لا زال الموت يتربص بالمغربيات في أعالي جبال الأطلس الكبير وهنّ في حالة مخاض. ففي أقل من شهرين، توفيت سيدتان من منطقة إملشيل قبل أن تَرَيَا مولوديهما الجديدين، في غياب طبيب قار بالمنطقة، وتنقلهن صوب مستشفى مولاي علي الشريف بالراشيدية بعيدا عن محل سكناهن بأزيد من 220 كيلومترا. واستنكر حمو بنعبد المجيد، أحد المشاركين في الوقفة الاحتجاجية المنظمة صباح الأربعاء أمام المركز الصحي بإملشيل، وفاة سيدة شابة لم تتجاوز بعد العشرين من عمرها، في أول ولادة لها، بعد توجيهها صوب مستشفى مولاي علي الشريف بالراشيدية، بسبب "غياب الطبيب وعدم تواجده بصفة رسمية واقتصار الأمر على ممرضتين لا تستطيعان مواكبة الحالات المستعصية". وأفاد المتحدث، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن السيدة نقلت إلى مستشفى يبعد ب 220 كيلومترا وهي في حالة مستعجلة، وتوفيت مباشرة بعد ولادة طفلة بواسطة عملية قيصرية، "ليتم دفنها في الثانية ليلا بعيدا عن أعين الساكنة الغاضبة تحت ضغط السلطات المحلية"، يقول بنعبد المجيد. وفاة الأم الشابة أثارت حفيظة واستهجان نساء إملشيل، على الخصوص، حيث نظمن اعتصاما ليليا مرفوقا بمبيت أمام المركز الصحي في درجة حرارة منخفضة جدا وصلت إلى (ناقض) 12- درجة، وتقول رشيدة: "توفيت سيدتان في ظرف وجيز، تركت الأولى وراءها 3 يتامى، وتركت الأخرى طفلة يتيمة في أول ولادة لها، ولا زالت نساء إملشيل تقطعن 220 كيلومترا من أجل الولادة القيصرية". "ما كاينش حتى لي يسمع لينا، وأصواتنا محصورة بين الجبال"، تقول السيدة الشابة بنبرة يعلوها البكاء، متابعة: "نريد رد الاعتبار لنساء المنطقة، ولا نعرف إن كان الدور سيحل علي مستقبلا أو على إحدى أخواتي أو صديقاتي بسبب مركز مقفل أغلب الوقت وفي غياب طبيب"، مطالبة بزيارة الوزير الحسين الوردي للمنطقة حيث إن "وعود المندوب الإقليمي لميدلت تبقى بدون جدوى ولا معنى"، وفق تعبيرها. وتؤكد المتحدثة أن "النساء يحتجن إلى طبيب، والمركز يشتغل من الاثنين إلى الجمعة فقط"، متسائلة: "هل تختار المرأة أن تلد من الاثنين إلى الجمعة لا غير؟ نريد طبيبا وهذا من أبسط حقوقنا، كما أنه مطلب غير مستعص على الوزارة ولا المغرب إذا أرادوا ذلك". المندوب الإقليمي لوزارة الصحة بميدلت، حسن بوزيان، أوضح، في تصريح للجريدة، أن المندوبية تنتظر فتح المباراة في وجه الأطباء قصد توظيف عدد منهم يتسنى لأحدهم الالتحاق بالمركز الصحي بإملشيل، موضحا أن المندوبية أوصت بتوجيه الحالات المستعصية نحو المستشفى الميداني بأنفكَو البعيد بحوالي 40 كيلومترا عوض التوجه صوب الراشيدية. الدكتور بوزيان، أوضح أنه بسبب عدم توفر المركز على طبيب قار، يقوم طبيب عام من الريش بالمداومة مدة 10 أيام، ويتناوب عدد من الأطباء على ذلك سدا للخصاص، مشيرا إلى أن السيدة المتوفاة كانت محاطة بالرعاية اللازمة، إلا أن صعوبة الولادة استلزمت نقلها صوب مستشفى الراشيدية حيث خضعت لعملية قيصرية. من جهته، أوضح المندوب الإقليمي للصحة بالراشيدية، هروش حميد، أن السيدة توفيت نتيجة مضاعفات العملية القيصرية، بعد أن حلت بالمستشفى والجنين في حالة خطر، إضافة إلى أن عنق الرحم كان مقفلا بالرغم من حدوث الانقباضات، ما تطلب خضوعها لعملية قيصرية عاجلة، إلا أنها توفيت بعد إخراج الجنين من بطنها.