إن الاتجاه العام بفرنسا هو نحو التشدد تجاه الهجرة ورفع عدد المطرودين الى الخارج من مختلف الجنسيات، ففي القمة الأوربية الأخيرة التي عالجت الموضوع طالبت فرنسا وحلفاؤها بفحص طلب تنظيم رحلات مشتركة ومنتظمة لنقل المهاجرين بدون أوراق إقامة نحو بلدانهم الاصلية بتمويل من الوكالة الأوربية للأمن والحدود الخارجية.طبعا هذا الوضع الغريب لا يفهمه أحد. وفي فرنسا أيضا هناك وزيران استقطبهما معا ساركوزي من الحزب الاشتراكي.. أحدهما يطرد الافغان والآخر يستقبلهم كطلبة من أجل الدراسة. فوزير الخارجية الفرنسي بيرنار كوشنير صرح أمام البرلمان في رده على ممثلي الأمة يوم 16 من دجنبر حول الجدل الذي خلفه قرار طرد الأفغان من فرنسا «إنه سوف يستقبل عددا من الأفغان أكثر من العدد الذي يطرد منها»، يعني الافغان بدون وثائق إقامة الذين يطردون من طرف وزير الهجرة والهوية ايريك بيسون والذي وصل عدد المطرودين منهم عبر «الشارتر» إلى 12 فردا لحد الآن .. وزير الهجرة والهوية ايريك بيسون ووزير الخارجية الفرنسي بيرنار كوشنير معا استقطبهما ساركوزي من الحزب الاشتراكي وأحدهما يطرد الافغان والآخر يستقبلهم كطلبة من أجل الدراسة.وهذان الوزيران اللذان ينتميان الى نفس الحكومة يعكسان التناقض الذي تعرفه فرنسا بين فرنسا التي تطرد وتستفز المهاجرين وفرنسا التي تستقبلهم وتدافع عن حقوقهم، بين فرنسا التي تكره الأجانب وتخاف منهم وفرنسا التي تفتح الأبواب في وجههم وتعاملهم بإنسانية. رد وزير الخارجية جاء نتيجة طرد فرنسا لعدد من الافغان بدون اوراق إقامة من طرف وزير الهجرة رغم ان ذلك يخالف القانون الفرنسي الذي يمنع طرد اللاجئين الى بلدانهم إذا كانت في حالة حرب و أمنهم غير مضمون. وهو السلوك والتصرف الذي عابه عدد من القادة السياسيين سواء باليمين او اليسار الفرنسي على الحكومة.وقد وصل هذا الأسبوع 5 من الطلبة الى باريس ووفرت لهم وزارة الخارجية منحة وسكنا. وأضاف وزير الخارجية الفرنسي انه سيستضيف هذه السنة مئات الطلبة الافغان لكنه ركز على أن عدد المستقبلين من الافغان سوف يكون أكثر من عدد المطرودين. هذه التصريحات ستجعلنا شهودا على من ينتصر على الآخر: هل بيرنار كوشنير الذي رفع التحدي بشكل علني أم ايريك بيسون الذي التزم الصمت؟ لكن الاتجاه العام بفرنسا هو نحو التشدد تجاه الهجرة ورفع عدد المطرودين الى الخارج من مختلف الجنسيات ، ففي القمة الأوربية الأخيرة التي عالجت الموضوع طالبت فرنسا وحلفاؤها بفحص طلب تنظيم رحلات مشتركة ومنتظمة لنقل المهاجرين بدون أوراق إقامة نحو بلدانهم الاصلية بتمويل من الوكالة الأوربية للأمن والحدود الخارجية. وقد اشاد الرئيس الفرنسي بنجاح هذه المبادرة وقال إنه منذ سنوات لا أحد كان ينتظر أن يحصل هذا الاتفاق حول هذا المبدأ : «ان كل من لم يحترم القواعد يتم ترحيله نحو بلده سواء بالطائرة ،أو القطار او أي وسيلة اخرى بشكل محترم.» وذلك ما صرح به الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمام الصحافة عند نهاية القمة واعتبر ما حدث تطورا كبيرا « ولا بد ان نسير في الامر بشكل أعمق واريد حرسا أوربيا للحدود ». هذه المبادرة الفرنسية التي لقيت نجاحا على المستوى الاوربي هي نتيجة سياسة مشتركة بدأت بين فرنسا ،ايطاليا وبريطانيا حيث نظمت هذه البلدان رحلة مشتركة للاجئين الافغان حيث تم طرد 3 من فرنسا و24 من بريطانيا، وهو الامر الذي أثار المنظمات الحقوقية والمدافعة عن المهاجرين حيث تجاوزت هذه البلدان حتى القوانين التي صادقت عليها ، إذ لا يمكن طرد لاجئين في بلدان تشهد الحرب كما هي حالة افغانستان وهو الامر الذي استنكرته كذلك المعارضة وحتى بعض اقطاب الحزب الحاكم بفرنسا مثل الوزير الاول السابق ادوارد بلادير الذي لم يفهم كيف يتم طرد لا جئين نحو بلدانهم في حالة حرب مما يهدد حياتهم وهو ما يتنافى مع القوانين الاوربية والاممية التي تنص على حماية اللاجئين.. هذه الحملة ضد اللاجئيين بصفة عامة والتي بدأتها فرنسا بمطاردة اللاجئين الافغان على الخصوص والذين يستقرون بالمناطق القريبة من ميناء كالي الذي تبحر منه البواخر نحو بريطانيا كانت قد بدأتها منذ عدة اسبابيع انتهت بهدم احد المخيمات المسماة»الغابة»واعتقال العديد منهم و تم ترحيل عدد منهم نحو كابول وهو ما يعد سابقة . هذه الحملة تزامنت مع النقاش الذي فتحه وزير الهجرة والهوية الوطنية بريس اورتوفوه حول الهوية الفرنسية هذا النقاش الذي اعتبره الوزير نقاشا مشروعا حول الهوية الوطنية في حين اعتبرته المعارضة اليسارية مجرد مناورة انتخابية.بل الاخطر من ذلك ان هذا النقاش تجاوز كل الحدود واصبح يستهدف الاسلام والمهاجرين من أصل مغاربي وهذه التجاوزات التي كانت أحيانا ذات طابع عنصري لم يقم بها نشطاء اليمين المتطرف، المعروفون بمواقفهم المعادية للهجرة، بل عدد من الساسة بالحزب الحاكم مثل الوزيرة المكلفة بالعائلة نادين مورانو ووزير العدل السابق باسكال كليمو . لكن المهم هو هذا التضارب وسط الحكومة الفرنسية امام العلن بين وزير يقوم بطرد الأفغان ووزير يصر على استقبالهمو، بل وعد ممثلي الفرنسيين بالبرلمان انه سيرفع من عددهم هذه السنة حتى يتجاوز عدد المستقبلين عدد المرحلين ، وهذا السباق يتم داخل نفس الحكومة خاصة ان الطلبة الذين تستقبلهم وزارة الخارجية تخصص لكل واحد منهم منحة دراسية تتجاوز 700 اورو من أجل الدراسة في حين يصرف وزير الهجرة أكثر من ذلك لطرد اللاجئين الأفغان نحو بلدهم!