يأتي مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء ليوم الجمعة فاتح يوليوز 2011، ليصبح بعد الموافقة عليه الدستور السادس للمملكة المغربية, منذ الدستور الأول ليوم 14 دجنبر 1962، ولقد صاحبت الدساتير الخمسة السابقة التطورات التي عرفتها الساحة المغربية بمختلف تقلباتها الايجابية والسلبية، وطبع كل دستورمنها الحياة العامة والسياسية بالخصوص، بتأثيرات تجلت في الخصائص العامة لتلك الدساتير، فمن دستور 1962 المتفرد بدسترة توجه أحادي يغلب على تدبير الشأن العام, إلى دستور 1970 المنغلق في اختيار خارج التاريخ لم يعمر طويلا, إلى دستور قابل للتطور في سنة 1972 إلى دستور متطور سنة 1992 إلى دستور منفتح على آفاق جديدة سنة 1996، إلى دستور جديد تشاركي في يونيو 2011 مؤسس لملكية مواطنة متجددة وخطوة نوعية متميزة في آفاق ملكية برلمانية ديمقراطية منشودة في اصلاحات دستورية مستقبلية يفرضها لا محالة تفعيل الدستور الجديد. إن أهمية مضامين مشروع الدستور الجديد لا تكفيها هذه القراءة الاجمالية، بل تفرض علينا أن نقوم بقراءة متأنية واسعة وشاملة وأكثر دقة، نتمنى ان نوثق إليها لاحقا في دراسة خاصة تلتزم بالمنهجية العلمية الضرورية. لكن مع ذلك، من المفيد أن نقدم بعض الارتسامات الأولية بعد قراءات متعددة لنص مشروع الدستور الجديد المعروض على الاستفتاء يوم الجمعة فاتح يوليوز 2011، لنبرز طبيعة الخطوة النوعية التي يسجلها المشروع والتي نأمل أن تتجلى في تطبيق وتفعيل الدستور الجديد بعد المصادقة عليه بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية. ومن ايجابيات المستجدات في هذا المشروع أنه عرض للنقاش بشكل واسع وأبرز هذا النقاش كفايات علمية تعرضت لكثير من جوانبه ,ويمكن أن لا نضيف جديدا إلى ما قيل، لكن نعتقد أن واجبنا يفرض علينا تسجيل هذه التأملات الأولية، التزاما بالقيام بواجب وطني والذي سنجسده في صندوق الاقتراع يوم الاستفتاء. ونقترح أن نبسط هذه التأملات الاجمالية في مدخل عام مذكرين بالتحضيرات الاجمالية لمشروع الدستور الجديد. على أساس أن نعرض نتائج الاستخلاصات الأولية من قراءتنا الأولية والمتعددة لنص المشروع من خلال محورين أساسيين يلخصان مجمل مضامين الدستور الجديد بالشكل التالي: القسم الأول: الدستور الجديد يسعى لضمان وحماية ممارسة الحريات والحقوق الفردية والجماعية. القسم الثاني: الدستور الجديد قفزة متميزة في آفاق ملكية برلمانية ديمقراطية التحضير لمشروع الدستور الجديد لقد جاء الاصلاح الدستوري الجديد في المشروع المعروض على الاستفتاء رغبة في تجسيد الارادة الكامنة في مختلف المطالب التي تم التعبير عنها عدة مرات من أجل تعزيز العهد الجديد بقيادة جلالة الملك محمد السادس، بدستور جديد يوافق التوجهات الجديدة والتطلعات المشروعة في تعزيز وبناء دولة الحق والقانون والمؤسسات الديمقراطية ببلادنا. ولقد تأكد للجميع ضرورة هذه الاصلاحات الدستورية والتي لن تكون إلا لبنة أساسية في تدعيم مختلف المجهودات الايجابية المسجلة في العهد الجديد، وبالتالي لابد أن نؤكد منذ البداية أنه الدستور الجديد جاء ليصحح مسار الانتقال الديمقراطي ببلادنا، بدسترة الآليات والتوجهات والاختيارات الأساسية لضمان ذلك بتأكيد الاختيار الديمقراطي ضمن الثوابت الأساسية للمغرب والتي سماها الفصل الأول من مشروع الدستور «»بثوابت جامعة تتمثل في الدين الاسلامي السمح والوحدة الوطنية متعددة الروافد والملكية الدستورية والاختيار الديمقراطي«« ولقد انطلق التحضير الرسمي المباشر لمشروع الدستور الجديد بالخطاب الملكي الهام ليوم 9 مارس 2011 بتحديد المرتكزات السبعة للتعديل الدستوري الشامل والاعلان على تكوين لجنة خاصة لمراجعة الدستور برئاسة الاستاذ المقتدر عبد اللطيف المنوني ومشاركة سيدات محترمات وسادة محترمين لهم مكانتهم العلمية وسمعتهم الشخصية وشهرتهم بالموضوعية وتفضيلهم