لم تكن لتمر أربعينية يحيى بوقدير، عميد شعراء أحواش، دون أن تكون فرصة لتلاقي العديد من الوجوه الفنية والشعرية الأمازيغية، من أجل تأبين الفقيد والإشادة بمناقبه وفضله على الشعر وأحواش، اللذين أتقنهما بشكل متفرد، ما مكنه من إيصال أنغام "العواد" و"ألون" إلى محطات عالمية كثيرة، علت فيها الأنغام السوسية الأصيلة سماء مختلف البلدان. اللقاء التأبيني ليحيى بوقدير احتضنه مقر وزارة الثقافة بالرباط، مساء اليوم الجمعة، ونظمته الرابطة الوطنية لشعراء أحواش، وشهد حضور وزير الثقافة والاتصال، محمد الأعرج، والعديد من المثقفين الأمازيغ، يتقدمهم أحمد بوكوس وعمر أمارير وأحمد عصيد، وكذا عائلة الفقيد؛ فضلا عن شعراء رافقوا يحيى في جميع جولاته وفي كل حفلاته التي أحياها على أرض الوطن. الفاعل الحقوقي الأمازيغي أحمد عصيد قال إن "هذا اللقاء تُنظمه الرابطة الوطنية لشعراء أحواش، بمناسبة تأبين الشاعر يحيى بوقدير، أحد ركائز فن أحواش وناقله إلى العالمية، وناشره لدى القاصي والداني"، مشيرا إلى أن "بوقدير نقل أحواش من الهواية إلى الاحتراف، كما أنه مُكون حقيقي للعديد من الرواد الحاليين المعروفين على المستوى الوطني". وأضاف عصيد، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "بوقدير هو المايسترو الوحيد الذي يستطيع قيادة فرقة أحواش إلى أنماط رقص أخرى، بحكم حرفيته وإتقانه، فضلا عن كون شعره ملتزما ويؤرخ لأحداث كبيرة من ماضي المغرب وشمال إفريقيا والشرق الأوسط، إذ خلف طوال خمسين سنة مضت عشرات الآلاف من القصائد، ومئات الأقراص المسجلة". من جهته أورد إبراهيم لشكر، رئيس الرابطة الوطنية لشعراء أحواش، أن "بوقدير فنان عظيم ومتميز، وترك إرثا كبيرا في الثقافة الأمازيغية"، مشيرا إلى أنه "كان متقنا جيدا لجميع أصناف أحواش التي تمارس في مناطق سوس، وله فضل كبير على العديد من الفنانين الحاليين، كما أنه رفع راية المغرب في أزيد من 120 دولة في القارات الخمس". وأردف لشكر، في تصريح لهسبريس، بأن "الرجل نذر حياته لفن أحواش، وتمكن من نشره بشكل واسع، إذ إن كل فرق أحواش المغربية تقلد طريقة يحيى بوقدير"، لافتا الانتباه إلى أن "تعويض الحاج بأخلاقه وطريقة رقصه وغنائه وأدائه مسألة غير ممكنة"، وزاد: "لقد أثر في الجميع، ونحن هنا لإبراز قيمته الكبيرة لمن لا يعرفه؛ نحن عاشرناه منذ 1974، ولم نر منه سوى اللطف والأدب". وأكمل المتحدث بأن "الرابطة حديثة التأسيس، وفكرت في يحيى بوقدير لتكرمه"، مسجلا أن "الحماس البادي على الحضور مفرح جدا، وهو مساندة لعائلة بوقدير، ورسالة مفادها أنها ليست وحيدة، فالحاج له عائلة كبيرة". بدوره قال أحمد بوكوس، عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، إن "الحضور اليوم عرفان للفقيد الذي أعطى للثقافة الأمازيغية وفنون أحواش وأجماك وأسايس"، مشددا على أن "المعهد سبق أن تعامل مع بوقدير في العديد من المحطات الفنية، فضلا عن نشره العديد من أشعاره، كما توجه بجائزة الثقافة الأمازيغية سنة 2012". وأضاف بوكوس، في تصريح لهسبريس، أن "الأمازيغية افتقدت رجلا كبيرا، شارك في العديد من الملتقيات الدولية، وعرف بالفنون الأمازيغية في كل القارات"، داعيا للراحل بالرحمة والمغفرة.