رغم حظوظه التي تكاد تكون منعدمة في بلوغ قصر الاليزيه، بحكم موازين القوى التي لا تميل لصالحه. وفضلاً عن كون أغلب استطلاعات الرأي المجراة في خضم سباق الرئاسة الفرنسي ترجح حصوله على نسبة أصوات لا تتعدى 15 بالمائة، و هو أمر يعتبره بعض المراقبين تضييقاً على هولاند بشكل يخدم ساركوزي ويضعف قوى اليسار. إلا أن جون لوك ميلونشون يبدو مرشحاً مثيراً للغاية ببرنامج انتخابي لا يتماهى مع كثير من الطروحات المتعلقة بالهجرة والهوية الوطنية والتي يسير جل من يعالجونها إلى ضرورة صيانتها وحمايتها بفعل التهديد، الذي يمثله في رأيهم المهاجرون لاسيما المسلمون منهم. يرفض ميلونشون التهويل من خطر المهاجرين، ويعتزم إن هو فاز في الانتخابات إحداث تقارب مع الدول المغاربية والحلول بالجزائر في أول زيارة رسمية له، فالرجل ولد بطنجة عام 1951 وغادر المغرب بعد طلاق والديه عام 1962. وبشأن الهجرة دائماً، يرى ميلونشون أن السواد الأعظم من المهاجرين بفرنسا قادمون من بلدان الجنوب التي أمعنت دول الاتحاد الأوربي في تفقيرها وتحطيم بنيتها الصناعية، منتقداً في الآن ذاته عنصرية الجبهة الوطنية، إذ خاضت ابنة لوبين حرباً ضروساً ضد تصويت الأجانب في الانتخابات المحلية بدعوى محاربة الطائفية التي قال إن العلمانية لن تذر لها مجالاً للبروز، فالأمر حسم منذ 1905. ثم إن ميلونشون يدحض ادعاءات ربط وزير الداخلية كلود غيون بين ارتفاع نسبة البطالة و المهاجرين، الذين دعا إلى تسوية أوضاعهم و منحهم أوراق الإقامة بدل ترحيلهم، ففي سنة 2011 مثلاً كان الهدف محددا في طرد 30000 من المهاجرين السريين ممن لا يتوفرون على أوراق الإقامة و هو أمر كلف 630 مليون أورو، ويفوق هذا الرقم الميزانية المخصصة لسياسة المدينةبفرنسا في سنة كاملة. كما أن فرنسا طردت منذ 2007 ما بين 28000 و 30000، وبعملية حسابية بسيطة يصبح ما أنفقه ساركوزي على طرد المهاجرين مقارباً لستة مليارات أورو، فيما كان بالإمكان توظيف تلك المليارات في خلق مناصب شغل جديدة. ويسعى برنامج"الإنسان أولا" الذي تبنته جبهة اليسار إلى إعادة النظر في السياسات الفلاحية والتجارية والتنموية التي تدفع سكان دول الجنوب إلى التفكير في الهجرة، مقترحاً مجموعة من الإجراءات لمعالجة الملف عبر تسوية وضعية من لا يتوفرون على أوراق الإقامة، وايقاف تجريم الإقامة غير الشرعية، علاوة على إغلاق مراكز الاحتجاز. وتقترح جبهة اليسار مراجعة للسياسة في أفق استقبال إنساني للمهاجرين من خلال: • إلغاء قوانين الهجرة التي تلاحق صدورها منذ 2002. • تحديد مدة بطاقة الإقامة في عشر سنوات. • استعادة الحق في التجمع الأسري. • استعادة الحق في البقاء لظروف صحية. • احترام حق اللجوء و عزله عن السياسات المتعلقة بالهجرة. كما تقترح جبهة اليسار قانون جنسية جديداً يعترف بالحقوق كاملة منذ لحظة الميلاد، و يمنح الجنسية بعد خمس سنوات من الإقامة.