الاهتمام بالشأن العام والمصلحة العامة للبلاد كمواطنات ومواطنين وخبراء وخبيرات لهم ما يقولون وما يقترحون واقتناعهم بذلك. ولقد عززت من بعد هذه اللجنة بالآلية السياسية التي تضم رؤساء الأحزاب والنقابات تحت رئاسة الاستاذ محمد معتصم مستشار جلالة الملك والأستاذ الجامعي الدستوري العالم بأشياء الامور الدستورية, ماسكا بخيوطها التقليدانية الحمراء وعارفا في نفس الوقت بمستجداتها الحداثية الخضراء ,تحت التوجيهات السامية والمتجددة لقائد العهد الجديد محمد السادس الملك المواطن والمستأمن على الملكية المواطنة بتنوعاتها وتطلعاتها لتكون الملكية بالمغرب، كما تنص على ذلك أول فقرة من أول فصل في مشروع الدستور :» »نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية ديمقراطية برلمانية واجتماعية«« ليسجل النص صدى مختلف المطالب المعبر عنها في المقترحات المقدمة والتطلع نحو الافاق لتفعيل بنود الدستور الذي لا يمكن له إلا أن يتطور بتطور الأشياء إلى ما هو أفضل. ولقد جاء الخطاب الملكي ليوم 9 مارس 2011 محددا المرتكزات الأساسية لمشروع الدستور الجديد وفاتحا الاجتهاد للمزيد من الابداع والاستماع والاستجابة إلى الاقتراحات المقدمة التي يفرض التجديد الجديد للاصلاح المرتقب ضرورة دسترها في النص المرتقب. ولقد أظهرت المرتكزات الواردة في الخطاب الملكي دراسة معمقة والكشف عن خلاصات تم التوصل إليها استجابة أولية لمطالب الاصلاح المعبر عنها في مختلف المناسبات في الربيع الاخير وقبله. ولقد سجل الجميع المرتكزات السبع للاصلاح الدستوري الجديد الواردة في الخطاب الملكي المذكور والتي جاءت للتأكيد على الدسترة اللازمة كحد أدنى للأمور السبعة التالية: 1 - التكريس الدستوري للطابع التعددي للهوية المغربية الغنية بتنوع روافدها وفي صلبها الامازيغية كرصيد للمغاربة دون استثناء. 2 - ترسيخ دولة الحق والمؤسسات وتوسيع مجال الحريات الفردية والجماعية وضمان ممارستها وتعزيز منظومة حقوق الانسان بكل أبعادها. 3 - الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة وتعزيز صلاحيات المجلس الدستوري توطيدا لسمو الدستور وسيادة القانون والمساواة أمامه. 4 - توطيد مبدأ فصل السلط وتوازنها وتعميق دمقرطة وتحديث المؤسسات وعقلنتها. 5 - تعزيز الآليات الدستورية لتأطير المواطنين بتقوية دور الاحزاب في نطاق تعددية حقيقية وتكريس مكانة المعارضة البرلمانية والمجتمع المدني. 6 - تقوية آليات تخليق الحياة العامة وربط ممارسة السلطة والمسؤولية العمومية بالمراقبة والمحاسبة. 7 - دسترة هيئات الحكامة الجيدة وحقوق الانسان وحماية الحريات ويوم 10 مارس 2011 قام جلالة الملك محمد السادس بتنصيب «اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور» ودعاها «لاعتماد منهجية الإصغاء والتشاور مع جميع الهيئات والفعاليات المؤهلة بدون استثناء والاجتهاد الخلاق لاقتراح نسق مؤسسي مضبوط يقوم على التحديد الواضح لسلطات المؤسسات الدستورية, بما يجعل كلا منها يتحمل مسؤوليته كاملة في مناخ سياسي سليم». وأعلن جلالة الملك في نفس اليوم عن إحداث «آلية سياسية» مهمتها المتابعة والتشاور وتبادل الرأي بشأن مشروع الاصلاح الدستوري, تضم بصفة أساسية رؤساء الهيئات السياسية والنقابية واسند جلالته رئاسة هذه الآلية إلى مستشار جلالته الاستاذ محمد معتصم. واشتغلت كل من اللجنة الاستشارية والآلية السياسية لتحضير مسودة مشروع الدستور, [ننتظر نشر الوثائق الخاصة بذلك للاطلاع عليها وتحليلها وتقديم مضامينها والمجهود المبذول في ذلك] ويوم 11 يونيو 2011 قدم الأستاذ عبد اللطيف المنوني رئيس اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور مسودة الملااجعة الدستورية إلى جلالة الملك وأعطى جلالة الملك توجيهاته لاجتماع قريب للآلية السياسية لتمكين أعضائها من مسودة الدستور وتبادل الرأي والمشورة حول المشروع. وفي يوم الجمعة 