إعداد: عبد الفتاح الفاتحي/مصطفى الهويري تعيش مدينة سلا ليلة عيد المولد النبوي على إيقاع موسم الشموع، وهو تقليد ديني سنوي أصيل دأب شرفاء الولي الصالح عبد الله بن حسون على تنظيمها احتفاء بعيد المولد النبوي الشريف، وتشير الروايات تاريخية أن أول احتفل بعيد المولد النبوي قام به المليزيين أيام الدولة المرينية، وذلك بمدينة سبتة ومليلية السليبتين. لكن رويات أخرى عديدة أرجعت أصل هذا التقليد إلى الملك السعدي أحمد المنصور الذهبي، حيث أصبح عيدا وطنيا. ولقد بدأت الاستعدادات على قدم وساق مبكرا خلال هذه السنة في تصريح نقيب الحسنونيين عبد المجيد الحسوني لجريدة »العلم« لتنظيم موسم الشموع الذي يعتبر -كما يقول- فرصة سانحة للصناع التقليديين للتباري فيما بينهم وإبراز مواهبهم في الخلق والابتكار، مشيرا أن ثمة عائلات معروفة توارثت الفن التراثي والشعبي »صناعة الشموع«، وأشار أن تنظيم هذا الموسم سيتم تنظيمه بما تقتضيه أصالة التقاليد وما تتطلبه الحداثة، إذ سيتم تنظيمه هذه السنة تحت شعار: «ثقافة صوفية لبناء حضارة إنسانية» بتنسيق مع عمالة سلا وتعاون منع وزارة الثقافة ووزارة التربية الوطنية وعدة جهات محلية. أصل موسم الشموع تعهد أحمد المنصور الذهبي بتنظيم موسم الشموع إذا اعتلى عرش المغرب وكان أحمد المنصور الذهبي قد أعجب بالأجواء الاحتفالية التي كانت تقام بمدينة اسطنبول التركية، حيث كانت تنظم مواكب شعبية بالشموع، وتنذر أحمد المنصور بتنظيم هذه الاحتفالات بالمغرب إذا أصبح سلطانا عليه، وبعد أن وضعت معركة »وادي المخازن« أوزارها، سارع إلى الوفاء بنذره، فقام باستدعاء صناع الشموع المهرة من مراكشوسلاوفاس لصناعة هياكل شمعية كبيرة شبيهة بتلك التي شاهده في تركيا. وبالفعل تم الاحتفال بموسم الشموع في أول عيد المولد النبوي من حكم أحمد المنصور الذهبي في سنة 986ه. ومنذ ذلك الوقت دأبت مدينة سلا تحافظ على هذا التقليد الديني والشعبي السنوي مع طقوسها الثقافية الخاصة. وقد تنوعت مظاهر الاحتفال بين المواكب الدينية ومجالس العلم، وتدارس القرآن، وقراءة الأمداح النبوية، وسرد السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام. وتؤكد النصوص التاريخية أن السعديين أولوا عناية كبيرة بحلول ذكرى المولد النبوي من كل سنة فقد جاء في رحلة أبي الحسن المكرومي «النفحة المسكية في السفارة التركية» وفي ما أورده شهاب الدين ابن علي الزناتي في «المنتقى المقصور على معاطر خلافة المنصور» وكذا ما كتبه المؤرخ عبد العزيز الفشتالي في كتابه «مناهل الصفا في أخبار ملوك الشرفا» قائلا: «كان ترتيبه في الاحتفال بالمولد النبوي الكريم إذا طلعت طلائع ربيع الأول صرف الرقاع إلى الفقراء أرباب الذكر على رسم الصوفية والمؤذنين النعارين في الأسحار بالآذان فيأتون من كل جهة ويحضرون إليه من سائر حواضر المغرب. ثم يأمر الشماعين بتطريز الشموع وإتقان صنعتها فيتبارى بذلك مهرة الشماعين كما يتبارى النحل في نسيج أشكالها لطفا وإدماجا، فيصوغون أنواعا تحير الناظر ولا تزيل زهورها النواضر. فإذا كانت ليلة المولد تهيأ لحملها وزفاف كواعبها الحمالون المحترفون لحمل خدور العرائس عند الزفاف، فيزينون ويكونون في أجمل شارة وأحسن منظر، ويجتمع الناس من أطراف المدينة لرؤيتها، فيمكثون إلى حين يسكن حر الظهيرة