الملك يأذن بدورة المجلس العلمي الأعلى    الحزب الحاكم في البرازيل يعلن دعم المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء    "الجنائية الدولية" تطلب اعتقال نتنياهو    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    المغرب يستضيف أول خلوة لمجلس حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    "ديربي الشمال"... مباراة المتناقضات بين طنجة الباحث عن مواصلة النتائج الإيجابية وتطوان الطامح لاستعادة التوازن    تنسيقية الصحافة الرياضية تدين التجاوزات وتلوّح بالتصعيد    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    الجديدة: توقيف 18 مرشحا للهجرة السرية        عجلة البطولة الاحترافية تعود للدوران بدابة من غد الجمعة بعد توقف دام لأكثر من 10 أيام    دراسة: تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    جمعويون يصدرون تقريرا بأرقام ومعطيات مقلقة عن سوق الأدوية    اسبانيا تسعى للتنازل عن المجال الجوي في الصحراء لصالح المغرب    سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى        أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    "لابيجي" تحقق مع موظفي شرطة بابن جرير يشتبه تورطهما في قضية ارتشاء    نقابة تندد بتدهور الوضع الصحي بجهة الشرق    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    الحكومة الأمريكية تشتكي ممارسات شركة "غوغل" إلى القضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    المركز السينمائي المغربي يدعم إنشاء القاعات السينمائية ب12 مليون درهم    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    البابا فرنسيس يتخلى عن عُرف استمر لقرون يخص جنازته ومكان دفنه    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل        جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    منح 12 مليون درهم لدعم إنشاء ثلاث قاعات سينمائية        تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    "من المسافة صفر".. 22 قصّة تخاطب العالم عن صمود المخيمات في غزة    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الملكية التنفيذية في المغرب .. الإرادة السلطانية والوثيقة الدستورية
نشر في هسبريس يوم 06 - 09 - 2017

تلعب المؤسسة الملكية دورا محوريا في الحياة السياسية بالمغرب، يجعل من الملك المصدر الوحيد والمركزي لكل السلطات والصلاحيات التي ما زالت مستمدة من نظام السلطنة. هذا النظام تمأسس مع السلطان المنصور الذهبي، من خلال اقتباسه لنظام الحكم العثماني الذي كان يتمحور على الإرادة السلطانية التي كان لا يحدها أو تقيدها أية مؤسسة أخرى؛ فقد كانت كل السلطات في يده، وكل القرارات الإستراتيجية يتخذها بمفرده بما في ذلك قرار فتح السودان لاستجلاب الذهب الذي عارضها أعضاء مجلس الديوان معبرين عن مختلف مخاطر الحملة العسكرية للتوسع في هذه المنطقة الإفريقية النائية لينتصر لرأيه في الوقت الذي كانت فيه ملكة بريطانيا تحثه على التوسع نحو العالم الجديد الذي كان يستقطب أساطيل الإمبراطوريات الأوروبية الصاعدة (1)..
وبقي نظام الحكم السلطاني، منذ ذلك العهد، سائدا بالمغرب، بمختلف أشكاله التيوقراطية، وقراراته الفردية والتي أدت في آخر المطاف إلى تهاوي هيبته الخارجية في معركتي إيسلي وتطوان، ليتم إخضاعه للحمايتين الفرنسية والإسبانية التي عملت على توظيفه في بسط نفوذها العسكري والسياسي والاقتصادي على البلاد. فظهائر السلطان هي التي كانت سلطات الحماية تحكم من خلالها البلاد، بما في ذلك ما سمي بالظهير البربري.
لذا، فإن استرجاع البلاد لسيادتها نتيجة التحالف السياسي بين السلطان محمد بن يوسف والحركة الوطنية لم يمنع من استعادة السلطنة لكامل اختصاصاتها وسلطاتها الدينية والسياسية والعسكرية والتشريعية والتي تجسدت بالخصوص في أول دستور للملك الراحل الحسن الثاني في 1962.
إن هذا الدستور وما رافقه من تعديلات ومراجعات لم تنجح في تقييد سلطات وقرارات ما كان تسميه المعارضة آنذاك بالحكم الفردي؛ فخطب الملك كانت لا تناقش داخل البرلمان الذي تم إلغاؤه بعد إعلان الملك عن حالة الاستثناء. كما أن المراسيم والظهائر الملكية كانت تتمتع بقدسية عدم عرضها أمام المحاكم (2).
فالإرادة الملكية هي التي كانت تقرر في مختلف أمور تسيير الشأن العام، سواء هم ذلك تعيين وزير (3) أو توقيف لاعب أو صحافي مرتكزا في ذلك على تصور سياسي يقوم على أن الملك يجب أن يسود وأن يحكم بشكل مطلق انطلاقا من أن الملكية هي التي صنعت المغرب وأنها ضرورة لازمة لقيام المغرب وأن استمراره من استمرارها بالضرورة بحيث "إن تاريخنا كله يلهج وينادي بحقيقة تقول لولا ملكية شعبية لما كان المغرب أبدا، ومنذ اثني عشر قرنا مازالت نفس هذه الحقائق قائمة، وإن غدت أكثر لجاجة وإلحاحا مع الزمن، وأن الشعب المغربي اليوم أكثر من أي وقت مضى في حاجة إلى ملكية شعبية إسلامية تحكم، ولهذا يحكم الملك في المغرب، والشعب نفسه لا يستطيع أن يفهم كيف يمكن أن يكون ملكا ولا يحكم".
وهكذا رسخ الملك الراحل الحسن الثاني، بقوة الحديد والنار تارة وبوسائل الاستقطاب السياسي والديني تارة أخرى، الدور المحوري الذي تلعبه المؤسسة الملكية في الحياة السياسية بالمغرب؛ وهو ما جعل من الملك المصدر الوحيد والمركزي لكل السلطات والصلاحيات. فالسلطة الحقيقية ما زالت تتشخصن في الملك الذي يمارسها من خلال ظهائره، وتعليماته ورسائله، والتي كرستها مقتضيات دستور فاتح يوليوز 2011.
أولا- التكريس الدستوري للملكية التنفيذية
بعد انتقال الحكم إلى الملك محمد السادس بحكم نظام البيعة الذي يميز نظام الحكم الملكي بالمغرب، راجت عدة مصطلحات سياسية تسوق للعهد الجديد، والتي كان من أبرزها مصطلح الملكية التنفيذية الذي بقي يستمد مشروعيته من المرجعية الدستورية التي خلفها نظام حكم الملك الراحل الحسن الثاني بإصدار أول دستور للبلاد في 1962 والذي كرس سمو المؤسسة الملكية وعدم تقييد سلطات وصلاحيات الملك.