17 يونيو 2011 انعقد المجلس الوزاري لدراسة مشروع الدستور. وفي نفس اليوم صدر الظهير الشريف رقم 82 - 11 - 1 بعرض مشروع الدستور على الاستفتاء يوم الجمعة فاتح يوليوز 2011، وصدر عدد خاص للجريدة الرسمية تحت عدد 5952 مكرر بنشر نص هذا الظهير ونص مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء. وفي مساء نفس يوم الجمعة 17 يونيو 2011 وجه جلالة الملك محمد السادس خطابا إلى الشعب المغربي يستعرض فيه مضامين مشروع الدستور الجديد والمحاور التي يتضمنها. ويعتبر هذا الخطاب الملكي تلخيصا متكاملا لمضامين مشروع الدتسور يغني عن أي تلخيص له. ونذكر أن الخطاب الملكي ليوم 17 يونيو 2011 قدم المحاور العشرة التي تلخص مضامين الاصلاح الدستوري الجديد كمايلي: 1 - التكريس الدستوري للملكية المواطنة والملك المواطن. 2 - دسترة الامازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية. 3 - دسترة كافة حقوق الانسان كما هو متعارف عليها عالميا. 4 - الانبثاق الديمقراطي للسلطة التنفيذية بقيادة رئيس الحكومة. 5 - قيام سلطة برلمانية تمارس اختصاصات تشريعية ورقابية واسعة. 6 - تخويل المعارضة نظاما خاصا وآليات ناجعة. 7 - ترسيخ سلطة قضائية مستقلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية. 8 - دسترة بعض المؤسسات الأساسية مع ترك المجال مفتوحا لإحداث هيئات وآليات أخرى لتعزيز المواطنة والمشاركة الديمقراطية بنصوص تشريعية أو تنظيمية. 9 - تعزيز آليات الحكامة الجيدة وتخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد بإحداث منظومة مؤسسية وطنية منسجمة ومتناسقة في هذا الشأن. 10 - التكريس الدستوري للمغرب الموحد للجهات.» وانطلاقا من هذا المدخل العام نقترح أن نعرض للخلاصات الأولية بشأن السمات العامة لمضامين مشروع الدستور الجديد في التحليلات القادمة. بعد القراءة الاجمالية الأولية لمشروع الدستور الجديد المعروض على الاستفتاء يوم الجمعة فاتح يوليوز 2011، نقترح أن نعرض للخلاصات الاساسية من مضامين هذه القراءة من خلال تسجيل فئتين من الخلاصات: الفئة الأولى تكمن في الاستنتاج الأساسي التالي: إن الدستور الجديد يسعى لضمان وحماية ممارسة الحريات والحقوق الفردية والجماعية. الفئة الثانية: تتجلى في اعتبار: الدستور الجديد قفزة متميزة في آفاق ملكية برلمانية ديمقراطية الفئة الأولى من الاستنتاجات تتجلى مظاهر الدستور الجديد في سعيه لضمان وحماية ممارسة الحريات والحقوق الفردية والجماعية فيما يلي: 1 - تعزيز دسترة مجموعة من الحريات والحقوق الفردية والجماعية 2 - إحداث هيئات للتشارك والحوار 3 - السعي لتصحيح وتعزيز فعالية المشهد السياسي والثقافي والجمعوي. أولا: تعزيز دسترة مجموعة من الحريات والحقوق الفردية والجماعية لقد جاء تصدير الدستور، الذي يمثل ديباجة الدستور والذي تم النص في نهايته على أنه»يشكل جزءا لا يتجزأ من هذا الدستور» وبذلك اعفى الفقهاء من النقاش القديم الجديد حول الطبيعة القانونية والالزامية لهذا التصدير. ولقد تضمن مجموعة من التوجهات العامة التي تلزم السلطات العمومية بمختلف تنوعاتها وتراتبها باحترام والعمل على تفعيلها باعتبار ان الدستور هو اسمى نص قانوني يجب على الجميع الامتثال له واحترام مضامينه نصا وروحا. ولقد تم التأكيد على احترام مختلف تلك الحقوق والحريات والواجبات ايضا ضمن الثوابت الاساسية للمملكة المغربية المنصوص عليها في الاحكام العامة الواردة بعد هذا التصدير في الباب الاول في الفصول من[ 1 الى 18 ] وكذلك الحريات والحقوق الاساسية الواردة في الباب الثاني الذي يشمل الفصول من[19 الى 40] ولقد تصدرت الاحكام العامة مضامين الفصل الاول من مشروع الدستور الذي جاء بمستجدات تعكس التأطير العام و البناء الاجمالي للهيكلة الدستورية بتحديد طبيعة نظام الحكم بالمغرب ومرتكزات النظام الدستوري للمملكة والثوابت الجامعة التي تستند