جاء عمر القزابري فملأ الدنيا وشغل الناس وصار حديث الألسن ووسائل الإعلام، وتابع الجميع كيف امتلأت جنبات مسجد الحسن الثاني خلال شهر رمضان لأول مرة منذ الانتهاء من بنائه لدرجة يستحيل معها إيجاد مكان فارغ في فترة ما بعد الإفطار. في الوقت الذي يفضل فيه الكثيرون الإفطار داخل المسجد لضمان وجود أماكن فارغة به للصلاة خلفه، فيما يصر الذين لا يستطيعون السفر إلى البيضاء على متابعته عبر قناة محمد السادس للقرآن الكريم التي تنقل صلاة التراويح مباشرة. سر هذا الإقبال منقطع النظير يكمن في صوت الشاب القزابري بحيث يجمع المعجبون به على أن الاستماع إلى آي الذكر الحكيم بصوت القزابري له طعم مختلف، ويستحق عناء الانتظار والسفر لسماعه. - كيف جاءت حكاية إمامتك للمصلين في أكبر مسجد في المغرب وهو مسجد الحسن الثاني بالدارالبيضاء؟ > بعد التفجيرات الإرهابية التي ضربت الدارالبيضاء يوم 16 ماي 2003 طلب مني التوقف عن إمامة المصلين بمسجد الألفة، لأن الظرف كان غير مناسب، وهو القرار الذي وجد في نفسي مكانا حسنا.. فالمسجد كان يمتلئ عن آخره وكان المصلون يقدمون إليه من كل حدب وصوب فتقطع الشوارع وتمتلئ جنبات المسجد والأماكن القريبة منه بالمصلين. وشكلت فترة التوقف هذه بالنسبة لي فرصة للتأمل ومراجعة العديد من الأشياء، خاصة أن الحادث الإجرامي كان مفاجأة عظيمة لنا نحن الذين اعتدنا على الأمن والأمان في بلدنا الحبيب. - في تلك الفترة سافرت إلى إمامة الناس في ثاني أكبر مسجد في مكةالمكرمة.. > نعم، ففي تلك الفترة التي تلت الأحداث المؤلمة في الدارالبيضاء وبالضبط عام 2004 جاءتني دعوة من المملكة العربية السعودية لإمامة الناس في مسجد ابن باز في مكةالمكرمة، وهو ثاني أكبر مسجد بعد المسجد الحرام، فسافرت وقضيت فيه أياما جميلة أؤم المصلين الذين كانت تمتلئ بهم جنبات المسجد وما فتئوا يعبرون عن إعجابهم بقراءتي للقرآن الكريم، وهذا من فضل الله علي. - يبدو أن فترة التأمل هذه قد جعلتك تقرر الزواج وتطلق حياة العزوبية.. > بالفعل, ففي هذه الفترة تزوجت، وبعد زواجي بثلاثة أشهر تقريبا اتصل بي مندوب من وزارة الأوقاف وأخبرني باختياري لممارسة الإمامة في مسجد الحسن الثاني. كانت مفاجأة سارة جدا تركت وقعا كبيرا في نفسي، إذ أن البعد عن الوطن والأسرة والأحباب كان صعبا على نفسي. تم تعييني بظهير ملكي شريف لأتولى الإمامة في أكبر مسجد بالمغرب، وبهذه المناسبة أتقدم بشكري الخالص إلى جلالة الملك محمد السادس الذي منحني هذا الشرف الذي سعدت به وما زلت غاية السعادة. وبالفعل بدأت الإمامة في رمضان عام 2005.. - شكلت تلك البداية ظاهرة في المغرب وصار حضور كل تلك الآلاف وراءك للصلاة حديث العام والخاص.. > ذلك التجاوب فضل من الله تعالى علي وأنا ليس لدي يد فيه.. فالكلام كلام الله والصوت صوت الله والعبد عبد الله. وعلى كل حال فالمغاربة متعلقون بكتاب الله وبصوم رمضان وقيامه، وجمالية مسجد الحسن الثاني واتساعه شكلا عاملا إضافيا لكي يحدث هذا التجاوب. - وقعت بعض الأحداث الطريفة خلال إمامتك بالناس في رمضان غير ما مرة.. حدثنا عن بعضها.. > أذكر أنه في إحدى المرات فاجأني شخص يظهر أنه مختل عقليا وكان قريبا مني.. لا أخفي أنني أوجست خيفة في نفسي وبدأت أتصبب عرقا، لكن الله تعالى سلم وعاد هذا المواطن المسكين أدراجه. وقد وقعت حادثة مشابهة مرة ثانية، لكن الحمد لله مرت الأمور على خير. -ما تعليقك على الإقبال الكثير للشباب بشكل خاص على المساجد في رمضان وانقطاع عدد كبير منهم مباشرة بعد انتهاء الشهر الفضيل؟ > أعتبر هذا الإقبال الكبير على المساجد في الشهر المعظم ظاهرة صحية وأحسب أن الكثير من هؤلاء الشباب يحافظ على هذا السلوك الطيب حتى بعد انتهاء رمضان. لكن على العموم أرى أن الصواب هو إعمار بيوت الله وعدم تركها خاوية على عروشها في الشهور العادية، وهذا أمر لا تقبله الفطرة السليمة المجبولة على حب الله والتقرب إليه بالطاعات في رمضان وفي غيره من الشهور. والله سبحانه وتعالى يعبد على مدار الأيام والشهور كلها وليس فقط في وقت محدد. وأملي أن يركز الشباب والشيب مسألة الصلاة جماعة في المسجد في قلوبهم وتتحول إلى سلوك عام وهو أمر فيه إفادة كبيرة للبلاد والعباد.