سمو المؤسسة الملكية
لم تشكل الوثيقة الدستورية في المغرب تقييدا للسلطة الملكية (4)، بل تجسيدا لصلاحياتها واختصاصاتها. فبخلاف ما كانت تطالب به المعارضة الاتحادية من ضرورة انتخاب جمعية تأسيسية لوضع أول دستور للبلاد، استأثر الملك الراحل الحسن الثاني بوضع دستوره الأول مستعينا في ذلك بخبراء وأكاديميين أجانب ومقربين من القصر كعبد الكريم الخطيب لصياغة الوثيقة الدستورية (5) التي عرضها الملك على الاستفتاء الشعبي لتزكيتها.
وبالتالي عكس إصدار هذه الوثيقة الدستورية تجسيدا لإرادة سلطانية في منح البلاد دستورا لا يقيد صلاحيات المؤسسة الملكية بل يكرس شرعيتها السياسية ويجعلها تسمو فوق الوثيقة الدستورية ما دام أنها هي التي منحتها. ومن الذي يمنح يمكن أن يأخذ وينزع.
وبهذا الصدد كتب أحد الباحثين ما بلي: "إن وضع أول دستور للمغرب بعد الاستقلال كان الهدف منه تمكين المؤسسة الملكية من أدوات وموارد عصرية متجددة تحل محل أو تعضد تلك التقليدية، بإضافة المشروعية الدستورية على مشروعيتها الدينية والتاريخية لتمكينها من بسط سيطرتها وإدامة واستقرار نظامها، لكن مع ذلك جاءت كل الدساتير المغربية من دستور 1962 إلى دستور 1992 بعيدة كل البعد عن ذلك القانون الأسمى الذي يعد مصدر شرعية ومشروعية الهيئات السياسية.
فالعاهل المغربي لا يستمد شرعيته من الدستور، بل يعتبر هو الضامن الوحيد والأوحد لشرعية هذا الدستور نفسه فعبارة {شخص الملك مقدس لا تنتهك حرمته} تعاقبت على كل الدساتير تحت نفس الرقم "23" واستتبعها قدسية خطبه وقراراته وظهائره، ثم إن شخص الملك لا ينتقد مما جعل المؤسسة الملكية في مرتبة فوق القوانين الوضعية، بل حتى الاستفتاء على مشاريع الدستور كان يعتبر من طرف الملك تجديدا لعلاقات البيعة ويبقى أهم فصل اعتمدت عليه الملكية لشرعنة حكمها هو الفصل التاسع عشر الذي يعدّ قاعدة فوق دستورية.
وهذا نصه: "الملك أمير المؤمنين والممثل الأسمى للأمة ورمز وحدتها وضامن دوام الدولة واستمرارها، وهو حامي حمى الدين والساهر على احترام الدستور، وله صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات، وهو الضامن لاستقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة"، ومفتاح أسرار الممارسة الدستورية بل أصبح هو الدستور نفسه، حيث يستطيع تخفيف نشاط القواعد الدستورية الأخرى، بل وشلها، وتبرير سائر المبادرات الملكية السياسية كيفما كان طبعها أو شكلها أو مداها، فالفصل ال19 يظل الوحيد الذي يتعرض للملكية كأعلى سلطة في هرمية النسق السياسي دون أن نجد فيه أثرا لتحديد اختصاصاتها بدقة فالجانب المسكوت عنه في هذا الفصل تكرس نظريا، في سبيل لا حصر له من التأويلات، وأنبه ما تفتقت عن مخيلة مشرع.
ولقد اتخذ تدخل أمير المؤمنين في التأويل الدستوري شكلين رئيسين: تأويل استراتيجي لأن التأويل انصب على إشكاليات جوهرية تهم تحديد أسمى سلطة في البلاد، أو شرح علاقاتها بالسلط الأخرى في الدولة أو تحديد المفهوم الملكي لبعض مرتكزات الدستور. أما التأويل الثاني فيكمن في التأويل الدستوري الظرفي فقد توجه خاصة للتحكيم بين السلط، أو تأويل فصول دستورية أو سد فراغ تشريعي أو البتّ في إشكال سياسي ظرفي لمراقبة الحقل السياسي.
وتكمن فرادة الدساتير المغربية في إسنادها إلى الملك سلطة التشريع خارج الأحكام الدستورية، إذ إن الدستور نفسه يكرس ثنائية المرجعية: البيعة من جهة والقوانين الوضعية من جهة ثانية. ولقد عمل الملك على دحض مفهوم الفصل بين السلط وإفراغه من محتواه، لإعطاء الملك مكانة أعلى من الدستور بصفته يستمد سلطاته من الله ورسوله، بل إنه هو الوحيد الذي لديه الحق في الدعوة إلى مراجعة الدستور.
إن التضخم الحاصل في اختصاصات الملك غير المنصوص عليها صراحة في الدستور المدون يطال ممارسات أخرى من شأنها الانتقاص من الطابع المؤسسي للدستور والحيلولة دون تطوره نحو نص سام وقار وضروري لسير النسق السياسي في شموليته" (6).
وبالتالي، فمسطرة منح الدستور هي التي خولت للملك الراحل أن يؤول مقتضيات وثيقته الدستورية وفق تقديراته الشخصية والسياسية، والتي انعكست من خلال الإعلان عن حالة الاستثناء وإغلاق مقر البرلمان، وتعديل الدستور طبقا للأوضاع والظرفيات السياسية، والتمديد في الولايات النيابية، واللجوء إلى الفصل ال19 لإرغام النواب الاتحاديين على القبول بهذا التمديد..
تكريس سمو المؤسسة الملكية
سلك الملك محمد السادس، بعد حوالي 11 سنة من حكمه تحت ظل الوثيقة الدستورية التي خلفها والده، المسطرة الدستورية نفسها التي اعتمدها سلفه في وضع أول دستور في عهده.
فبعد الحراك السياسي الذي تزعمته حركة 20 فبراير والتي شاركت فيه قوى سياسية معارضة للنظام، وعلى رأسها جماعة العدل والإحسان والحزب الاشتراكي الموحد طالبت بملكية برلمانية، أعلن الملك محمد السادس بعد رجوعه من فرنسا في خطاب موجه إلى الشعب بتاريخ 9 مارس 2011 عن مراجعة عميقة للوثيقة الدستورية التي ورثها عن والده دون التخلي عن المسطرة السياسية في وضع الدستور.
فبخلاف بعض الدول العربية التي أجبرتها تداعيات الربيع العربي، إلى تغيير أنظمتها السياسية والدستورية، حيث لجأت كل من مصر وتونس إلى انتخاب جمعية تأسيسية كلفت بوضع دستور جديد للبلاد، ترأس الملك مرفوقا بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد في 10 مارس 2011 بالقصر الملكي بالرباط، "حفل تنصيب اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور، حيث ألقى بهذه المناسبة خطابا دعا فيه جلالته اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور لاعتماد منهجية الإصغاء والتشاور مع جميع الهيآت والفعاليات المؤهلة، بدون استثناء، والاجتهاد الخلاق، لاقتراح نسق مؤسسي مضبوط، يقوم على التحديد الواضح لسلطات المؤسسات الدستورية، بما يجعل كلا منها يتحمل مسؤوليته كاملة، في مناخ سياسي سليم. وأعلن جلالة الملك، بهذه المناسبة، عن إحداث آلية سياسية مهمتها المتابعة والتشاور وتبادل الرأي بشأن مشروع الإصلاح الدستوري، تضم بصفة خاصة، رؤساء الهيآت السياسية والنقابية. وقد أسند جلالة الملك رئاسة هذه الآلية إلى مستشار جلالته محمد معتصم.