عليها الامة في حياتها العامة [الفصل الاول]كما تم التأكيد على أن السيادة للامة تتحقق بآليات حددت في الفصل ] 2 [ وتم التأكيد على أن الاسلام دين الدولة، وان الدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية[الفصل 3 وتأكيدا للهوية المغربية المتنوعة نص الفصل ] 5[ على أن «تظل العربية اللغة الرسمية للدولة» وتعد الامازيغية ايضا لغة رسمية للدولة، وتعمل الدولة على صيانة الحسانية, ولتفعيل ذلك يحدث مجلس وطني للغات والثقافة المغربية. وتظهر تجليات حماية مختلف تلك الحقوق والحريات في المهام الموكولة الى مختلف المؤسسات الواردة في الدستور انطلاقا من المؤسسة الملكية، ثم الحكومة، ثم البرلمان، ثم السلطة القضائية، وايضا في مختلف الهيئات التي كانت سابقا اوارتقت بدسترتها في نص الدستور، او الاحالة الى نصوص تشريعية او تنظيمية لاحداثها وتنظيمها. ثانيا: احداث هيئات للتشارك والحوار من مميزات الدستور الجديد دسترة مجموعة من الهيئات التي تعتبر في حد ذاتها آلية للاشراك والحوار الجماعي لابداء الرأي او اتخاذ القرار النهائي. وذلك تدعيما لدولة المؤسسات. ومن هذه الهيئات ما كان موجودا من قبل في نص الدستور او في نصوص تشريعية صادرة سابقا عن جلالة الملك او من البرلمان. ومنها ما جاءت دسترته لاول مرة للارتقاء بها الى مكانة متميزة بوجودها والزامية اصدار النصوص التشريعية أو التنظيمية الخاصة بها. هكذا، فبالاضافة الى مجلس النواب ومجلس المستشارين اللذين يعتبران هيئتين تشريعيتين تكونان المؤسسة البرلمانية. نجد في الدستور الحالي عشرين هيئة متنوعة بتنوع المهام الموكولة اليها. وتحتاج معظمها الى النصوص المنظمة لها او تجديد النصوص الحالية تبعا للتغيرات الجديدة التي جاء بها مشروع الدستور الجديد. ونكتفي حاليا بالتذكير بمختلف هذه الهيئات لمعرفة اهمية الارادة الايجابية التي تمت دسترتها لتشجيع الحوار واشراك المشاركين في تلك الهيئات في تحضير القرارات او اتخاذها في مجموعة من المجالات التي تعنى بتدبير الشأن العام في مختلف تجلياته. هكذا، نجد في صنف الهيئات الجديدة المحدثة دستوريا 1 - مجلس وطني للغات والثقافة المغربية [ الفصل 5 الفقرة الاخيرة] 2 - هيئة للمناصفة ومحاربة جميع اشكال التمييز [ف 19 و ف 164 ] 3 المجلس الأعلى للأمة [ف54]- 4- المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي[ف 33 و ف 169] 5- مجلس استشاري للأسرة والطفولة [ف 169] من جهة أخري نجد تجديد وجود هيئات بارتقائها دستوريا في حلة جديدة تتطلب تجديد النصوص المنظمة لها وهي: 1 - مجلس الجالية المغربية بالخارج [ف 19 و ف 163] 2 - الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري[ف 29 الفقرة الأخيرة - ف 165] 3 - مجلس المنافسة [ف 37 - ف 166] 4 - المجلس الوطني لحقوق الانسان [ف 39 - ف 161 و ف 162] 5 - مؤسسة الوسيط [ف 39 - ف 162] 6 - المجلس العلمي الاعلي [ف 41] 7 - مجلس الحكومة [ف 92] 8 - الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها [ف 36 - ف 167] ومن جهة ثالثة نجد تأكيد وجود هيئات دستورية سابقة.لكن جاءت في مشروع الدستور الجديد في حلة جديدة وفي تصور جديد واختصاصات جديدة وهي 1- مجلس الوصاية [ف 44] 2 - المجلس الوزاري [ف 48 و ف 49] 3 - المجلس الاعلى للسلطة القضائية [ف 56 و ف 113 و ف 116] والذي حل محل المجلس الاعلي للقضاء. 