وتجنح الشمس للغروب فيخرجون بها على رؤوسهم كالعذارى يرفلن في حلل الحسن وهي عدد كثير كالنخيل فيتسابق الناس لرؤيتها وتمد لها الأعناق وتتبرج ذوات الخدور وتتبعها الطبول والأبواق من أصحاب المعازف حتى تستوي على منصات معدة لها بالإيوان الشريف. وجرى العمل بهذا الاحتفال بمدينة فاس الذي كان خليفة السلطان بها محمد الشيخ المأمون والذي كان يرأس هذا الاحتفال وقد عاين المؤرخ محمد بن علي الدكالي بضريح الشيخ الفقيه الحافظ أبي بكر بن العربي المعافري خارج باب المحروق بفاس وبضريح الولي الصالح سيدي أحمد الشاوي بطلعة فاس شكلا من هذه الهياكل الشمعية معلقا باليا وذلك في بداية القرن. وكانت ليلة المولد النبوي تحيى بالتهجد وتلاوة الأمداح النبوية وعلى الأخص قصيدتي البردة والهمزية التي تلتذ بمحامدها القلوب وتتشنف بأناشيدها الأسماع. ليلة يفيض فيها إحسان الشرفاء أبناء الصالح المذكور ومقدم ضريحه على الفقراء والمعوزين فيضا يحاكي السيل المنهمر والغيث المستمر وختم الطرب وسماع النغمات والجهر بصلح الدعوات للسلطان الفخيم ورجال دولته من الكبير إلى الصغير ولسائر الأمة الإسلامية». وتحتل الموسيقى الأندلسية لمكانتها موقعا خاصا في هذه الاحتفالات لطابع الذي يستوعب البعد الديني عند الأداء كالنوبات والموازين والطبوع...، فقد تعاطى لهذا اللون الموسيقي عدد من العلماء وفقهاء التصوف كالشيخ سيدي عبد الواحد الونشريسي والشيخ سيدي عبد الله بن حسون حيث كان أتباعه يجمعون بين الحس الفني والوقار الذي يستمدونه من وضعيتهم الدينية. مدينة سلا تواصل إحياء هذه السُنَّة والتقليد الأصيل أما فيما يتعلق بمدينة سلا فقد كان الولي الصالح الفقيه القطب مولاي عبد الله بن حسون معروف الجلالة عند المولى أحمد المنصور الذهبي الذي أقطعه البقعة التي اختط بها زاويته ودار سكناه. فقد حرص عبد الله ابن حسون على مواصلة الاحتفال بهذه الذكرى النبوية الطاهرة، حيث كان يرأس هذا الاحتفال، وكذا الاحتفالات التي كانت تقام بزاويته طيلة أسبوع تخليدا لذكرى الرسول الكريم. فكان يأتيه لحضور موسمه عنده بزاويته من حواضر البلاد وبواديها من علماء وأولياء وأهل السماع وأرباب الزوايا كالشرقاوية والفاسية والدلائية والناصرية. وتردد الكتب عدة أشعار تبرز قيمة الاحتفائية التي كانت توليها مدينة سلا لهذه الذكرى: السلوانية اليوم تحتفل بالذكرى وتمجد اخلوق النبي فموسم الشموع جل الاحتفال بالحبيب جلت الفكرة والمبدع الصالح التقي الفقيه الينبوع مولاي عبد الله بن حسون صاحب الحضرة وحلقات الذكر لله فالخشوع ويقول أحمد الطيب لعلج في سلا موكب الشموع تجلى نوره كي يضئ كل البلاد آية الفن زاده العيد حسنا ووفود الحجاج والقصاد ويعد مولاي عبد الله ابن حسون أحد الأعلام المبرزين في عصره علما واضطلاعا، وفضلا وتصوفا وتربية وسلوكا، جمع بين العلوم الفقهية والصوفية حتى أصبح قطبا من أقطاب الطريقة الشاذلية، وكان قوي النفس، محبا للخير، مهيبا وله جرأة في الكلام، وكان قطبا عارفا وقدوة للسالكين، والمريدين، ومن أكثر أوصافه في الترجمات الجرأة على قول الحق وهو أكده القاضي الشيخ محمد الهبطي في كتابه «المعرب الفصيح». الإكثار من الصلاة والتسليم على المصطفى والمواظبة على الذكر وقراءة دلائل الخيرات إن طريقة القطب ابن حسون بقدر ما مثلت التصوف الجزولي