مع دنو موعد المؤتمر الاستثنائي "الحاسم" لحزب الأصالة والمعاصرة، المقرر في 26 ماي الجاري، والذي سيُحدد مصير إلياس العماري، الأمين العام المستقيل، خرج عدد من قياديي الحزب الشباب بدعواتٍ ترومُ تمكينهم من مقود قيادة "الجرار"، خاصة أن "سباق الأمانة العامة للحزب كان دائماً ما يتأرجح بين وجوه معروفة؛ وهو ما يجعل تشبيب القيادة الحالية مسألة ضرورية من أجل إعطاء نفس جديد للحزب". وسيكون حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، خلال الأيام القليلة المقبلة، أمام اختبار حقيقي لتجديد هياكله وقواعده التنظيمية، خاصة بعد المخاض العسير الذي شهده "الجرار" خلال المرحلة التي تلت الانتخابات التشريعية والفراغ الذي مرَّ منه رفاق العماري، إذ من المرتقب أن تسود حالة من الترقب بخصوص مستقبل الحزب، خاصة في ظل تعالي الأصوات الداعية إلى تغيير القيادة الحالية. وفي هذا السياق، أكد مهدي بنسعيد، عضو المجلس الوطني لحزب "الجرار"، أن "مسألة تشبيب الحزب كانت من بين النقاط التي دافع عنها مناضلو "البام" خلال المراحل الأولى من تأسيسه، وقال: "إذا استطعنا في إطار التوافق والإجماع أن نصل إلى هذا الهدف، فإن ذلك سيسهم لا محال في تعزيز وجودنا داخل المشهد الحزبي؛ لأنه سيمثل جوابا على مسار طويل عاشه "البام" منذ 2009". توجه حداثي واسترسل بنسعيد في حديثه بالقول إن "الحزب كان دائماً إلى جانب الشباب يدفع بهم إلى تقلد مناصب مهمة ومسؤوليات كبيرة، كما هو الشأن لفاطمة الزهراء المنصوري، التي ترأست بلدية مراكش سنة 2009 وهي في سن الثالثة والثلاثين". وأضاف الرئيس الأسبق للجنة الخارجية والدفاع الوطني: "علينا أن نحافظ على هذا التوجه وهذا النفس الحداثي، الذي يجعلنا مختلفين عن باقي الحساسيات السياسية". وأكمل المتحدث: "الشباب البامي يتمتع باستقلالية القرار، ولن يخضع لأي تيار من التيارات المتجاذبة حالياً داخل "البام""، وقال إن "هناك أصواتا داخل الحزب تحاول تسييس نقاش التشبيب لأغراض تسيء إلى صورة حزبنا"، قبل أن يشير إلى أن "الملك ما فتئ يدعو في خطاباته إلى تمكين الشباب من آليات العمل السياسي والمشاركة الحزبية". بدوره، دعا خالد أشيبان، عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، إلى تشبيب قيادة الحزب، خاصة في ظل هذه الفترة التي تعرف تراجعاً على مستوى منسوب الثقة لدى المواطنين في العملية السياسية. وأوضح أشيبان: "بغض النظر عن دعوات تمكين الشباب من صناعة القرار داخل "البام"، فإن أهم رهان يواجهه مناضلو وأعضاء الحزب اليوم يبقى هو النظر في استقالة الأمين العام في المؤتمر المقبل". خلل في الديمقراطية الحزبية المحلل السياسي المغربي محمد شقير اعتبر أن "إشكالية تشبيب النخبة السياسية والحزبية المغربية لا تهم فقط حزب الأصالة والمعاصرة"، وقال: "هذَا مشكل كان دائماً مطروحاً، منذ تولي الملك محمد السادس الحكم، الذي وجد نفسه أمام نخبة سياسية شائخة على غرار النخبة العسكرية، التي بدت تغيّر ملامحها مع دخول قيادات شابة، بفضل توجهات ملكية"، وأضاف: "مشكل تشبيب القيادة الحزبية مازال يُلاقي عدة مشاكل، لأن الملك لا يستطيع التحكم في ميكانزيمات هذا التشبيب". وأورد الأستاذ الجامعي أنه في الوقت الذي كان من المفروض أن تكون هناك مبادرات تسير في اتجاه تشجيع وصول قيادات شبابية على رأس الأحزاب، نجد حزب "التقدم الاشتراكية" يُعيد انتخاب محمد نبيل بنعبد الله، أمينه العام، لولاية ثالثة، وكأن الحزب يعيش أزمة من حيث الكفاءات والأطر"، وقال شقير: "إن آليات الديمقراطية الحزبية لا تُفعل ولا تسير بطريقة سلسة من قبل الأحزاب التي مازالت تحنُّ إلى بعض السلوكيات التي تعود إلى فترة الملك الراحل الحسن الثاني". وواصل صاحب كتاب "السلطة وتطور المراسيم العسكرية بالمغرب" أنه "بالرغم من خطاب "الأصالة والمعاصرة" الذي قدّم الحزب كقوة جديدة جاءت من أحل خلخلة المشهد الحزبي، فإن قيادات "البام" هي أيضا تعاني من الأمراض نفسها التي تفتك بباقي الأحزاب الأخرى، بدليل أن إلياس العماري، الأمين العام المستقيل، بالرغم من أنه كان قد طرح استقالته، ما زال متشبثاً بمنصبه، الشيء الذي أثار حفيظة عدد من قيادات الحزب"، وفق تعبيره. وقال شقير إن "الصراع حول الأمانة العام لحزب "الجرار" سيكون محتدماً ما بين القيادي عبد اللطيف وهبي وفاطمة الزهراء المنصوري، التي هي رئيسة المجلس الوطني للحزب"، مستبعداً أن "يصل قائد شاب إلى كرسي الأمانة العامة على غرار ما يحدث في الديمقراطيات الأوروبية".