يشاهد معظم الناس التدافع الكبير والإقبال المنقطع النظير على بيوت الله خلال الشهر الفضيل، بل يكاد المرء لا يجد له مكانا ليجلس فيه ويقف بين يدي ربه. مساجد بعينها تجاوزت شهرتها، خلال الشهر الكريم، حدود مدينة الدارالبيضاء وسبب ذلك، أئمتها ذوو الأصوات الشجية الذين يطربون مسامع المصلين بتراتيل مختلفة وأدعية متنوعة في هذا الشهر الفضيل. عمر القزابري، هذا الإمام الشاب القادم من مدينة مراكش، شغل الناس بصوته الشجي وصار تحت أضواء وسائل الإعلام الوطنية والدولية منذ أن وطأت قدماه مسجد الحسن الثاني، الذي ساهم في ملئه بالمصلين، حتى بات البعض يقضي وقتا طويلا، داخل المسجد، قبل موعد الصلاة لضمان مقعد بين المصلين، ومنهم من يتناول وجبة الإفطار داخل المسجد للظفر بمقعد في الصفوف الأمامية. أصبح مطلوبا لدى جل المغاربة الذين يفضلون آداءه في تجويد الذكر الحكيم، إذ لم يعد سرا أن البعض يحج إلى مسجد الحسن الثاني خلال الشهر الكريم من مدن أخرى فقط من أجل الصلاة خلف الإمام القزابري. «لا يمكنني آداء صلاة التراويح في مسجد آخر، لأنني ألفت صوت الإمام القزابري الذي يسبح بالمصلين في عوالم أخرى تقربنا من العلي القدير»، يقول أحد الأوفياء للصلاة في مسجد الحسن الثاني، ويضيف قائلا: «الناس يحجون إلى مسجد الحسن الثاني من مناطق وأحياء بعيدة جدا، يقطعون المسافات فقط ليؤمهم الإمام القزابري». يقول القزابري، في حوار تنشره «المساء» في حلقات، «من الأمور الطريفة التي وقعت لي وأنا بالديار السعودية هي أن العلماء الذين كانوا يزوروننا كأنهم لم يكونوا يعلمون أن المغرب يوجد به قراء مشاهير متقنون لهذا الفن العظيم ذي القيمة الكبيرة لدى المسلمين». الرجل تجاوزت شهرته المغرب لتصل إلى السعودية، معقل أجود المقرئين المشهورين على المستوى العربي، ويضيف قائلا «كنت حريصا لدى إمامتي بالناس في الصلوات على ارتداء الجلباب المغربي التقليدي إلى جانب الطربوش للدلالة على هويتي، كما كنت أصلي بقراءة ورش التي كانت تلقى إعجابا من طرف المصلين لجمالية أحكام التجويد فيها». المقرئ مصطفى الغربي يعد بدوره واحدا من الأسماء التي انتشرت بفضل طريقة تجويده الخاصة التي تميزه عن باقي أئمة مساجد مدينة الدارالبيضاء. خلال صلاة التراويح كما هو الشأن بالنسبة للتهجد فإن المصلين بعدد من الأحياء بمدينة البيضاء يرفضون الصلاة في مساجد أخرى غير مسجد الشهداء. فيما اشتهر الإمام عبد العزيز الكرعاني، بمنطقة سيدي معروف، والإمام العيون الكوشي بمسجد الأندلس بحي أناسي، كلها أسماء يبحث عنها المصلون لآداء صلاة التراويح في المساجد التي يؤمون بها. ويعتبر متتبعون أن بزوغ أصوات جميلة في ترتيل الذكر الحكيم سببه تأثر مجموعة من المقرئين من جيل الشباب بمقرئين آخرين من المشرق العربي والعربية السعودية خصوصا، حيث اشتهرت هذه المناطق من العالم باستقرار أجود المقرئين بها.