يقع البيت الفخم الذي عاش فيه كارلوس غصن خلال الشهور السبعة الأخيرة، وربما يكون قد انطلق منه في هروبه الجريء من القضاء الياباني، في حي كثيف الأشجار بطوكيو لا يعير أغلب الناس فيه الغربيين أو السيارات الفارهة أدنى اهتمام. ومع ذلك يقول جيران إن من المستحيل ألا يلاحظ سكان الحي واحدا من أشهر المديرين التنفيذيين في العالم أو السيارة السوداء التي كانت تقف ساكنة فيما يبدو على مقربة كلما كان موجودا بالبيت. كانت تلك السيارة تذكرة شديدة الوضوح بالرقابة المفروضة على رئيس شركة "نيسان موتور" المعزول، بعد إخلاء سبيله بكفالة إلى حين محاكمته عن اتهامات بمخالفات مالية. وكان غصن قال، يوم الثلاثاء، إنه فر إلى لبنان هربا من النظام القضائي "الفاسد" في اليابان في خطوة مذهلة أثارت تساؤلات حول كيفية إفلات واحد من أبرز رجال الأعمال في العالم من السلطات، لا سيما بعد أن سلم جوازات سفره بموجب شروط الكفالة. قالت هانا تاكيدا، التي تعيش في شقة بالقرب من البيت الذي عاش فيه غصن منذ شهر ماي الماضي، إنها كانت تراه أحيانا يتمشى في الخارج مع إحدى بناته الثلاث. وقالت تاكيدا (28 عاما) لرويترز: "كان شديد التكتم. وكنت أراه يتمشى مع ابنته". ولا يبعد البيت الكبير متعدد الطوابق مسافة كبيرة عن حي روبونجي بوسط طوكيو، في منطقة يقبل الدبلوماسيون وكبار التنفيذيين الغربيين على الإقامة فيها. وللشرطة وجود في المنطقة بسبب قربها من سفارة واحدة على الأقل وسكن دبلوماسيين. وتقف أمام بيوت كثيرة سيارات غربية فارهة؛ مثل بي.إم.دبليو ولاند روفر وبنتلي. وتطل ثلاث كاميرات لاسلكية للمراقبة الأمنية من شرفة فوق مدخل البيت. وتقضي شروط الكفالة بتركيب كاميرات عند مدخل البيت. ولم يرد أحد عندما دق مراسل رويترز جرس الباب. وكان مرأب يسع سيارتين مغلقا، كما كانت ستائر خفيفة مسدلة على النوافذ. أما نوافذ الطوابق العلوية، فكانت ستائر معتمة تغطيها. وكان رجل شرطة يتجول بانتظام بدراجة في الحي الصغير. وقال جار آخر، هو الأمريكي ويتني ريتش (62 عاما)، إنه كان يلاحظ أحيانا سيارة سوداء قرب البيت. كانت الشرطة قد ألقت القبض على غصن في نونبر تشرين عام 2018، ووجهت إليه أربع تهم ينفيها كلها. ومن هذه الاتهامات إخفاء بعض دخله، والإثراء من خلال مدفوعات لموزعين في الشرق الأوسط. ويبدو مستبعدا، الآن، أن يمثل للمحاكمة في طوكيو؛ فلا توجد معاهدة لتسليم المجرمين بين اليابانولبنان. ولم يتضح كيف تمكن غصن، الذي يحمل الجنسيات الفرنسية والبرازيلية واللبنانية، من تدبير خروجه من اليابان. وقال مصدر لرويترز إنه دخل لبنان بصورة قانونية بجواز سفر فرنسي. وتقول رواية جريئة بثتها قناة إم.تي.في التلفزيونية اللبنانية إن فرقة موسيقية وصلت إلى بيت غصن في طوكيو، وقدمت حفلا ثم رصت معداتها في صناديق وكان غصن في إحداها. ثم نقل غصن إلى المطار، ومنه إلى خارج البلاد بمساعدة فريق أمني خاص. ولم تتمكن رويترز من التحقق من صحة هذه الرواية. الواضح أن غصن كان تحت رقابة لصيقة؛ الأمر الذي جعل هروبه أكثر إثارة. وقالت السلطات إنها كان تراقب تحركاته واتصالاته وتقيدها، لمنعه من الهرب أو العبث بالأدلة. وقال مواطن غربي يعيش في المنطقة، منذ تسعة أشهر، إن سيارة كانت تقف دائما في نهاية الشارع قرب بيت غصن. وأضاف: "كان يتجنب لفت الأنظار... وكانت سيارة تقف على الدوام على مقربة". *رويترز