4 - المحكمة الدستورية [ف 129 الي 134] والتي حلت محل المجلس الدستوري 5 - المجلس الاعلي للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات [الفصول 147- 150] 6 - المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي [الفصول 151 - 153] وبالاضافة الى هذه الهيئات نجد الفصل 159 من مشروع الدستور الجديد يشير الي نوعين من الهيئات -الهيئات المكلفة بالحكامة الجيدة -هيئات للضبط والحكامة الجيدة التي يمكن للقانون أن يحدثها كما نذكر أخيرا في هذا الموضوع بمقتضى نص الفصل ]13[ من مشروع الدستور الذي يفرض ان» تعمل السلطات العمومية علي احداث هيئات للتشاور قصد اشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين في اعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها«.» ثالثا: السعي لتصحيح وتعزيز فعالية وعقلنة المشهد السياسي الحزبي والعمل النقابي والنشاط الجمعوي يظهر ان صدرو قانون الاحزاب السياسية لم يحقق الاهداف المتوخاة منه وان مشروع القانون المنظم للنقابات لازال يتأرجح بين الاخذ و الرد لتعويض النصوص المنظمة للنقابات في قانون مدونة الشغل او في ما تبقى من قانون 17 يوليوز 1957 بالنسبة للموظفين كما ان قانون 15 نونبر 1958 المعدل والمغير المتعلق بالحق في تأسيس الجمعيات يحتاج الى تطوير لمواكبة التطورات التي يعرفها المجتمع المدني. لهذا جاء الفصل ]7[ من الدستور مفصلا للتوجهات العامة التي يجب ان تخضع لها الاحزاب في نشاطها وتنظيمها. وارتقى بهذا التنظيم الي ضرورة اصدار قانون تنظيمي «يحدد القواعد المتعلقة بصفة خاصة بتأسيس الاحزاب السياسية و انشطتها ومعايير تخويلها للدعم المالي للدولة وكذا كيفية مراقبة تمويلها. ونتمنى ان يتضمن القانون التنظيمي القادم مجموعة من الضوابط المعروضة على الاحزاب لتوسيع الدمقرطة داخل صفوفها وتجديد هياكلها وتوسيع مشاركة النساء والشباب في اجهزتها التقريرية والتنفيذية. وتداول المسؤوليات وتحديد حالات التنافي في تقلد المسؤوليات و فرض تقاعد سياسي خاصة في المناصب التنفيذية داخل الاحزاب. كذلك تمت دسترة دور النقابات واهمية مجال عملها في منطوق الفصل [8 ] من مشروع الدستور بجانب الغرف المهنية والمنظمات المهنية للمشغلين وتمت الاحالة في تفصيل ذلك الى القانون. وفي مجال تطوير وعقلنة المشهد السياسي, حرص مشروع الدستور على اعطاء الأهمية للانتخابات [ف 11] بالنص في مقدمة هذا الفصل على أن الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي اساس مشروعية التمثيل الديمقراطي«« وبالتالي جاءت بقية فقرات الفصل المذكور بدسترة مجموعة من الاجراءات التي يجب ان تكون حاضرة في القانون وفي الاجراءات العملية المعهود بها الى السلطات العمومية المختصة المكلفة بالحرص على حسن تطبيقها. كما حظيت جمعيات المجتمع المدني بنص مشروع الدستور بمقتضيات متنوعة في الفصل 12 الذي يؤكد في فقرته الاولى بأن «تؤسس جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية وتمارس أنشطتها بحرية في نطاق احترام الدستور والقانون» ولابد من التذكير أيضا في نطاق اشراك المواطنات والمواطنين في الاهتمام والمشاركة في متابعة تدبير الشأن العام بتأكيد نص الفصل 13 من مشروع الدستور بأن تعمل السلطات العمومية على احداث هيئات التشاور, كما أشرنا الى ذلك سابقا. وبالاضافة الى الدفع بهذه المشاركة من قبل الفاعلين السياسيين و النقابيين والمهنيين والعاملين في جمعيات المجتمع المدني، في نطاق ممارسة الحريات الفردية والجماعية والتمتع بالحقوق, جاء مشروع الدستور في الجانب المتعلق بالمؤسسات الدستورية الممارسة لمختلف السلطات في الدولة بقفزة متميزة إن لم تصل الى الملكية البرلمانية الصرفة, فانها لا محالة تدخل كخطوة في افاق هذا المسعى, كما نبين ذلك في التحليلات القادمة. القسم الثاني: الدستور الجديد قفزة متميزة في آفاق ملكية برلمانية ديمقراطية. يكمن التجديد ايضا في مضامين مشروع الدستور الجديد في التوجهات الجديدة العامة التي كرست دسترة مجموعة من القواعد من أجل تحويل طبيعة النظام من نظام رئاسي برلماني او شبه رئاسي شبه برلماني صرف, الى نظام يتقرب بخطوات مدروسة, لكنها واضحة نحو نظام ملكية برلمانية تبقى فيه الملكية البرلمانية حاضرة بشكل اخف من السابق. مع فتح المجال لكل من السلطة التشريعية المتمثلة في البرلمان والسلطة التنفيذية المتمثلة في الحكومة مصحوبة برئيسها. وبصفة