أثارت إعادة نشر رسومات "شارلي إيبدو" المسيئة إلى رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم على بنايتين في فرنسا استياء مغاربة، أطلقوا حملات لمقاطعة المنتجات الفرنسية بالمملكة. وسم مقاطعة البضائع الفرنسية تصدر "تويتر"، كما غير كثيرون صورهم على "فايسبوك"، ونشرت "تدوينات" عديدة تستنكر نشر الصور مرفقة بوسم "رسولنا خط أحمر". منتصر حمادة، عن مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث، قال إن قرار المقاطعة يندرج في سياق التفاعل العاطفي المتوقع مع هذه الأحداث. وقال حمادة ضمن تصريح لهسبريس: "هو تفاعل عاطفي لأن أخذ تعقيدات الساحة الفرنسية بعين الاعتبار، بما فيها وزن الأقلية المسلمة التي تصل نسبتها إلى حوالي عشرة في المائة من الساكنة، ووزن العلاقات الاقتصادية بين المغرب وفرنسا، يظهر تناقض مواقف دعاة المقاطعة في تبني ازدواجية صريحة بخصوص مقاطعة بضائع وعدم مقاطعة أخرى للدولة نفسها"، وزاد: "هذا يفيد بأن ثمة غلبة للجانب العاطفي في التفاعل مقارنة مع الجانب العقلاني". ويرى المتحدث ذاته أن "من مآزق حملات المقاطعة، وكما جرى في مناسبات سابقة، أننا نكتشف تواضع ثقلنا الاقتصادي، لأن البدائل التي من المفترض أن تعوض البضائع المعنية بالمقاطعة تبقى خارجية، وفي الغالب أوربية أو تركية، بمقتضى انخراط أتباع الحركات الإسلامية في الحملة، وإن كانوا أقلية مجتمعية". واعتبر حمادة أن "القرار متوقع لأن التفاعل الشعبي يرى في المقاطعة سلاحا من شأنه تأكيد موقفه من الإساءة إلى المقام النبوي الشريف، والحال أن من الأبواب المغذية لتعظيم المقام النبوي الاقتداء بسنته، والعمل بأخلاقه في التعامل مع الذات والغير، والابتعاد عن خطاب تشويه صورة الإسلام من الداخل عبر ممارسات لا علاقة لها بالقيم الإسلامية، ولكنها تصدر عنا، وغيرها من الممارسات الغائبة في الساحة، التي تؤكد أزمات أخلاقية وقيمية نعاينها، بما في ذلك ما يصدر عن أدعياء التفكر والتدين". واستنكرت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، ومقرها بالرباط، إعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول وخطابات الكراهية ضد المسلمين. وقالت "الإيسيسكو"، ضمن بلاغ توصلت به هسبريس، إنها "تلقت بقلق تنامي الإساءة الممنهجة لشخص الرسول في الخطاب الإعلامي والسياسي لبعض المسؤولين الرسميين في فرنسا، بما يثير مشاعر الغضب والحزن والصدمة لدى ما يزيد عن مليار ونصف مليار مسلم عبر العالم، ويؤجج الكراهية بين الثقافات والشعوب، تحت مبررات واهية لا تستقيم منطقا أو شرعا أو قانونا، وهي جريمة القتل المعزولة التي ارتكبها شخص متطرف ضد مواطن فرنسي يعمل أستاذًا لمادة التاريخ والجغرافيا في إحدى المؤسسات التعليمية في فرنسا". وعبرت المنظمة ذاتها عن استغرابها ما أسمته "إمعان بعض المسؤولين الفرنسيين في تأجيج الصراع وتسعير الحملة ضد الإسلام، والتضييق على المسلمين الفرنسيين، وانتهاك حرياتهم الدينية بسياسات تمييزية ضد شعائرهم وعباداتهم، والإصرار على إعادة نشر تلك الرسوم المسيئة على واجهات البنايات الرسمية وغيرها في ذكرى مولد البشير النذير، بما يُقوِّض أُسسَ الحوار والتعايش والسلام".