كانت رغبة المحسن الذي بنى مسجد الأندلس بحي أناسي بمقاطعة سيدي مومن بالدارالبيضاء، في أن يكون طاقمه من إمام وخطيب ومؤذن..في المستوى الذي يمنح للمسجد الإقبال المطلوب، فلم يكن القادم لقيادة هذا التحدي سوى المقرئ الشاب العيون الكوشي، الذي رددت مساجد الهدى بسيدي عثمان، ومسجد السلام بعين الشق، ومسجد آل سعود بحي مبروكة، أصداء تلاوته الشجية وقراءته العذبة، قبل أن يستقر به المقام بمسجد الأندلس، جاءه مع بداية تشييده وكان ذلك في أواخر شهر رمضان لسنة .2005 ومن هنا كانت بداية جديدة سطع فيها نجم الكوشي ابن مدينة آسفي الذي ارتبط اسمه لسنوات بالمسيرة القرآنية التي كانت تبثها القناة الأولى في شهر رمضان، بصفته أحد أهم المقرئين الشباب الذين لمعت أسماؤهم خلال السنوات الأخيرة، مساهما بذلك في تشكيل ظاهرة الأصوات الشابة التي بعثت الحيوية في إقبال الناس على صلاة التراويح بمدينة الدارالبيضاء.. أمثال القزابري والحديدي والكرعاني و الإراوي.. فكانت أن تحققت أمنية المحسن الذي تطوع لبناء أحد أهم مساجد العاصمة الاقتصادية، فقد شد مسجد الأندلس منذ تشييده الآلاف من المصلين من أبناء مدينة الدارالبيضاء والمحمدية والرباط وسطات وبرشيد.. للصلاة خلف الشيخ الكوشي (42 عاما)، الذي أصبح هو ونجوم المقرئين، حديث المصلين في رمضان. فمسجد الأندلس يستقبل كل يوم وفودا كبيرة من المصلين، تضيق بها قاعات المسجد الرئيسية (قاعة للرجال بسعة 1300 متر، وقاعة للنساء بسعة تتراوح بين 500 و700 متر)، فتحتضنتهم الساحات المحيطة..، التي تحاط بسياج حصيري يفصل النساء عن الرجال. وتشرف بعض النسوة على تنظيم صفوف الصلاة، ويقمن أخريات بتوزيع ماء الشرب ممزوجا ببعض الأعشاب الطبية (اليزير والزعتر) التي يقلن بأنه يساهم في التخفيف المعدي بعد تناول وجبة الإفطار مما يقوي على أداء عبادة القيام. لقد تغير الوضع، يعلق الكوشي، مضيفا القول :الآن هناك صحوة جديدة، وهناك تطورات مع الناس والأشخاص، وكيفما كان المسجد وأينما تواجد، عندما يكون القارئ حسن القراءة والتلاوة، ويتقن القواعد، فالمصلين يحجون من أماكن بعيدة، لايبالون بالمساحة أو التعب أو أي شيء آخر من أجل سماع القرآن ينزل غضا طريا. لقد استطاع القارئ العيون الكوشي إمام مسجد الأندلس الذي يمتد على مساحة إجمالية تقدر بحوالي 2000 متر مربع، أن يستقطب حوالي 30 ألف مصل في صلاة التراويح، بحسب تقديرات رضوان الفايز القائم بأعمال المسجد. بل ويعد أحد أهم المساجد التي يقصدها الذين شرح الله صدورهم للإسلام من الأجانب بمختلف جنسياتهم، للإعلان عن إسلامهم والنطق بالشهادتين على مرأى ومسمع المصلين. كما أنه يستقطب أجود المقرئين المغاربة والمشارقة في أمسيات قرآنية موازية، في إطار الأنشطة الدينية التي ينظمها المسجد طيلة شهر رمضان، من أمثال المقرئ المجود أحمد عامر ومحمد البربري من مصر، وإبراهيم سهيل الفائز في المسابقة القرآنية بالقناة الثانية مواهب في تجويد القرآن الكريم.. ويتولى الدكتور سعيد ربيع أستاذ علوم القرآن بكلية الآداب بابن امسيك مهمة الخطابة بمسجد الأندلس، وهو يداوم على إلقاء دروس دينية يومية بين العشائين خلال هذا الشهر الفضيل، ودروس في تجويد القرآن الكريم يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع . فيما يشرف على تحفيظ القرآن الكريم بالملحقة التابعة للمسجد الشيخ كبور مغترف زوج أخت الكوشي وشيخه الذي حفظ على يديه القرآن الكريم. وتعتبر عائدات المرافق الاقتصادية التابعة للمسجد من خلال 18 دكانا تجاريا هي أصل تجديد الصيانة الخاصة (الصوتيات، والغنارة الخارجية)، التي تتجدد كل شهر رمضان، وتوفير راتب الإمام وموظفي المسجد.