الشاذلي في أعلى صوره كما عرف خلال القرن العاشر الهجري، والذي يقوم أساسا على المحبة الصادقة للنبي الكريم والإكثار من الصلاة عليه والتسليم والمواظبة على قراءة دلائل الخيرات، ويعتبر سند الزاوية الحسونية في الجزولية الشاذلية من أعلى الأسانيد من خلال سلسلة أشياخ ابن حسون خاصة بواسطة الشيخ عبد الله الهبطي الذي أخذ إدارة الانتساب مباشرة عن الشيخ الغزواني عن الشيخ التباع وهذا عن الشيخ محمد الجزولي. وتكون الطريقة الجزولية أكثر ترسخا في المجتمع المغربي بسبب التزامها وقربها من الكتاب والسنة وابتعادها عن مظاهر الغلو والتفلسف. فالجانب العملي عند ابن حسون يقوم على العمل بكتاب الله ورسوله كما يقوم على اصطناع المكابدة والمجاهدة وذلك بالإكثار من القيام والصيام والذكر وقراءة القرآن وبالتسبيح والدعاء والابتهال. والأكيد أن مدينة سلا تزيت بلبوس جديدة خلال مهرجانه الفريد «موسم الشموع» هذه السنة، والذي بات يعد حدثا بارزا في الساحة الثقافية والدينية بالمدينة والبلاد كلها، حيث تجاب الشوارع بشموعه المصممة بطريق جميلة ومختلفة، وسط طقوس احتفالية وفلكورية شعبية تستقطب أعدادا كبيرة من الزوار من مدينة سلا من الأجانب، يحرصون على حضور فعاليات وأنشطة وفقرات هذا الاحتفال. حمل الشموع العملاقة تعد العنصر الأبرز في موسم الشموع تعد عملية حمل الشموع العنصر الأبرز في الاحتفال هي شموع عملاقة يصل طولها إلى مترين أو أكثر، بينما يتراوح وزنها بين 15 و50 كيلوغراما، وهي شموع تختلف تماما عن الشموع العادية التي تستعمل للإنارة باعتبار صنع هياكلها من خشب سميك، مغلف بالكاغد الأبيض الناصع والمزوق بأزهار الشمع ذات الألوان المتنوعة من أبيض وأحمر وأخضر وأصفر بأشكال هندسية متعددة الألوان مستوحاة من زخرفة المعمار الإسلامي. -(إجادة صناع سلا صنع الشموع تصميم سلوي إسلامي يعكس شهرة مدينة سلا في حب أهلها للثقافة والفنون، ومهارات صناعها الحرفيين، وامتلاكهم لأصابع من ذهب تنتج كل يوم ما هو ساحر وجميل يخطف الإعجاب من العيون. إذ تعتبر »قرية الفنون« للخزف في »الولجة« أكبر دليل على حفاظهم على هذا الموروث الشعبي. ومنه فإن إجادة صناع سلا صنع الشموع وسبكها في قوالب فنية مزركشة بالألوان، هو جزء من مهاراتهم الكبيرة التي تتميز بها سلا قلعة من قلاع الصناعة التقليدية بالمغرب، وبصمات حرفييه في الصناعة التقليدية وفي المعمار حيث تشهد بصماتهم الابداعية المتفردة في المساجد والبيوت والمعالم الأثرية العمرانية التي يحفل بها تاريخ مدينتهم، من نقوش وفسيفساء وزخرفة مرمرية... وقد عرفت عائلات بهذه الصنعة منها عائلة بنشقرون، وعائلة بلكبير وعائلة حركات. وينطلق موكب الشموع «هدية الضريح مولاي عبد الله ابن حسون» وبعد الانتهاء من صلاة عصر 11 ربيع الأول من كل عام من ساحة السوق الكبير بالقرب من دار صانع الشموع، يتقدمه الشرفاء وأنصار الزاوية الحسونية. كرامات عبد الله بن حسون في الاحتفال بموسم الشموع ويتكلف المشاركون بحمل الشموع العملاقة فوق أكتافهم، وهم يرتدون أزياء تقليدية منها لباس الجبدور وهو لباس تركي، وعماية موضوعة على طريقة رياس البحر، ولا تزال الذاكرة الشعبية تردد، وهو ما يذكره حسن اليوسي في كتاب المحاضرات أن رؤساء البحر أرادوا الخروج إلى الجهاد، فتوجهوا إلى أبي علي الشكوي