اجمالية نجد الفصل الاول من مشروع الدستور ردد صدى مختلف المطالب الحاضرة في الساحة حول طبيعة نظام الحكم المنشود. فجاء بوصفة متنوعة بالنص دستوريا على أن «نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية» ديمقراطية برلمانية اجتماعية». ولا تسمح هذه القراءة الاولية الاجمالية بالدخول الى كثير من التفاصيل انطلاقا من مقتضيات مشروع الدستور في هذا الموضوع, ونكتفي بالتذكير بعجالة بسمتين اساسيتين تطبعان هذه القفزة المتميزة في آفاق ملكية برلمانية ديمقراطية وتكمنان في: 1 - الدستور الجديد دستور تشاركي بامتياز 2 - الدستور الجديد تعزيز لدور المؤسسة البرلمانية. أولا: الدستور الجديد دستور تشاركي بامتياز تظهر بوادر التشارك في مقتضيات مشروع الدستور الجديد في دسترة الامور الخاصة بدور مختلف السلطات الدستورية والعمل على ان تشرك في ممارسة كثير من المهام الموكولة اليها والامر يتعلق بالخصوص بكل من: 1 - المؤسسة الملكية 2 - الحكومة 3 - السلطة القضائية I - دور المؤسسة الملكية لقد حدد الباب الثالث من مشروع الدستور في الفصول [من 41 الى 59 ] دور الملكية في البناء الدستوري, وهو دور الفاعل والحاضر, ولكن بشكل يتيح لباقي السلطات الاخرى التنفيذية والتشريعية والقضائية القيام بالادوار المنوطة بها دستوريا. ولكن في نفس الوقت, لابد ان نسجل الارادة الشجاعة والرغبة الأخيرة لجلالة الملك محمد السادس بتوقيع الملكية المتجددة المواطنة بالتنازل عن مجموعة من الاختصاصات وتركها للحكومة في شخص رئيسها او للبرلمان لممارسة دوره في التشريع خارج القضايا المرتبطة بإمارة المؤمنين والمحددة في الفصل 41 من مشروع الدستوروتمارس بظهائر. كذلك يمارس الملك اختصاصات اخرى منصوص عليها في الفصل (42) من مشروع الدستور الجديد، و«يمارس الملك هذه المهام بمقتضى ظهائر من خلال السلطات المخولة له صراحة بنص الدستور».وهكذا،جاء كل من الفصل (41) و(42) ليحل محل الفصل القديم(19) في الدساتير السابقة ليعطي للملكية المواطنة طابعها الحقيقي. وفي نظام التشارك نجد أن الظهائر توقع بالعطف من قبل رئيس الحكومة ماعدا تلك الظهائر التي لا تستلزم هذا التوقيع بالعطف، وهي محددة على سبيل الحصر في الفقرة الأخيرة من الفصل (42) من مشروع الدستور. وفي إطار اختصاصات الملك الواردة في الفصلين (41) و(42) يمارس جلالته مجموعة من الاختصاصات برئاسته مجموعة من الهيئات المفتوحة بمشاركة مجموعات من الفعاليات، ومع الاحتفاظ برئاسة مجلس الوزراء يمكن أن تفوض هذه الرئاسة بشروط معينة وبجدول الأعمال محدد إلى رئيس الحكومة، كما أن بعض الأمور التي كانت من قبل ضرورة عرضها على المجلس الوزاري فتمت إحالتها والاكتفاء بعرضها على مجلس الحكومة الذي أصبح مؤسسة دستورية ولا تسمح لنا هذه القراءة الاجمالية باستعراض تفاصيل الاختصاصات المخولة لجلالة الملك. II- تعزيز مكانة الحكومة يتجلى تعزيز مكانة الحكومة في التوجهات الدستورية الجديدة الواردة في مقتضيات متفرقة من فصول مشروع الدستور وبالخصوص في الباب الخامس منه المتعلقة بالسلطة التنفيذية في الفصول (من 87 إلى 94) وتم تحديد اختصاصها العام في الفصل (89) بالتأكيد على ما يلي: «تمارس الحكومة السلطة التنفيذية. تعمل الحكومة تحت سلطة رئيسها على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين، والإدارة موضوعة تحت تصرفها، كما تمارس الإشراف والوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية». وبالإضافة الى ذلك، حدد الدستور الإجراءات العملية دستوريا لتعيين رئيس الحكومة وأعضائها وتبني منهجية، أصبحت تعرف بالمغرب ب«المنهجية الديمقراطية». كما فصل الدستور اختصاصات متنوعة لرئيس الحكومة المنبثق على الحزب الأول في انتخابات الاقتراع العام لمجلس النواب. ولعل هذا الإجراء المهم يفرض بالفعل تقوية دور ومكانة وتنظيم ودمقرطة الأحزاب المؤهلة والمتطلعة إلى ممارسة كل