في تدخل مثير أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، وجه محمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، انتقادات صريحة لبعض مقتضيات مشروع القانون رقم 03.23 القاضي بتغيير وتتميم قانون المسطرة الجنائية، خاصة في الشق المتعلق بتضييق دور المجتمع المدني في مكافحة الفساد. وخلال مداخلته في اجتماع اللجنة اليوم الثلاثاء 22 أبريل 2025، دق بنعليلو ناقوس الخطر بشأن ما اعتبره تراجعا خطيرا عن إحدى الركائز الأساسية لمنظومة النزاهة، والمتمثلة في حق جمعيات المجتمع المدني في التبليغ عن الفساد والانتصاب كطرف مدني أمام القضاء، منتقدا المسعى الذي تقوده وزارة العدل تحت إشراف الوزير عبد اللطيف وهبي، الرامي إلى اشتراط حصول الجمعيات ذات النفع العام على إذن من وزارة العدل لمباشرة التقاضي. وأكد بنعليلو أن هذا الإجراء يمثل "تضييقا غير مبرر"، و"تراجعا عن المكاسب الدستورية والقانونية التي راكمتها الجمعيات الجادة في مجال تخليق الحياة العامة"، مشددا على أن الإذن المطلوب قد يخضع ل"تقديرات غير قضائية" من طرف الجهاز التنفيذي، مما قد يفتح الباب أمام التأويل السياسي أو التوظيف الانتقائي. واعتبر رئيس الهيئة أن محاربة الفساد ليست شأنا تقنيا أو قانونيا فقط، بل هي إعلان سياسي ومؤسساتي عن إرادة واضحة في الانخراط في المعايير الدولية لمكافحة هذه الظاهرة، مذكرا بخطاب العرش لسنة 2016، حيث شدد الملك محمد السادس على أن "محاربة الفساد قضية الدولة والمجتمع". وانتقد بنعليلو في نفس السياق الصيغة الحالية للمادة 3 من مشروع القانون، التي تفرض قيودا مزدوجة على النيابة العامة، وتربط تحريك الدعوى العمومية في الجرائم المالية بموافقة إدارات أو هيئات معينة، معتبرا أن هذا يقيد سلطات النيابة العامة ويمس بفعالية محاربة الفساد. وفي إطار عرض رؤيته للإصلاح، شدد المتحدث على ضرورة تعزيز آليات التبليغ والحماية القانونية للمبلغين، داعيا إلى إدراج جميع الهيئات والمواطنين، بما فيهم الجمعيات، ضمن دائرة الحماية القانونية، ورفض أي تقليص غير مبرر لأدوارهم. وختم بنعليلو مداخلته بالدعوة إلى اعتماد ملاءمة موضوعية لقانون المسطرة الجنائية مع التزامات المغرب الدولية، وخاصة اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، مشددا على أن مشروع القانون يجب أن يترجم تحولا نوعيا في فلسفة مكافحة الفساد، لا أن يشكل نكسة تشريعية تمس أحد أبرز الفاعلين في المعادلة: المجتمع المدني.