كما أعلن جلالته عن تكوين لجنة خاصة لمراجعة الدستور، وتعيين عبد اللطيف المنوني رئيسا لها" (7)؛ لكن هذه الصيغة القانونية الموسعة التي طبعت عملية هذه المراجعة الدستورية، لم تخف مع ذلك (الطابع الممنوح) لأول دستور في عهد الملك محمد السادس بتصوره حول المفهوم الجديد للسلطة التي عبر عنها في بداية توليه للعرش.
ولعل تعيين الملك للجنة استشارية وإسناد رئاستها إلى أحد مستشاريه، وتكوين آلية لمراجعة الوثيقة الدستورية أسندت للرئيس السابق للمجلس الدستوري والمستشار الملكي الحالي، لتكرس بجلاء مضمون الإرادة السلطانية في تحريك العملية الدستورية. إذ بالرغم من مطالبة بعض القوى السياسية والتي كان على رأسها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وبالرغم من الحراك السياسي الذي طالب بملكية برلمانية، فقد تحكمت الإرادة السلطانية في تحديد طبيعة هذه العملية لا من ناحية توقيتها السياسي والزمني (8)، ولا من ناحية تحديد آليات صياغتها القانونية والاستشارية،(9) ولا من ناحية عرضها على الاستفتاء الشعبي (10).
وبالتالي، فبالرغم من كل الاختلاف الجوهري في بعض مقتضيات الوثيقة الدستورية للملك الراحل ووثيقة وريثه، سواء من خلال بعض المضامين المتعلقة بالهوية الوطنية، أو طبيعة الحريات الفردية أو من خلال تغيير طبيعة الهندسة الدستورية (كتوسيع صلاحيات رئيس الحكومة، وصلاحيات مجلس النواب ...)، فقد بقي الجوهر السلطاني هو حجر الأساس السياسي لأول وثيقة دستورية للملك محمد السادس.
فليس اعتباطا أن يستقبل الملك، مرفوقا بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، بالقصر الملكي بتطوان "محمد أشركي رئيس المجلس الدستوري الذي رفع إلى جلالته قرار المجلس المتضمن للنتائج النهائية والكاملة للاستفتاء على الدستور"، في 9 يوليوز 2011، الذي صادف ذكرى ميلاد والده الملك الذي أصدر أول وثيقة دستورية كرست صلاحيات المؤسسة الملكية شبه المطلقة وحضورها المهيمن في تسيير الشأن العام من خلال آليات احتكار القرار السياسي من خطب وظهائر، ورسائل، وجولات وزيارات ملكية.
ثانيا- التجسيد السياسي للملكية التنفيذية
بالرغم من المقتضيات الجديدة التي تضمنها دستور فاتح يوليوز 2011، من توسيع صلاحيات البرلمان وإضافة اختصاصات جديدة لرئيس الحكومة، (11) فإن هذا لم يقلص من المجال الممتد لسلطة الملك وصلاحياته غير المحدودة وتحركه في مختلف المجالات والقطاعات وحضوره المادي والسياسي من خلال آليات حكم ما زالت تجسد الحضور السلطاني كالظهائر السلطانية، والتعليمات الملكية بالإضافة إلى الرسائل الملكية.
الظهائر السلطانية
على الرغم من المسحة العصرية التي اكتستها الوثيقة الدستورية من خلال التنصيص على إقرار الحريات الأساسية وتكريس حقوق الإنسان، فإنها لم تنجح في إخفاء العمق السلطاني الذي كان يتحكم في تصريف مخرجاتها السياسية؛ فالظهير، الذي التصق بنظام الحكم السلطاني منذ مأسسته مع السلاطين السعديين وتكريسه مع السلاطين العلويين، هو الذي كان وما زال يجسد القرارات الملكية في تسييرها للشأن العام دون أن تتعرض هذه القرارات لأية مساءلة سياسية أو تعرض لأية مسطرة قضائية .وهكذا، مارس الملك الراحل الحسن الثاني، على غرار السلاطين العلويين- حكمه من خلال إصدار الظهائر الملكية في مختلف المجالات سواء كانت سياسية أو دينية (12)، حيث عادة ما كانت تحاط هذه الظهائر بمختلف مظاهر التقديس المراسيمي، حيث كان يتم تقبيل الظهائر الشريفة ثلاث مرات قبل الشروع في قراءتها وأحيانا كانت تحضر فرقة من "مخازنية" القصر لترديد عبارة "الله يبارك في عمر سيدي" (13).
وبالتالي، فبالرغم من التعديلات التي همت مقتضيات الدستور الجديد لفاتح يوليوز 2011 والتي طالت الفصل ال19 الوارد في دستور 1996 حيث تم تعويضه بالفصلين ال41 وال42 من دستور 2011، فقد بقي هذا الدستور محافظا على مضمونه "التقليداني"، حيث أضاف إلى الاختصاصات الأصلية للملك الواردة في مختلف أبواب الدستور، اختصاصات واسعة، غير مقيدة، تأكيدا على مبدأ سمو الملك على الدستور، وعلى سائر السلط. فبمقتضى الفصلين ال41 وال42 من الدستور الجديد فإن الملك هو من يحتكر المجال الديني أو "السلطة الدينية" دون سواه، ولا شيء يحول دون قيامه بصلاحيات السلطة التشريعية وصلاحيات السلطة التنفيذية عن طريق إصدار ظهائر ملكية تضفي على قرارات الملك حصانة سياسية وفوق دستورية لا تفيد سلطة الملك ولا تخضعها لأية رقابة قضائية أو دستورية
الظهير وتوسيع الصلاحيات الملكية
تتيح الظهائر للملك تقاسم ''وظيفة التشريع'' مع كل من البرلمان، (القانون) والحكومة (القوانين التنظيمية والمراسيم)؛ فالملك يحل محل البرلمان بموجب الدستور ليتولى ممارسة وظيفة التشريع في الأحوال العادية أو الاستثنائية، أو الانتقالية، وهو بذلك اختصاص ولائي شامل غير مقيد بوجود برلمان من عدمه. فطبقا للفصل ال96 من الدستور يمكن للملك (بعد استشارة رئيس المحكمة الدستورية وإخبار رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين أن يحل بظهير المجلسين معا أو أحدهما).
ومن خلال الظهائر، يعدّ الملك سلطة تشريعية غير منتخبة تنتج القوانين التي هي من اختصاص السلطتين التشريعية والتنفيذية؛ فإصدار قانون بواسطة ''ظهير ملكي'' يعدّ عملا تشريعيا، لكونه يرمي إلى إصدار قواعد عامة ومجردة. إن ''الظهير الملكي''، إذن، هو ''الشكل أو المعيار الشكلي المعبر عن الصلاحيات الدستورية للملك في المجال التشريعي.
