في استمرار تداعيات إقالة الدكتور شفيق الشرايبي من منصبه كرئيس لمصلحة النساء والتوليد بمستشفى الولادة الليمون بعد مشاركته في تحقيق لقناة فرنسية حول الإجهاض في المغرب، أصدرت وزارة الصحة بيانا أشارت فيه إلى أن الإقالة احترمت المسطرة القانونية، وذلك بناءً على عدد من "الخروقات" التي قام بها الشرايبي، في حين اعتبر هذا الأخير أن مبرّرات الوزارة واهية، مجدداً تأكيداته على احترامه القوانين المعمول بها في هذا الصدد. البيان الذي أصدرته وزارة الصحة اليوم الأربعاء، تحدث عن أن إقالة الشرايبي من منصبه "تمت في احترام تام لمسطرة تعيين وإقالة الأطباء الباحثين رؤساء المصالح"، وأن ملفه عُرض على أنظار اللجنة العلمية لدى كلية الطب والصيدلة بالرباط، وهي اللجنة التي أبرزت "ارتكاب الشرايبي خروقات تمسّ سير مصلحة طب النساء والتوليد أثناء تسجيل البرنامج". وذكّرت الوزارة بهذه "الخروقات"، فالأوّل هو "ولوج الطاقم التلفزي الفرنسي للتصوير بمصلحة الولادة الليمون، بتأطير الشرايبي، دون احترام مساطر سير المصالح الاستشفائية"، الثاني هو "عدم طلب الرخص الضرورية للقيام بالتصوير لا لدى إدارة مستشفى الليمون ولا لدى إدارة المركز الاستشفائي ابن سينا"، الثالث هو "إدراج بعض الأطباء والممرضين وهم في طور الاشتغال دون إذن من طرف هؤلاء". أما "الخرق الرابع"، فهو "إدراج نزيلات بالمستشفى بوجه مكشوف ومن دون إذن مكتوب من طرفهن، في حين يتحدد الخامس في "إجراء الشرايبي مكالمة هاتفية مع رئيسة مصلحة العناية المركزة بمستشفى الأطفال بالرباط وهو يناقش معها إمكانية نقل رضيع خدج لهذه المصلحة، وطرحه سؤالا يعارض أخلاقيات مهنة الطب، هو إن كان رفض نقل الخدج للمصلحة له علاقة بكون الأم عازب، رغم تأكيدات رئيسة المصلحة بأن هذه الأخيرة مملوءة عن آخرها". في الجانب الآخر، نفى الشرايبي مبرّرات وزارة الصحة، مسترجعًا ما وقع منذ البداية، عندما زارته مفتشية من وزارة الصحة بعد مشاركته في التحقيق المذكور الذي بثته قناة فرانس 2 يوم 11 دجنبر الماضي، واستفسرته عن حيثيات التصوير، وبعد أن قدم لها التوضيحات الكاملة، سمع عن طريق الصحافة أن الوزير يخطط لمعاقبته، ليتأكد من ذلك عندما أخبره زملاؤه بأن الحسين الوردي راسل اللجنة العلمية لكلية الطب والصيدلة بالرباط وهيئة الأطباء من أجل توقيفه، إلّا أن التنظيمين رفضا ذلك. وأضاف الشرايبي الذي يرأس جمعية لمحاربة الإجهاض السري، أنه اعتقد بانتهاء الأمور عند هذا الحد، إلّا أن قرارًا توّصل به من طرف الوزارة أشار إلى العكس، عندما أوقفته من رئاسة مصلحة أمراض النساء والتوليد بمستشفى الليمون التابع للمركز الاستشفائي ابن سينا بالرباط. ورّد الشرايبي على مبرّرات الوزارة:" قناة فرانس 2 تتوّفر على ترخيص من طرف وزارة الاتصال، ولو لم تكن تتوّفر عليه، لما استطاعت التصوير لمدة 15 يومًا داخل المستشفى، ولا التصوير في الشارع العام وابتدائية مكناس والبرلمان وإحدى المؤسسات السجنية. أما ما تقول الوزارة إنه توريط لطبيبة دون علمها، فهذا الكلام مردود عليه، لأن الطبيبة أعطت موافقتها على التصوير، بل وحتى المشاركة بأجوبتها في الربورتاج، رغم محاولتها النفي بعد ذلك". واستطرد الشرايبي:" أما فيما يتعلّق بقصة الأرقام الخاطئة التي قالت الوزارة إننا قدمناها للقناة الفرنسية، فنحن نؤكد داخل الجمعية استحالة تقديم أرقام دقيقة، ورقم 600 حالة إجهاض يوميًا يبقى تقديريًا ويتطابق مع أرقام المنظمة العالمية للصحة، وإذا كانت الوزارة تقول العكس، فما عليها سوى تقديم الأرقام الدقيقة. أما حديث الوزارة عن تصوير امرأة تلد دون موافقة هو أمر غير صحيح، لأنها أعطت موافقتها، زد على ذلك أننا لم نصوّر سوى وجهها، وقدمناها في مشهد يعكس ارتباط الأم برضيعها وليس شيئًا آخر". مبرّرات الوزارة لم تقف عند ما ذُكر في البيان حسب الشرايبي، إذ إن الوزارة تقول إن البرنامج المعني أعطى سمعة سيئة عن المغرب، بينما يشير الشرايبي إلى أنه أعطى صورة إيجابية عن المغرب المنفتح حول مثل هذه النقاشات الاجتماعية، وأنه بيّن جهود الأطباء في سبيل إنقاذ الأطفال غير مكتملي النمو. وحول موضوع الإجهاض، تحدث الشرايبي أن جمعيته "تناضل من أجل صحة الأم وصحة الرضيع بعيدًا عن أيّ نقاش أخلاقي، أي أنها لا تعتمد مقاربة الحريات الفردية بل مقاربة صحية بحتة تهم التحسيس بتفادي الحمل غير المرغوب فيه، وتخليق القطاع الطبي بعيدًا عن الممارسات الممنوعة، وتمكين النساء من طرق شرعية للإجهاض في حالات خاصة كحوادث الاغتصاب والاعتداء الجنسي وتأكد وجوه تشوّهات خطيرة لدى الجنين".