الاختصاصات الدستورية في تدبير الشأن العام. كما أن مجلس الحكومة أصبح مؤسسة دستورية يتخذ قرارات تحضيرية للمجلس الوزاري كما أنه يتخذ قرارات نهائية. وبدون أن ندخل الآن الى تفاصيل تذكر بدور الحكومة وبالخصوص رئيسها في ممارسة السلطة التنظيمية في المجالات التي لا تخضع لمجال القانون الواردة في الدستور بصفة متفرقة وبصفة خاصة في الفصل (71). III- مشاركة السلطة القضائية في الحفاظ على ضمان استقلالها جاء الدستور الجديد بدسترة واضحة للقضاء كسلطة مستقلة، وخصص لها الباب السابع في الفصول (من 107 إلى 128) مؤكدا في بداية هذا الباب في الفصل (107) بأن «السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية: الملك هو الضمان لاستقلال السلطة القضائية». ولتأكيد هذا الاستقلال، حل «المجلس الأعلى للسلطة القضائية» محل «المجلس الأعلى للقضاء» بتوسيع اختصاصاته إلى مختلف مجالات القضاء وليس فقط وضعية القضاة: وإعادة تكوينه بتمثيل مختلف المحاكم واشراك شخصيات من خارج القضاء. كما أن مشروع الدستور في مجال القضاء خصص مجموعة من الفصول (من 117 إلى 128) لحقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة. وأخيرا، في موضوع تعزيز دور القضاء،أحل الدستور الجديد «المحكمة الدستورية« محل المجلس الدستوري»، بإضافة اختصاصات جديدة في مواكبة دستورية القوانين، وخصص لها الباب الثامن في الفصول من 129 إلى 134). ثانيا: تعزيز دور البرلمان كسلطة تشريعية ومراقبة للحكومة لقد حرص مشروع الدستور على التأكيد على الدور الأساسي للبرلمان بصفته سلطة تشريعية ورقابية وبالخصوص مجلس النواب المنبثق على الاقتراع العام المباشر. ويمكن لنا أن نلخص بايجاز هذا الدور في المقتضيات التي جاء فيها مشروع الدستور والمتجلية أساسا في: 1- توسيع مجال القانون المخول للبرلمان 2- عقلنة العمل البرلماني I- توسيع مجال القانون المخول للبرلمان: يمكن لنا أن نقول: قبل دستور 2011 كانت السلطة التشريعية مقسمة بين الملك والبرلمان، والآن يظهر من نص مشروع الدستور، أن الملك يقتصر دوره في مجال التشريع على المجال الوارد في الفصل (41) الجديد بمقتضى مكانة الملك كأمير للمؤمنين، أما المجالات الأخرى في ميدان التشريع فستبقي من اختصاص البرلمان، بل من بعض المؤسسات التي كان يمكن إصدارها سابقا بواسطة ظهائر فأصبحت الآن تخضع لنصوص تشريعية. هكذا، بقراءة متمعنة لنص مشروع الدستور الجديد نجد مجموعة من الفصول تحيل الى القانون لتحديد تنظيم كثير من الميادين، لا تسمح هذه القراءة الاجمالية بتعدادها. كل ذلك بالإضافة إلى الفصل (71) الجديد الذي حل محل الفصل (46) في دستور 1996 المحدد لمجال القانون الصادر عن البرلمان، ونحيل الى نفس القائمة الواردة في نص الفصل (71) المذكور لنرى تعداد وتعدد المجالات التي أصبحت من اختصاص البرلمان بصفته السلطة التشريعية. وبالاضافة الى القوانين العادية نذكرباختصاص البرلمان في الموافقة على القوانين التنظيمية التي نجد عددها أحد عشر قانونا تنظيميا، مطالب ا لبرلمان بالموافقة عليها خلال الولاية التشريعية الأولى كآخر أجل ف(86). II- عقلنة العمل البرلماني نذكر مظاهر هذه العقلنة التي جاء بها مشروع الدستور الجديد في الامتيازات الجديدة التالية: 1- إعطاء الأولوية لمجلس النواب باعتباره المنبثق على الاقتراع العام المباشر. من حيث الأسبقية في دراسة مجموعة من مقترحات أو مشاريع القوانين، وإعطائه الحق وحده في التصويت على ملتمس الرقابة أو سحب الثقة من الحكومة عند الاقتضاء، والبت النهائي في الموافقة على القوانين المعروضة على البرلمان. 