كما أن الملك عبر الظهائر الملكية التي تتخذ شكل قوانين أو مراسيم أو نصوص تنظيمية، تمييزا لها عن الظهائر الشريفة التي يصدرها الملك لتنفيذ القانون. يمكن أن تتجاوز الاختصاص التنظيمي للحكومة الذي يبقى اختصاصا مقيدا لا يتجاوز سقف التشريع بالوكالة الدستورية، بمعنى أن القوانين التنظيمية هي محددة في الدستور (16 قانونا تنظيميا في دستور 2011) ولا يجوز الخروج عليها، بخلاف ''الظهير الملكي '' الذي يعبر عن الأفكار والرغبات الكبرى التي استلهمها الملك، باعتباره رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، وباعتباره أمير المؤمنين، وحامي حمى الملة والدين (الفصلان ال41 وال42). وعليه، فان ''الظهير الملكي'' يفرض احترام أولوية المؤسسة الملكية (14).
الظهير وحصانة القرارات الملكية
من تجليات المركز الذي يحتله الملك في النظام القانوني المغربي، ما يجسده من ناحية، تكريس القضاء لحصانة الظهير الصادر عن الملك، ومن ناحية أخرى، مكانة السلطان بالمغرب التي تتحدد في جانب منها انطلاقا من ''نظرية الإمامة'' التي تخول للملك مركز ''القاضي الأعظم'' كنتيجة مترتبة عنها. وهكذا، نجد أن ''إصدار الفتاوى'' يتولاه الملك، باعتباره رئيس المجلس العلمي الأعلى الذي يعتبر ''الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى".
وهكذا، ينص الفصل ال41 من الدستور الحالي على ما يلي: (الملك أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية .يرأس الملك أمير المؤمنين المجلس العلمي الأعلى الذي يتولى دراسة القضايا التي يعرضها عليه، ويعتبر الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى التي تعتمد رسميا في شأن المسائل المحالة إليه، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف ومقاصده السمحة. تحدد اختصاصات المجلس وتأليفه وكيفيات سيره بظهير. يمارس الملك الصلاحيات الدينية المتعلقة بإمارة المؤمنين والمخولة له حصريا بمقتضى هذا الفصل بواسطة ظهائر) (15).
كما يحل الملك محل البرلمان في تشريع القوانين، خاصة أنه هو الذي يرأس افتتاح دورته الخريفية السنوية، حيث يلقي خطابه التوجيهي الذي يحدد توجهات العمل التشريعي لنواب الأمة ومنتخبي الشعب؛ وهو ما يقلص من مدى استقلالية المؤسسة البرلمانية عن المؤسسة الملكية (16). كما أن مضامين الخطب الملكية "لا يمكن أن تكون موضوع نقاش داخل البرلمان؛ وذلك طبقا لمقتضيات الفصل ال52 من الدستور، كما أنه بإمكانه حل البرلمان من خلال الإعلان عن حالة الاستثناء بظهير وذلك طبقا للفصل ال59 من الدستور (17).
وعلى الرغم من تنصيص الدستور الحالي على السلطة القضائية والتأكيد على استقلاليتها عن (السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية، فالملك يبقى هو الضامن لاستقلال السلطة القضائية) بما في ذلك المحكمة الدستورية. وهذا ما يجعل من أمر إعمال مبدأ الرقابة الدستورية على الظهائر الملكية غير ممكن بالنظر إلى كون الملك هو من يتولى تسمية وتعيين رئيس المحكمة الدستورية، بالإضافة إلى تعيين نصف أعضائها (18).
وبالتالي فليس هناك سلطة تعلو فوق سلطته، سواء تشريعية، تنفيذية أم قضائية؛ فاستنادا إلى مبدأ سمو المؤسسة الملكية الذي يتمظهر في اختصاصات الملك الواسعة، وفي وحدة السلطة على مستواها، واستنادا أيضا إلى المهام التي يكلف بها بموجب الدستور وبموجب مهامه الدينية واعتمادا كذلك على مركزية الظهير، فإن سلطة الملك ليست مقيدة بحدود دستورية، فهي تسمو على الدستور وبذلك يتعذر إخضاعها للرقابة الدستورية أي استحالة أن تشكل الظهائر الملكية موضوع لأية رقابة دستورية، سياسية كانت أم قضائية (19).
التعليمات الملكية
بالرغم من أن الدستور الحالي، وعلى غرار سابقيه من الدساتير الصادرة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، لا تتضمن أية إشارة إلى التعليمات الملكية، (20)، فإن الملك عادة ما يمارس سلطته خاصة في تعامله مع أعضاء (حكومة جلالته) من خلال إصدار (التعليمات السامية). إن هذه التعليمات، التي لا تكتسي أية صبغة دستورية أو قانونية، تعدّ امتدادا للأوامر السلطانية التي كان معمولا بها طيلة حكم سلاطين المغرب؛ فالسلطان كان يصدره أوامره طبقا لنظام التفويض السلطاني المستمد إلى شرعية ثيوقراطية. وبهذا الصدد، كتب محمد الحبابي أن "الخليفة ليس له مشارك في سلطته، بحيث ليس هناك أي أحد له سلطة على المسلمين، باستثناء تلك السلطة التي تصدر عنه وبتفويض منه ...لذا فالعمال ... وكل من يمتلك أية سلطة ...سواء كانت زمنية أو روحية، وزراء، قضاة ...كل هؤلاء مفوضون من طرف الخليفة ...." (21).
وهكذا دأب الملك محمد السادس على إصدار تعليماته إلى أعضاء حكومته، سواء قبيل الدستور أو بعده. ولعل البلاغات التي تصدرها مختلف وسائل الإعلام، وعلى رأسها وكالة الأنباء الرسمية، لتعكس حضور هذه التعليمات حضورا ملحوظا ومستمرا. وهكذا، نقلت وكالة الأنباء أن (جلالة الملك محمد السادس استقبل في 11 أبريل 2011، بالقصر الملكي بالرباط، عبد العالي بنعمور، رئيس مجلس المنافسة.
وأكد جلالة الملك، خلال هذا الاستقبال، على الأهمية البالغة، التي يوليها جلالته لتعزيز الدور المهم لهذه المؤسسة، في توطيد دولة الحق في مجال الأعمال والمساهمة في تأهيل وتحديث الاقتصاد الوطني وتعزيز تنافسيته وتحفيزه وجذبه للاستثمار المنتج، الكفيل بالرفع من وتيرة التنمية وتوفير فرص الشغل والعيش الكريم لكافة المواطنين ولا سيما منهم الشباب. وفي هذا الصدد، أصدر جلالته تعليماته السامية للحكومة قصد إعادة النظر في الإطار التشريعي المنظم لهذه المؤسسة في اتجاه تعزيز استقلاليتها وتوسيع اختصاصاته).
