أقيم بسلا، عشية أمس الجمعة، "موكب الشموع" الذي دأبت المدينة على تنظيمه سنويا، احتفاء بعيد المولد النبوي الشريف. وتحولت ساحة الشهداء (وسط المدينة)، التي أقيم بها الاستعراض الرسمي للشموع، إلى متحف فني أثتته أذكار دينية وأهازيج وإيقاعات موسيقية وفولكلورية متنوعة (عيساوة وحمادشة وكناوة وألوان فنية أخرى) رافقت الشموع ال`12 المختلف بعضها عن بعض، لونا وحجما، زادها جمالا حاملوها بلباسهم التقليدي "المحصور". وانطلق الموكب، يتقدمه الشرفاء الحسونيون، من ساحة السوق الكبير في اتجاه ضريح مولاي عبد الله بن حسون، وسط جموع غفيرة من ساكنة المدينة، اعتادت على الاحتشاد، في هذا اليوم من كل سنة، على طول المسار الذي يقطعه "موكب الشموع". وأمام المنصة الرسمية التي نصبت بساحة الشهداء، تم تقديم الشموع وكافة الفرق الفنية المشاركة، وذلك بحضور عامل سلا العلمي الزبادي ورئيس مجلس المدينة نور الدين الأزرق وقس الكنيسة الأرثودوكسية لروسيا وبعض السفراء والدبلوماسيين المعتمدين بالمغرب والسلطات المحلية وشخصيات أخرى. وبالمناسبة، تضرععبد المجيد الحسوني نقيب الشرفاء الحسونيين إلى الباري تعالى بأن يحفظ أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وأن يقر عينه بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن ويشد أزره بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وبسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما تضرع إلى المولى عز وجل بأن يمطر شآبيب المغفرة والرضوان على جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني وأن يسكنهما في أعلى عليين مع الشهداء والصالحين. ويعتبر موكب الشموع فاتحة موسم الشموع لمولاي عبد الله بن حسون الذي يستمر هذه السنة حتى 13 مارس المقبل، تحت شعار "المغرب بلد التواصل الحضاري والتقارب الثقافي". وقد دأبت سلا على الاحتفاء بهذه الذكرى بتنظيم تقليد "الشموع" التي تعلق بضريح الولي الصالح مولاي عبد الله بن حسون عشية ذكرى مولد الرسول، وتستمر لمدة 11 شهرا، حيث تنقل قبل حلول الذكرى إلى مقر صانعها (بلكبير) من أجل صناعتها من جديد. وتختلف هذه الشموع عن الشموع العادية، باعتبار صنع هياكلها من خشب سميك مكسو بالكاغد الأبيض والمزوق بأزهار الشمع ذات الألوان المتنوعة من أبيض وأحمر وأخضر وأصفر في شكل هندسي يعتمد الفن الإسلامي البديع. ويعود أصل "موكب الشموع" إلى عهد الملك السعدي أحمد المنصور الذهبي الذي كان تأثر، خلال زيارته إلى إسنطبول، بالحفلات التي كانت تنظم بمناسبة المولد النبوي الشريف، فأعجب خاصة باستعراض الشموع. وعندما تربع على العرش بعد معركة وادي المخازن استدعى صناع فاس ومراكش وسلا، قصد صنع هذه الهياكل الشمعية، فتم الاحتفال، لأول مرة، بعيد المولد النبوي الشريف في المغرب سنة 986 هجرية. ولم يكن قدر ومكانة الولي الصالح القطب مولاي عبد الله بن حسون بخافيين على السلطان أحمد المنصور الذهبي الذي اقتطعه بقعة اختط بها زوايته ودار سكناه. وقد عرف هذا الولي (ازداد سنة 920ه / 1515م بنواحي فاس وتوفي سنة 1013ه / 1604 م بسلا) بكونه رجل علم وتصوف، حيث جمع بين علوم الظاهر والباطن حتى أصبح قطبا من أقطاب الطريقة الشاذلية. وأقيمت مساء أمس بالزاوية الحسونية أمسية موسيقية في طرب الآلة يتم خلالها تقديم رقصة الشمعة، تليها اليوم السبت بالفضاء ذاته قراءة جماعية للقرآن الكريم ترحما على أرواح الشهداء المغاربة. ويتابع برنامج الموسم بمجموعة من الفقرات منها محاضرات حول "دور البعثة المحمدية في تغيير تاريخ البشرية"، و"المنهج النبوي في تقويم الأخطاء، كيف نهتدي بالنبي القدوة صلى الله عليه وسلم"، وحفل "الصبوحي" الذي يقام بالزاوية الحسونية يتم خلاله سرد قصة المولد النبوي الشريف وترديد أمداح نبوية. ويشمل البرنامج أيضا يوما دراسيا (13 مارس) حول "ملامح هوية الشعوب ودور التراث في تلاقح الحضارات" بمقر جمعية أبي رقراق، على أن يختتم موسم الشموع بحفل فني في اليوم ذاته بالقاعة الكبرى لعمالة سلا.