2- جمع البرلمان بمجلسيه وذلك لدراسة أو مناقشة مجموعة من المسائل التي لا تحتاج إلى تصويت. ولقد سبق لنا أن طالبنا عدة مرات بهذا الأمر ومازلنا نرى أن يشمل ذلك أيضا جلسة الأسئلة الأسبوعية، وبالمناسبة لا نجد الفقرة الأولى من الفصل (100) من المشروع تمنع ذلك إذ تنص على ما يلي: «تخصص بالأسبقية جلسة في كل أسبوع لأسئلة مجلسي البرلمان وأجوبة الحكومة». ولا ننسى الفقرة الأخرى من نفس الفصل التي تفرض بالفعل بأن ينفرد كل مجلس لوحده ب«الأجوبة عن الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة، وتخصص لهذه الأسئلة جلسة واحدة كل شهر، وتقدم الأجوبة عنها أمام المجلس الذي يعنيه الأمر خلال الثلاثين يوما الموالية لإحالة الأسئلة الى رئيس الحكومة». 3- إعطاء حقوق للأقلية وللمعارضة في البرلمان لاتخاذ المبادرات في التشريع ومراقبة الحكومة نذكر من ذلك: ثلث أعضاء مجلس النواب، أو ثلث أعضاء مجلس المستشارين لتكوين «لجان لتقصي الحقائق». وبالمناسبة يلاحظ أن الفصل (67) من المشروع، يشير الى لجان نيابة لتقصي الحقائق، مع أن الأمر يتعلق بلجان برلمانية، ولا تقتصر على مجلس النواب. وهذه صياغة انتقلت من صياغة دستور 1996. تقديم ملتمس الرقابة في مجلس النواب بتوقيع على الأقل خمس الأعضاء الذين يتألف منهم هذا المجلس (ف.. 104). يمكن ل« خمس أعضاء مجلس النواب وأربعين عضوا من أعضاء مجلس المستشارين أن يحيلوا القوانين أو الاتفاقيات الدولية، قبل إصدار الأمر بتنفيذيه، أو قبل المصادقة عليها إلى المحكمة الدستورية للبت في مطابقتها للدستور» (ف. 132 الفقرة 3). وبالإضافة إلى ذلك، جاء الفصل (10) من مشروع الدستور لينص على مجموعة من الحقوق والضمانات المخولة للمعارضة تم تعدادها بالنص في الفقرة الأولى منه على ما يلي: «يضمن الدستور للمعارضة البرلمانية مكانة تخولها حقوقا من شأنها تمكينها من النهوض بمهامها على الوجه الأكمل في العمل البرلماني والحياة السياسية. ويضمن الدستور، بصفة خاصة للمعارضة الحقوق التالية. والمعددة في بقية الفصل (10). خلاصة عامة: إن كان لابد من خلاصة أولية لقراءة أولية إجمالية مشروع نص الدستور، فلابد من التأكيد على أهمية الدستور الجديد لعهد جديد لملكية متجددة مواطنة، عمل على الإستجابة لمجموعة من المطالب المتعلقة بالإصلاحات الدستورية، قام بها مغاربة مقتدرون بتوجيهات ملكية سامية ومشاركة واسعة أدت الى انتقال عدد الفصول من 108 في دستور 1996 إلى 180 فصلا في دستور 2011، مع العلم أن بعض الفصول الحالية كان من الأحسن تقسيمها إلى فصول أكثر، كما ان الدستور تم تقسيمه إلى أربعة عشر بابا،اشتملت بعض الأبواب على تقسيمات فرعية كما كان من الأحسن أيضا ترقيم الفقرات في فصول الدستور ليسهل استعمالها. هذا عمل تقني يمكن أن يتم بدون مراجعة للدستور خاصة أن البرلمان يمكنه أن يقوم ببعض التعديلات من هذا النوع. وفي هذه الخلاصة، لا يمكن أن ننسى التنويه بالمجهود الذي قام به أعضاء لجنة مراجعة الدستور، سواء في الاستماع الى المطالب المتنوعة والمتعددة، أو في اختيار اللازم منها في صلب النص الدستوري. وأيضا، إذ كنا نسجل هذه القفزة المتميزة التي جاء بها مشروع الدستور الذي سيصبح دستور يوليوز 2011 بما يتضمنه من إصلاحات أساسية مستجيبة لكثير من المطالب المطروحة في الساحة الوطنية، وفي جميع الحالات فالدستور ليس قرآنا منزلا، فهو قابل للتعديل والمراجعة عند الاقتضاءلمواكبة الاصلاحات والتطورات الوطنية والعالمية. لكن، مع ذلك، الكل مطالب بالحرص على تنفيذ مضامينه والاسراع بإخراج النصوص المكملة له من قوانين تنظيمية أو قوانين عادية، وإحداث المؤسسات والهيآت التي تمت دسترها فيه. ولنجعل منه دستورا متجددا يفتح الآفاق الواعدة لتصحيح مسار الانتقال الديمقراطي ببلادنا، والتحضير لانتخابات برلمانية نزيهة وشفافة وذات مصداقية في الوقت المناسب والكفيل بانطلاقة جديدة في ظل دستور جديد لملكية مواطنة تقوم المؤسسات الدستورية خلالها بدورها الدستوري الفعال، لنعتز بدستورنا الجديد في آفاق تطويره في إصلاحات دستورية جديدة عندما يحين وقتها. الرباط 28 يونيو 2011 * أستاذ التعليم العالى في القانون العام- جامعة محمد الخامس أكدال - الرباط