كما أن الملك بإمكانه أن يصدر أوامره للحكومة مجتمعة تبعا لطبيعة الملف المعروض، يمكن أن يصدر (تعليماته السامية) إلى الوزير المعني على إثر أي حادث أو طارئ معين على غرار ما حدث في مراكش بعد تفجير مطعم أركانا بجامع الفنا. وهكذا، نقلت وسائل الإعلام بتاريخ 28 أبريل 2011 أن (جلالة الملك محمدا السادس عبر عن صادق تعازيه ومواساته لأسر ضحايا الانفجار الإجرامي الذي استهدف مقهى بمدينة مراكش، معلنا جلالته عن قراره المولوي بالتكفل بلوازم دفنهم، ومآتم عزائهم. وأصدر جلالة الملك أيضا تعليماته السامية إلى وزيري الداخلية والعدل، كي تقوم السلطات المختصة بفتح تحقيق قضائي لتحديد أسباب وملابسات هذا الانفجار الإجرامي وبالتعجيل بإخبار الرأي العام بنتائج هذا البحث بما يقتضيه الأمر من شفافية، وكشف للحقيقة ومن التزام بسيادة القانون، وحفظ للطمأنينة ولأمن الأشخاص والممتلكات، في ظل سلطة القضاء).
وعلى الرغم من مستجدات دستور فاتح يوليوز 2011، والتي كان من أبرزها الارتقاء بالمكانة الدستورية «للوزير الأول» إلى «رئيس للحكومة»، و"تعيينه من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب وعلى أساس نتائجها " طبقا لمقتضيات الفصل ال47 من هذا الدستور، فما زال الملك يصدر تعليماته مباشرة إلى أي وزير دون المرور عن رئيس الحكومة. فقد ذكر (بلاغ للديوان الملكي أنه في إطار العناية الموصولة لمولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أعزه الله، لبيوت الله، أصدر، حفظه الله، تعليماته السامية لوزراء جلالته في الداخلية والاقتصاد والمالية والأوقاف والشؤون الإسلامية، بتكوين لجنة دائمة تنكب على حالة المساجد المغلقة).
من هنا، يظهر أن الملك من خلال (تعليماته السامية) يمكن أن يخترق كل البنيات التنظيمية والمؤسساتية، ليصدر (أمره المطاع) لأي وزير، وعلى رأسهم رئيس الحكومة، أو أي والي، أو أي عامل، بتنفيذ قرار، أو تسوية وضعية، أو توقيف وعزل أي موظف دون المرور عبر المساطير سواء كانت دستورية، أو تنظيمية، أو إدارية.
فكل دواليب الدولة بتعقيداتها التنظيمية، وبنيتها البيروقراطية تنسحب وتنحي أمام (التعليمات السامية للملك التي يمكن أن يتخذها، سواء خلال استقراره بالعاصمة الإدارية للمملكة أو من خلال زيارات وتنقلاته داخل ربوع المملكة. وهكذا، فإن الملك حسب المقتضيات الدستورية والعرفية هو صاحب السلطة الحقيقية، فهو الذي يعين كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين بما فيهم الولاة والعمال في مختلف أقاليم وجهات المملكة .وبالتالي، فإن الزيارات الملكية إلى بعض الأقاليم غالبا ما تكون لتدشين بعض المشاريع، والاطلاع عن كثب عن سير بعض المشاريع المنجزة فيها. وهكذا، شكلت هذه الزيارات الملكية، آلية من آليات تسيير الشؤون المحلية وتجسيدا من تجسيدات (عرش السلطان على جواده).
ونتيجة لهذا الوضع، فكثيرا ما شكلت زيارات الملك لبعض الأقاليم مناسبة لإصدار الملك تعليمات بإقالة بعض المسؤولين المحليين؛ إما بسبب التقصير في اتخاذ بعض الإجراءات، أو البطء في سير بعض الأشغال، أو التأخر في إنجاز بعض المشاريع في الإقليم. وفي هذا السياق، فقد تم عزل بعض ممثلي جلالة الملك خلال أو على هامش بعض الزيارات الملكية لبعض الأقاليم، كما حدث ذلك بالنسبة إلى عزل عامل إقليم خنيفرة في إحدى زيارات الملك محمد السادس لهذا الإقليم، أو توقيف والي أمن الدار البيضاء الكبرى السابق بسبب أخطاء ارتكبت من لدن موظفين أمنيين تابعين له ونقله إلى مدينة نائية بجنوب المغرب.
كما كانت تشكل مناسبة لإعطاء أوامره لمعالجة أوضاع أمنية خاصة؛ فخلال زيارته لمدينة الدار البيضاء في أبريل 2014 (أصدر جلالة الملك محمد السادس تعليماته السامية لمواجهة الجريمة وحث وزارة الداخلية ومختلف الأجهزة الأمنية، تحت وصايتها، على محاربة الظاهرة الإجرامية واستتباب الأمن ضمانا لسلامة وحرمة ممتلكات المواطنين. وأعطى جلالة الملك توجيهاته السامية إلى كل من الوزير محمد حصاد، والوزير المنتدب في الوزارة نفسها الشرقي الضريس، من أجل تكثيف العمل في مختلف جهات المملكة بين كل المنتمين إلى الأسلاك الأمنية (23).
الرسائل الملكية
بالرغم من رفع مظاهر القداسة التي كان يتمتع بها الملك في الدساتير السابقة على دستور فاتح يوليو ز(24)، فإن شخص الملك (أو الذات الملكية) ما زال محاطا بقداسة تاريخية ودينية وسياسية خاصة مستمدة من البيعة التي تؤسس لسلطته، وتكرس من خلال مراسيم حفل الولاء السنوي، بالإضافة إلى مظاهر تقبيل (اليد الشريفة) التي ما زال لم يتم الحسم في إلغاء مراسيمها. وبالتالي، فقد بقي شخص الملك حاضرا بقوة في المشهد السياسي بالمغرب، حيث إن كل الإشارات أو الكلمات التي تصدر عن شخص الملك تكتسي أهمية كبرى وتتمتع بدلالة سياسية ورمزية خاصة. كما تفرض تحركات الملك في مختلف المجالات والقطاعات الحضور المادي والسياسي للذات الملكية؛ الشيء الذي يعتبر شيئا مستحيلا ماديا وفيزيقيا. ولعل هذا الوضع هو الذي حتم تعيين شخصيات سياسية تعكس هذا الحضور، وتمثل الملك في عدة مجالات وأنشطة. وبالتالي، فإذا كان الولاة والعمال يعتبرون ممثلين لصاحب الجلالة في مختلف ربوع المملكة وأنحائها، والقضاة يعتبرون ممثلين لجلالة الملك في إصدار الاحكام في مختلف محاكم المملكة، فإن المستشار الملكي يشكل امتدادا للذات الملكية من خلال تمثليه الشخصي، وتلاوة رسائله الملكية خلال افتتاح التظاهرات أو الملتقيات الدولية والمحلية.
