النصابون المغاربة يفكرون ... يبتكرون ..يخترعون .. ، عبقريتهم تساعدهم كثيرا على اختراع طرق غاية في الدقة والإتقان لسلب الناس أموالهم وأغراضهم الثمينة عن طيب خاطر ودونما أدنى اعتراض . في حي الهدى بمدينة أكادير ، جاء "محسن" عند رئيس جمعية مكلفة بالسهر على بناء مسجد جديد ، "المحسن" الذي جاء على متن سيارة ميرسيديس وهب لرئيس الجمعية أربعة ملايين مساهمة منه في تمويل بناء المسجد ، وانصرف دون أن يفصح حتى عن هويته . زعما بغا يكول ليهوم راه هادشي درتو غير في سبيل الله ، ولا داعي للإفصاح عن هويتي كي يكون أجري من هذه الصدقة عند الله مضاعفا . بعد أيام قليلة سيعود "المحسن" عند رئيس الجمعية ، هذه المرة لم يأت معه بصدقة جديدة ، بل جاء يطلب من المقاول المكلف بنقش سقف المسجد بالجبس أن يبحث له عن عشرين جباسا كي يصحبهم إلى دولة الإمارات العربية المتحدة عند أحد الأثرياء الذي يريد بناء قصر على الطراز المغربي ، وعندما جمع المقاول عشرين جباسا طلب منهم "المحسن" أداء مليون سنتيم لكل واحد ، تشمل تذكرة الطائرة ومصاريف أخرى ... الشباب العشرون انطلت عليهم الحيلة ، ولم يفكروا لدقيقة واحدة ، خصوصا وأن أكبر أمنية يتمناها الشباب المغربي اليوم هي الهجرة خارج هذا الوطن القاسي ، لذلك لم يتأخروا كثيرا في إحضار مليون سنتيم لكل واحد منهم ، شي باع الموطور ، شي سلفها ...المهم كل واحد فيهوم جاب مليون ، وما جعلهم يسرعون في ذلك هو أن الجميع ينظر إلى ذلك "المحسن" بنظرة احترام كبير وثقة زائدة عن الحد ، بعد أن أخبرهم رئيس الجمعية أنه وهب أربعة ملايين مساهمة منه في بناء المسجد . "المحسن" قبض عشرين مليون سنتيم كاملة ووضعها في حقيبته وانصرف واعدا الشباب العشرين أن العقود التي سيسافرون بواسطتها إلى الإمارات لن تتأخر كثيرا ، وأنهم سيسافرون مباشرة بعد الانتهاء من تجبيس سقف المسجد . ومن تم ذهب ولم يعد . وعندما انطلقت سيارة "المحسن" دعا له الجميع بالسلامة وطول العمر ، وبدأت الأحلام الجميلة تكبر في مخيلات الشباب ، لكن هذه الأحلام سرعان ما ستتحول إلى أوجاع تجعل النوم لا يقترب من عيونهم بعد أن طال غياب "المحسن" . مرت أسابيع كثيرة وانتهت أشغال تجبيس المسجد ، لكن "المحسن" لم يعد . ليكتشف العمال في نهاية المطاف أنهم وقعوا ضحايا نصب من النوع الدقيق ، واكتشفوا أن تلك الملايين الأربعة التي تبرع بها ذلك النصاب للمسجد لم تكن سوى المفتاح الذي استطاع بواسطته أن يفتح الصناديق الصغيرة التي يجمعون فيها النقود القليلة التي يحصلون عليها بعد أيام كثيرة من العمل الشاق ، وسحب منها عشرين مليون سنتيم طواعية وعن طيب خاطر . الذي يوجد الآن في موقف لا يحسد عليه هو رئيس الجمعية المكلفة بالسهر على بناء المسجد ، لأنه هو من شجع الشباب على خوض تلك المغامرة الحزينة ، لدرجة أنهم يتهمونه بالتنسيق مع ذلك "المحسن الظريف" في إيقاعهم وسط شباكه بكل طواعية . إيوا حضيو روسكوم لا يفوزو بيكم القومان ، راه الوقت ولات خايبة نيت . ""