من أعباء العدالة، وتجويد خدمات المحاكم وأحكامها. وتم الحديث عن التفكير في إعادة النظر في مفهوم الجريمة بالمغرب، لتجاوز أسباب فشل السياسة الجنائية، لأن المؤسسة السجينة عجزت عن تحقيق برامج الإصلاح لذوي العقوبات القصيرة، وفق دراسة علمية، تم الاستدلال بها في هذه الندوة. وانتهت التصورات التي طرحت خلال الندوة نفسها إلى ضرورة التحول من العقوبة الجنائية إلى عدالة أكثر ملاءمة؛ فالإجرام البسيط مرتبط بجرائم قليلة الخطورة، وغالبا ما يقرر لها المشرع عقوبات سالبة للحرية، مشيرين إلى أن حوالي 40% يوجدون رهن الاعتقال الاحتياطي. ومن المقترحات التي طرحت في هذا اللقاء التفكير في اختزال النظام الثلاثي المعمول به بالمغرب (الجناية والجنحة والمخالفة)، إلى تصنيف ثنائي يعتمد جرائم خطيرة وبسيطة، وتجاوز التصور التشريعي الفرنسي، إلى النظام الأنجلوساكسوني، الذي يتوفر على حوالي 51 تدبيرا بديلا. "العدالة في حاجة إلى مقاربة من أجل المنفعة العامة، من خلال نهج سياسة ترمي إلى الحد من العقاب"، تورد المداخلات، التي دعت إلى تقليص التشبث بالقانون الجنائي، بمراجعة السياسة العقابية، فالسجن لا يجب اللجوء إليه إلا عند الضرورة. وتقترح الندوة كبدائل للعقوبات السجنية الحراسة الإلكترونية، وإعادة النظر في جريمة الشيك والسكر العلني، واستهلاك المخدرات، وسحب رخصة السياقة، والتشرد وركوب سيارة ودخول مطعم دون قدرة على أداء المقابل المادي. يذكر أن هذه الندوة تأتي في سياق إطلاق حملة ترافعية وطنية بمشاركة ثلة من ممثلين عن مؤسسات حكومية ووطنية وجامعية، وخبراء وممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني، من أجل تدارس تحديات وآفاق النظام الجنائي والقضائي المغرب، من أجل إقرار بدائل العدالة التصالحية.