وبالتالي، فعادة ما ينم افتتاح بعض اللقاءات والمناظرات بإلقاء المستشار رسالة ملكية تتضمن تصورات وتوجيهات الملك بصدد محاور هذه اللقاءات والمنتديات؛ حيث تتلى هذه الرسالة محاطة بكل مظاهر التقديس والتشريف والمتمثلة في تقبيل الرسالة من لدن مستشاري الملك، وكذا بكلمات الاحترام المخزني التي تلقى لهذا الغرض.
وبهذا الصدد، تلا المستشار الملكي محمد معتصم نص الرسالة (السامية) التي وجهها الملك محمد السادس إلي المشاركين في المناظرة الوطنية للرياضة التي انعقدت بالصخيرات. كما وجه الملك رسالة (سامية) إلى المشاركين في المؤتمر السادس إلى جمعية المحاكم والمجالس الدستورية٬ التي تتقاسم استعمال اللغة الفرنسية٬ المنعقد تحت الرعاية السامية لجلالة الملك بمراكش في 4 يوليوز 2012 بمراكش٬ حيث تكلف بتلاوتها السيد عبد اللطيف المنوني مستشار (صاحب الجلالة) الجديد.
ولا تقتصر رسائل الملك على افتتاح المناظرات الوطنية أو الملتقيات الدولية، بل يمكن للملك أن يوجه رسائله (السامية) إلى مختلف الدوائر الحكومية؛ وعلى رأسها رئيس الحكومة، حيث وجه الملك بهذا الصدد رسالة سامية إلى رئيس الحكومة بتاريخ 3 مارس 2014 حول الإحصاء العام السادس للسكان والسكنى لشتنبر 2014، والتي عكست إلى حد كبير الصيغ المخزنية التي تكرس الأوامر الصادرة عن السلطان إلى صدره الأعظم، حيث يستشف ذلك من خلال النص الكامل لهذه الرسالة الملكية (السامية)
"الحمد لله وحده،
والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه.
محب جنابنا الشريف السيد عبد الإله ابن كيران
رئيس الحكومة
أمنك الله ورعاك،
والسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته،
لقد حرصنا، منذ اعتلينا عرش أسلافنا المنعمين، وفي إطار الاستراتيجية الإحصائية، على أن يتم إنجاز الإحصاء العام للسكان والسكنى للمملكة في نفس الشهر على رأس كل عشر سنوات، اعتبارا لما توفره مثل هذه العملية الوطنية الكبرى دوريا من قاعدة معطيات أساسية ومحينة، حول مختلف مستويات التراب الوطني، تتيح التقييم الموضوعي لأداء سياساتنا العمومية في مجال التنمية، ولما حققته بلادنا من تقدم اقتصادي واجتماعي. كما تشكل أداة ضرورية لإعداد مخططات جديدة، تكون في مستوى طموحات شعبنا العزيز لتحقيق المزيد من المنجزات الاقتصادية والاجتماعية، وفي مجال التنمية البشرية، من أجل ضمان العيش الكريم لكل المواطنين، ومواكبة ما يعرفه العالم من تطور متسارع في ميادين الاقتصاد والمعرفة والتكنولوجية والقيم المجتمعية.
ويستند حرصنا هذا على ما هو منوط بجلالتنا من مسؤولية السهر على رعايانا الأوفياء، بمختلف فئاتهم وجهات إقامتهم، وعلى وفاء المملكة المغربية لتعهداتها الدولية بصفة عامة، ولتوصيات منظمة الأمم المتحدة المتعلقة بدورية القيام بإحصاءات السكان والسكنى في العالم.
وفي هذا الإطار، فإن الإحصاء السادس للسكان والسكنى، الذي ستشهده بلادنا في أواخر صيف هذا العام، بما سيوفره من معطيات إحصائية، ديموغرافية واقتصادية واجتماعية وثقافية، يكتسي أهمية خاصة، اعتبارا لمميزات سياقه الدولي والوطني.
فهو يصادف دوليا مرحلة تقييم مستوى إنجاز أهداف الألفية للتنمية البشرية، في أفق 2015، وتحديد أهدافها لما بعد هذا الاستحقاق الزمني، موازاة مع ما تعرفه الساحة الوطنية من إشراف مبادرتنا الوطنية للتنمية البشرية، على اكتمال عشر سنوات من إطلاقها، علاوة على مواصلة بلادنا للإصلاحات البنيوية، الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والبيئية، في خضم تفعيل مقتضيات الدستور الجديد، بما تنص عليه من جهوية متقدمة، ومن إقامة هيئات ديمقراطية تشاركية، على مختلف الأصعدة والمؤسسات.
السيد رئيس الحكومة،
لا يخامرنا شك في أنك، رعاك الله، لن تذخر جهدا لتيسير إنجاز هذه العملية الوطنية الكبرى، في أحسن الظروف، ووفق شروط الحكامة الجيدة، بما يتطلبه ذلك من تدابير قانونية وتنظيمية، على أساس تعبئة جميع الإدارات العمومية، والمصالح اللاممركزة، والجماعات الترابية، من أجل ضمان إنجاحها.
وفي هذا الإطار، ندعو بصفة خاصة، كلا من وزير الداخلية والمندوب السامي للتخطيط، للسهر على التنظيم الأمثل لهذا الإحصاء، وفي الآجال المحددة، وذلك بتنسيق محكم مع باقي القطاعات الوزارية، والمؤسسات العمومية، والسلطات والهيئات التمثيلية الوطنية والجهوية والإقليمية والمحلية.
وفي هذا الصدد، فإننا ننتظر من جميع الولاة والعمال، أن يعملوا على تعبئة جميع الوسائل اللازمة، البشرية منها واللوجستيكية، وتوفير شروط التنسيق الفعال بين مختلف المصالح الإدارية والجماعات الترابية، بتعاون وثيق مع الإدارات الجهوية للمندوبية السامية للتخطيط، ومصالحها الجهوية، حتى تكون هذه العملية في مستوى التقدير الذي نالته سابقاتها، سواء على المستوى الوطني أو الدولي، على المعهود في الجميع من وعي بالمسؤولية وحرص على القيام بها على الوجه المأمول.
كما نهيب بصفة خاصة، بجميع المواطنين في المدن والقرى، أن يكون استقبال أسرهم للباحثين والمؤطرين لعملية الإحصاء، بما عهدناه فيهم من غيرة على المصلحة الوطنية، ووعي بالغايات التنموية التي تهدف إليها. كما لا يفوتنا أن ندعو أفراد الجاليات الأجنبية، التي تقيم بكيفية دائمة أو مؤقتة، في مختلف أرجاء التراب الوطني، أن يسهروا بدورهم على تخصيص الحيز الضروري من وقتهم للمساهمة في هذه العملية، بما تقتضيه الأعراف الدولية، وما نعرف عنهم من صداقة واحترام لبلادنا.
كما نود أن نتوجه بالتقدير، لنساء ورجال التعليم الذين سيتجندون للمساهمة في إجراء الإحصاء المزمع القيام به.
