داخل خيم بلاستيكية يبيتون وسط الشارع. لا مأوى لهم بعدما دكت "منازلهم القصديرية" دكا. وتحت هذه الأمطار التي تعرفها الدارالبيضاء هذه الأيام، قرر سكان كاريان "حسيبو" الاعتصام بعدما فقدوا الأمل ولم يلتفت إليهم أحد. بحرقة، يحكي هؤلاء الذين تحدثوا لجريدة هسبريس الإلكترونية، إذ لم يتبق لهم من أمل بعد الله سوى الملك. طرقوا كل الأبواب، لكن السلطات أغمضت عينيها، ليصيروا مخيرين بين "سيدي حجاج" أو "الخيم البلاستيكية". ضمن هؤلاء المعتصمين، كان أحد الأطفال يرتعش بسبب البرد، يرثي حظه العاثر مقارنة مع أقرانه الذين يتابعون دراستهم ويتمتعون بحق السكن. يروي هذا الطفل لجريدة هسبريس معاناته منذ عملية هدم البراريك التي نفذتها سلطات عمالة عين السبع الحي المحمدي، ويؤكد أن "البرد والمطر يزيدان من معاناتنا، حيث نبيت في هذه الخيم البلاستيكية". لا يبحث هذا الطفل، الذي اغتصبت طفولته دون أن يكون له سبب في ذلك، سوى عن منزل شبيه بذاك الذي يقطن فيه أقرانه من طبقته الاجتماعية. أما تلك الأحلام التي تراود الأطفال فقد تكون باتت في نظره من سابع المستحيلات. لا يقتصر الأمر على هذا الطفل، النساء بدورهن يعانين بعدما انضافت إلى "بدون" التي يحملنها معهن، هوية تعريف جديدة "بدون منزل". إحدى النساء المعتصمات لم تجد بدا سوى أن تشكو الحيف الذي تعرضت له رفقة آخرين إلى الله وملك البلاد، ملتمسة من العاهل المغربي التدخل لحالهن وإنقاذهن من الوضع الذي يعشنه تحت أنظار السلطات. أما أحد الرجال الذي بدا ساخطا على الوضع، فقد وجه انتقاداته إلى المسؤولين المحليين بعمالة عين السبع، متهما إياهم بالتسبب له ولأسرته بالتشرد والمبيت في الشارع تحت هذه الأمطار. وضع بعض سكان كاريان "حسيبو" يثير الكثير من الشفقة، على الرغم من كل ما تتحدث عنه السلطات من معايير خاصة بالاستفادة؛ الأمر الذي يستوجب البحث عن حلول أخرى لصيانة كرامة هؤلاء المعتصمين. ومعلوم أن ساكنة كاريان حسيبو سبق لها أن أعلنت عن رغبتها في الهجرة الجماعية وطلب اللجوء الإنساني، احتجاجا على ما أسمته ب"تشريد الآلاف وتعريض حياة أبنائهم للخطر". وعبّر هؤلاء المعتصمون عن امتعاضهم من السلطات بعمالة عين السبع الحي المحمدي، إذ رفضت بحسبهم "الحوار حول الملف المطلبي وعوضته بإرسال التهديدات وما رأته كذلك الساكنة بأم عينها من خلال هدم دواوير زرابة، المومنية، الغالية والواسطي من عنف وتشريد للآلاف وتعريض حياتهم وحياة أبنائهم للخطر".