عيون واد بوكمّاز تؤكد جان رييو (Jeanne RIAUX) أن الماعز، في مجمل مجال واد بوكَمّاز، هو المكتشف للعين، إذ تقول: "على طول الواد، كل المجالات السوسيوهيدروليكية المستطلعة توجد فيها قصة ميتية مشابهة لأسطورة رّباط – إباقالّيون. على سبيل المثال، نجد أن الماعزة هي التي اكتشفت أيضا العين". وفيما يلي، ثلاث روايات مختلفة لأسطورة اكتشاف عين ماء من طرف ماعزة، بواد بوكَمّاز، وقد قمنا بترجمتها، من الفرنسية إلى العربية، من مصدرها الذي هو عبارة عن أطروحة جامعية. الرواية الأولى: تأسيس قرية رّباط "ذات يوم، وفد راع شاب من "مكان آخر". حسب بعض روايات الأسطورة، أتى هذا الراعي من شعبة أيت حكيم من المكان المسمى "أولسويكَ". بالنسبة إلى البعض، لقد قدم من الجبل الفاصل بين إباقالّيون وأيت حكيم: أدازّن. في كل الحالات، لقد أتى من منطقة جافة لا تُنبت شيئا. اقترح هذا الراعي خدماته على سكان إباقالّيون الذين قبلوا ذلك، فأصبح راعيا للقبيلة، كل صباح يذهب مع قطيع أيت إباقالّيون، ويقوده ليرعى في الغابة بأعالي القرية. وأثناء عودته، ذات مساء، لاحظ الراعي بأن لحية إحدى مواعزه (جمع ماعزة) متلألئة بنقط الماء. وفي اليوم التالي، قرر أن يتعقب الماعزة، فرأى، بأعالي الواد (في المجال الترابي الحالي لأرض رّباط)، الماعزة تحفر الأرض فيتدفق الماء. احتفظ الراعي بسر الاكتشاف. وبعد مرور زمان، استدعته قبيلة أيت إباقلّيون، واستفسرته عن الأجر الذي يرغب في الحصول عليه مقابل خدماته التي قدمها للقبيلة طيلة هذه السنوات، فطلب الراعي المجال الغابوي الموجود بأعالي القرية، فقُبل طلبه. وقد استقر الراعي في هذه الأرض، وتزوج وأصبح له أبناء. كما أتى أيضا بأشخاص من المكان الذي أتى منه. "كانوا رعاة، لكن حين اكتشفوا العين، أصبحوا مزارعين". انتظم القادمون الجدد في مجموعتين احتلت كل منهما نصفا من القرية: أيت علي أو حامي وأيت أوخيبو. وحسب الأسطورة، فأسلاف أيت علي أو حامي هم أيت الحسن (أحيانا يذكرون كذرية الراعي)، أيت أولعيد (الذين قد ينحدرون من منطقة ورزازات)، أيت تمكَّونت (منحدرون من امرأة تنتمي إلى إمكَّونن). مجموعة أوخيبو تشكلت من طرف أيت بنعيسى (الذين قد يكونون منحدرين من قلعة مكَّونة)، أيت إشّو، وأيت باها. كل واحد من هؤلاء الأسلاف أسس أسرة وبنى منزلا. هكذا أنشئت قبيلة أيت رّباط، منقسمة إلى مجموعتين متميزتين إلى حدود الساعة". الرواية الثانية: "يحكى أن راعيا كان يرعى معزه قرب العين. كانت إحدى مواعزه تختفي دائما من أجل الشرب في مكان ما، تحفر بقوائمها إلى أن تجد الماء. وذات يوم تعقبوا تلك الماعزة وحفروا حيث كانت تحفر، فاكتشفوا العين. لهذا ينعت البعض "أغبالو ن أيت إمي" ب"أغبالو ن تاغاطت" (أي عين الماعزة). الرواية الثالثة: "حسب مسني إغيرين وأيت أوهام، قد يكون بوتخوم هو المؤسس لإغيرين. كان له راع يسمى أشنيض. وذات يوم لاحظ أن ماعزة، كانت قد ابتعدت عن القطيع، عادت مبللة الوجه بالماء، في حين أن أقرب نقطة ماء، آنذاك، تبعد كثيرا عن المنطقة التي يرعى فيها القطيع. فلجأ الراعي إلى حرمان الماعزة من الماء لمدة معينة. بعد ذلك قادت الماعزة العطشى الراعي، الذي تعقبها مسافة بعيدة، نحو غابة كثيفة تنبعث منها عين ماء غزيرة. وبذلك تكون عين أيت أوهام قد تم اكتشافها من قبل سلف أيت أوهام بفضل ماعزة سلف أيت إغيرين. وحين عاد الراعي إلى إغيرين، أخبر مشغله باكتشافه. وفي غمرة الفرح بهذا الخبر، زوج بوتخوم ابنته للراعي. وبعد فترة من الزمان، وبموافقة صهره، ذهب الراعي ليستقر في الأراضي الموجودة في الضفة اليسرى، أسفل العين الجديدة مباشرة. وبذلك تأسس مدشر أيت أوهام. وقد عقد كل من بوتخوم وأشنيض اتفاقا أوليا بموجبه تؤول كل أراضي الضفة اليمنى إلى بوتخوم، وكل أراضي الضفة اليسرى إلى أشنيض، فحفروا بعد ذلك ساقية في كل ضفة من أجل سقي حقول كل مدشر (...). فاستمرت ذرية بوتخوم وأشنيض في العيش بوئام إلى أن شَكّل كل من إغيرين والمدشر التابع له إكَلووان وحليفه إفران قبيلة أيت علي. وحينما تحالفت مداشر إغيرين وإكَلووان وإفران لتشكيل حلف أيت علي، احتلت كل الأراضي الغابوية المهمة في المنطقة، ومنعت الدخول إليها على المداشر الأخرى. الشيء الذي ترتب عنه حرمان كثير من المداشر، من بينها أيت أوهام، من حطب التدفئة في فصل الشتاء القارس. وانطلاقا من هذه الوضعية، تبادرت إلى ذهن أيت أوهام، ولأول مرة، فكرة استعمال ماء السقي كوسيلة للضغط على إغيرين للحصول على الحطب. وبذلك قاموا بقطع التزويد بالماء عن قنوات السقي لكل من إغيرين وإكَلووان، فقام هذان المدشران بغزوات متعددة من أجل استعادة العين، لكن دون جدوى. تجدر الإشارة إلى أنه في الوقت نفسه تم إرسال بعض المقاتلين من طرف أيت أوهام، الذين حلّوا في مكان مقابل لإغيرين من أجل تحذيرهم من هجومات مباغتة (...). حين أصبحت النزاعات بغير جدوى بين المدشرين، تم الاتفاق على التفاوض. وعلاوة على ذلك، وفي الوقت نفسه، يقال إنهم أصبحوا كلهم تحت تهديد قبيلة أيت عطا القوية، التي تقترب بخطورة من الواد. وبعد مفاوضات عسيرة توصل المدشران إلى اتفاق يحدد حقوق الماء بالنسبة إلى إغيرين في كل ساقية، وحقوق أيت أوهام في غابة إكيسّ الموجودة في عالية أيت أوشي. بعض المسنين يذهبون إلى أن هذه الاتفاقات تمّ تدوينها على جلد التيس ولا تزال في ملك أسرة أشنيض أيت أوهام". *باحث في الأنثروبولوجيا