نسأل الله أن يمدك بموصول التوفيق والسداد.
والسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته".
من خلال ما تقدم، يلاحظ أنه بالرغم من الحراك السياسي ل20 فبراير 2011، ومنح الملك لدستور فاتح يوليوز بمقتضياته الدستورية التي وسعت من مجال اختصاصات الجهاز الحكومي والبرلماني، فما زال الجوهر السلطاني هو الذي يحرك النظام السياسي بالمغرب؛ فالسلطان من وراء جبة الملك هو الذي يحكم ويقرر في مختلف المجالات الاستراتيجية وغير الاستراتيجية للسلطة.
فكما يتحرك موكب الملك لتدشين مشاريع كبرى كمشروع ميناء طنجة المتوسط، أو سد من السدود أو محطة ريحية أو شمسية، يمكن أن يتحرك الموكب نفسه لتدشين مركز صحي أو دار طالبة في إحدى المناطق النائية. فالملك بظهائره، وتعليماته ورسائله، يبقى هو القلب النابض لنظام سياسي (25) يتبنى مظاهر العصرنة الدستورية ويتشبث بثوابت السلطنة الملكية .(26) بكل ما تمثله من احتكار للسلطة (بمختلف أشكالها الدينية والعسكرية والدبلوماسية والسياسية والرمزية)، ومراكمة للثروة الاقتصادية (27) بمختلف مصادرها وقطاعاتها.
هوامش
قد يذكر هذا بالكيفية التي تم التشبث بها بمشروع القطار فائق السرعة طنجة الدار البيضاء والعمل على تمويله وتنفيذه، في الوقت الذي مازال المشروع السككي المنطلق من مراكش نحو الجنوب الذي نادى به الملك الراحل الحسن الثاني في بداية ثمانينيات القرن الماضي رهين الرفوف والأدراج.
قضية مزرعة عبد العزيز كما في ''قضية مصطفى أفقير''، الذي اعتبر ''المجلس الأعلى"- محكمة النقض حاليا- أن طلب إلغاء قرار المدير العام للأمن الوطني أصبح غير ذي موضوع، بعد أن صودق عليه بظهير
صرّح الملك الحسن الثاني، في عز صراعه مع المعارضة، بأنه يمكن أن يعين من يشاء كوزير، بمن فيهم سائقه الخاص
كانت وثيقة البيعة المشروطة التي كتبها الكتاني لمبايعة المولى عبد الحفيظ هي الوثيقة اليتيمة إلى حد الآن التي حاولت تقييد سلطة الحاكم؛ لكنها أجهضت وعرضت صاحبها لغضب السلطة وانتقامها فيما بعد
دافع صديق الملك رضى كديرة عن اختيار الملك لهذه المسطرة السياسية في وضع الدستور بقوله إنه "فيما يخص المغرب لم يكن ضروريا ولا ممكنا اللجوء إلى جمعية تأسيسية، لم يكن ضروريا لأن الأمة قاطبة عبرت دائما عن تعلقها الراسخ بجلالة الملك ... فمن المتعارف عليه أن السلطة التأسيسية تكون دائما صاحبة السلطة العليا. وفي المغرب يعتبر الملك صاحب هذه السلطة الوحيد فما الدستور إلا تجديد لرباط البيعة المقدسة التي جمعت دائما بين الشعب والملك، والتي هي شرط لكل انتصاراتنا"
عبد الفتاح أيت إدري – استراتيجية شرعنة المؤسسة الملكية بالمغرب ما بين 1962و 1992 – الحوار المتمدن 23 فبراير 2014
جلالة الملك يترأس حفل تنصيب اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور. نشر في يوم 10 - 03 – 2011
"استقبل جلالة الملك محمد السادس، مرفوقا بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن وبصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، بالإقامة الملكية بوجدة، عبد اللطيف المنوني رئيس اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور الذي يرفع إلى جلالته المشروع الذي أعدته هذه اللجنة بعدما أنهت داخل الآجال المحددة المهمة التي أناطها بها جلالته في هذا الشأن في الخطاب الملكي التاريخي لتاسع مارس 2011. واستقبل جلالة الملك محمد معتصم مستشار جلالته بصفته رئيس الآلية السياسية للمتابعة والتشاور وتبادل الرأي بشأن مشروع مراجعة الدستور الذي رفع للنظر الملكي تقريرا تركيبيا عن مداولات الآلية والآراء والاقتراحات والملتمسات التي عبر عنها أعضاؤها من زعماء الهيئات السياسية والمركزيات النقابية الوطنية، وذلك بعد اطلاعهم، من قبل عبد اللطيف المنوني، على المضامين الرئيسية لمشروع المراجعة الدستورية"
أصدر جلالة الملك يوم 17 يونيو 2011 توجيهاته إلى مستشار جلالته محمد معتصم بعقد اجتماع قريب للآلية السياسية لتمكين أعضائها من مسودة مشروع المراجعة الدستورية قصد تبادل الرأي والمشورة بشأنها وكذا مواصلة الآلية عقد اجتماعاتها التشاورية في نطاق المهام الموكولة إليها
جلالة الملك محمد السادس يترأس، مرفوقا بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، بقاعة العرش الكبرى، بالقصر الملكي بالرباط، مجلسا للوزراء، تمت خلاله المصادقة، على الخصوص، على مشروع الدستور الجديد. ويستقبل جلالته بالقصر الملكي بالرباط، الأعضاء الأربعة الجدد المعينين بالمجلس الدستوري ويتعلق الأمر بامحمد الداسر ومحمد القصري العضوين المعينين من قبل جلالة الملك - شيبة ماء العينين العضو المعين من طرف رئيس مجلس النواب - محمد إتركين العضو المعين من قبل رئيس مجلس المستشارين.
جلالة الملك محمد السادس يوجه خطابا إلى الأمة يعرض فيه جلالته الخطوط العريضة لمشروع الدستور الجديد، كما يعلن جلالته أن الاستفتاء الشعبي على هذا المشروع سيجرى في فاتح يوليوز 2011."
في 30 يوليوز 2011: "جلالة الملك محمد السادس يشيد، في الخطاب السامي الذي وجهه إلى الأمة بمناسبة الذكرى 12 لتربع جلالته على العرش، بالانخراط القوي للشعب المغربي قاطبة في إنجاز التحول الكبير المتمثل في التصويت بأغلبية ساحقة على الدستور الجديد الذي اعتبره جلالته «تعاقدا متجددا مرسخا للعهد الوثيق بين العرش والشعب".
من أبرز مستجدات دستور فاتح يوليوز 2011، تعزيز صلاحيات الحكومة وتمتيعها بسلطات أكبر، والارتقاء بالمكانة الدستورية «للوزير الأول» إلى «رئيس للحكومة» ودسترة مجلس الحكومة وتحديد وتوضيح اختصاصاته، وربط المسؤولية بالمحاسبة، ودسترة المعارضة. بالإضافة إلى ذلك أدمجت هذه الوثيقة الدستورية توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة المتعلقة بالتعديل الدستوري، واستحضرت أيضا بعض مضامين النقاش الذي ساد أثناء الإعداد للخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان، وهي أمور جديدة على مسطرة تعديل الدساتير بالمغرب.
وأضاف أن صياغة الدستور اعتمدت مقاربة تشاركية لم يسبق أن نهجها المغرب من قبل، سمح فيها للمجتمع المدني بالترافع، وأطر ذلك حضور إعلامي متميز، انفتح على كافة القوى السياسية والاجتماعية بما فيها تلك التي كانت لها مواقف رافضة لكيفية إعداد الدستور.
إصدار ظهير إنشاء المجلس الأعلى للعلماء وغيرها من الظهائر
أكد جملة من المؤرخين أن هذا التقليد كان معمولا به في القرن السادس عشر كرمز لحضور الملك رغم غيابه عن المكان وقد عمل الملك الراحل الحسن الثاني على إعادة إحياء هذا التقليد، في كل مناسبة أتليت فيها رسالة أو كتاب ملكي أو بمناسبة تعيين القضاة أو شخصيات وازنة في مواقع سامية
عبد الحق بلفقيه – "التشريع بواسطة الظهير الملكي "– نشر بموقع طنجة 24- بتاريخ 24 غشت 2014
طبقا للفصل 42، ( توقع الظهائر بالعطف من قبل رئيس الحكومة ما عدا تلك المنصوص عليها في الفصول 41 و44 و51 و57 و 59 و130 و174
16- طبقا للفصل 65 من الدستور
17- سبق للملك الراحل الحسن الثاني أن حل البرلمان بعد إعلانه حالة الاستثناء في منتصف ستينيات القرن الماضي، ومارس كل الصلاحيات التشريعية طيلة الفترة التي علق فيها البرلمان .
18- طبقا للفصل 107 من الباب السابع الذي خصصه دستور فاتح يوليوز 2011 (لاستقلال القضاء)
19- "إن الملك فيما يرجع إلى الأستاذ مصطفى السحيمي يمارس الرقابة على دستورية القوانين من خلال طلب القراءة الجديدة، حل البرلمان، إصدار القانون، وإحالة القانون على المجلس الدستوري. ولم يختلف رأي رئيس المجلس الدستوري الأستاذ محمد أشركي الذي قال في هذا الصدد '' وينطوي ظهير الأمر بتنفيذ القانون أيضا على معنى الرقابة على دستورية القانون ''، بحيث أن الفصل 42 من الدستور الجديد ينص على أن '' الملك هو الذي يسهر على احترام الدستور '' فإن ظهير تنفيذ القانون هو دلالة على أن القانون مطلق للدستور، ويسري هذا الأمر على مسطرة '' القراءة الجديدة '' والإحالة على الاستفتاء.
ومن جهته يرى الأستاذ محمد معتصم بأن'' من الصلاحيات التي يخولها الدستور للملك، توجد صلاحية مراقبة كل أجهزة الدولة بدأ بمراقبة العمل الحكومي من خلال المجلس الوزاري ومرورا بمراقبة دستورية التشريع البرلماني عبر سلطة الأمر بإصدار القوانين... وفي نفس السياق، يذهب الأستاذ عبد اللطيف المنوني على اعتبار أن الملك بكونه ‘‘... يسهر على احترام حقوق الإنسان وحريات المواطنين والجماعات...'' فانه يبدو كأن الدستور يكلفه بمهمة مراقبة يمكن أن تنصب على القانون، الذي وحده مؤهل للتدخل في الحقوق والحريات الفردية والجماعية''. وذهب البعض إلى اعتبار أن مراقبة الملك هي أشمل من المراقبة التي يمكن أن يمارسها المجلس الدستور باعتبار أن أمير المؤمنين أن يجمع بين مراقبة إسلامية للقوانين ومراقبة دستوريتها، ويكون في مركز مشروعية أكبر من المجلس الدستوري.
وهنا تطرح الإشكالية التالية: كيف يراقب الظهير الملكي المعبر عن الملك الذي يعتبر في نفس الوقت- في الفقه المغربي- مراقبا دستوري ومؤولا دستوري وله سلطة اصدار الفتاوى ؟؟؟
عبد الحق بلفقيه "-التشريع بواسطة الظهير الملكي "– ن م
20- بخلاف الظهائر الملكية، والخطب الملكية، التي تنص عليها بعض المقتضيات الدستورية .
21- Lahbabi Med : le gouvernement marocain à l' aube du XX siecle – ed itions techniques nord africaines-Rabat-p73
22- على غرار التنقلات السلطانية، عادة ما يتم قبل كل زيارة ملكية إلى منطقة ما، إرسال قسم هام من الفرق الأمنية المختلفة إلى المنطقة أو الإقليم الذي سيزوره الملك لتدعيم الأجهزة الأمنية هناك، وتأمين كل الشروط الأمنية الخاصة بهذه الزيارة. كما يتم التهييء لهذه الزيارة الملكية من خلال قيام بعض مستشاري أو مستشارات الملك بزيارة للإقليم للوقوف على حجم الاستعدادات والترتيبات المتعلقة بهذه الزيارة، وتحديد المشاريع التي سيدشنها الملك، والتنسيق مع ممثلي السلطة المحلية بهذا الشأن. وبالتالي، فقد أصبحت هذه الزيارات تشكل ضغطا على مختلف الأجهزة والسلطات المحلية للأقاليم، حيث تحرص هذه الأخيرة على أن تمر هذه الزيارة في أحسن الظروف، فتقوم بمضاعفة جهودها من إعادة تبليط الشوارع، وصباغة الممرات والطرق والأمكنة التي من المرجح أن يمر منها الموكب الملكي .
23- تنفيذا لهذه التعليمات الملكية عقد وزير الداخلية محمد حصاد جلسات تعزيز التنسيق الأمني وهو الأمر الذي احتضنه مقر ولاية جهة الدار البيضاء الكبرى، بحضور الشرقي الضريس الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية وخالد سفير والي جهة الدار البيضاء الكبرى، وبوشعيب أرميل المدير العام للأمن الوطني وعمال عمالات ومقاطعات الجهة والمسؤولين المحليين لمختلف المصالح الأمنية (
أوامر ملكية لمواجهة الجريمة بيد من حديد
09 - 04 - 2014 بتاريخ زابريسموقع
24- تجد "قدسية" الملك سندها المرجعي في الانتماء لآل البيت الذي شكل إحدى آليات تثبيت شرعية دولة العلويين، و"قدسية" السلطة في المغرب مجسدة في المؤسسة الملكية لا تنحصر في المستوى الشكلي أو البعد الرمزي بل تنعكس مؤسساتيا كما يجسد ذلك مفهوم "قدسية الظهير الشريف"] وعدم مناقشة مضمون الخطاب الملكي الموجه إلى الأمة والبرلمان الذي ينص على أن "للملك أن يخاطب الأمة والبرلمان.. ولا يمكن أن يكون مضمونه موضوع أي ن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.