بمدينة الرباط، يستأذنونه في ذلك، لكنه رفض سعيهم ذلك، فتوجهوا إلى عبد الله ابن حسون يستفتونه الأمر، فدعاهم إلى قراءة حزب البحر للإمام الشاذلي ودعاء حزب البحر، فأذن لهم بعد ذلك ودعا لهم بالرزق وفك الكروب كل ما ضاقت بهم المحن، وتتابع رواية الذاكرة الشعبة أن المجاهدين خاضوا في البحر وإذ بهم يقعون غنيمة في أيدي قراصنة اسبان وبرتغاليين الذين شدوا وثاقهم وأخذوهم أسرى، لكن قراصنة المسلمين من الجزائر وليبيا وتونس حاصروا الجميع واستولوا على الغنيمة، وحينما تيقنوا أن الغنيمة ثمينة قرروا توزيعها بالتساوى مع المغاربة تيمنا بطلعتهم، وحين عودة البحارة حكوا الواقعة أنها كرامة من كرامات عبد الله بن حسون. ولذلك تقرر خلالها أن يتكلف البحارة بحمل شموع الهدية إلى الزاوية الحسونية يرتدون ثياب رياس البحر، اعترافا بكرمات القطب عبد الله بن حسون، وصار ذلك تقليدا حيث يرتدي المشاركون في حمل الشموع فوق أكتافهم بأزياء تقليدية، تعكس لباس الطبجية (كلمة تركية تعني المسؤولون على مدافع الحصون) والرياس البحر، حيث يتوجه حاملو الشموع نحو ضريح سيدي عبد الله بن حسون، وترافق الموكب أصوات قرع الطبول، والأنغام التي تعزفها الفرق الموسيقية المتنقلة، ويواصل الموكب اختراق أهم شوارع المدينة، ويتوقف في ساحة الشهداء أمام المنصة الرسمية للاحتفال، وفي هذا المكان تؤدى رقصات الشموع، ثم يواصل الموكب سيره في اتجاه »دار الشرفاء«، ففي هذه الدار العتيقة تجرى حفلة تقليدية يحضرها النساء والأطفال بأزيائهم التقليدية، وأثناء ذلك يقوم حاملو الشموع بعدة رقصات ودورات في فسحة الدار ويردد الجميع خلالها التهليل والتكبير والصلاة على النبي المختار سيد الأقدار محمد صلى الله عليه وسلم، ويتواصل الاحتفال برقصة الشمعة على إيقاعات الموسيقى الأندلسية والأمداح النبوية، حيث ينتقل الموكب بعدها إلى آخر مطافه ضريح ابن حسون حيث تعلق الشموع في سقفه. على أن لا تنتهي الاحتفال إذ تقام بعد الطواف حفلة عشاء لجميع المشاركين بدار الشرفاء، وبعدها يلتحق الجميع بزاوية مولاي عبد الله بن حسون لمشاهدة (رقصة الشمعة) على نغمات الموسيقى الأندلسية نوبة رمل الماية تتخللها أمداح نبوية. وظيفة الزاوية الحسونية في تنشئة أهل سلا لقد كانت الصوفية بمدينة سلا برتبها والتدين الشعبي مدرسة للتهذيب الفكري والروحي وجهت وطورت ابداعات المبدعين في مختلف المجالات الفكر والصناعة، الموسيقى والغناء، وساهمت الطريقة الحسونية في تربية وتنشئة الأجيال على العقيدة الإسلامية المسترشدة بالقرآن الكريم والسنة النبوية، اعتمدت الزاوية الحسونية على تحفيظ القرآن وسماع المديح النبوي وقصائد من الأشعار المختارة التي تتغنى بجمال الحضرة الإلهية والحضرة المحمدية منهجا تربويا. إن الوظيفة التربوية والتثقيفية والاجتماعية للطريقة الحسونية تعيش لحظات تتويج أيام عيد المولد النبوي الشريف، حيث تقام حفلات الملحون يشارك فيها شعراء وشيوخ الملحون من مختلف مدن المغرب فتلقى قصائد بهذه المناسبة تتضمن المرسول -المداحي- الجمهور- لخلوق- الادريسيات والحسونيات. وكانت غاية التصوف حماية الذات وتقوية شخصية المسلم، والدعوة إلى المحبة والإحسان والخلق والتقوى وطلب الكمال، أو كما قال العارف الإمام الشاذلي كرم الله وجهه «التصوف تدريب النفس على العبودية وردها لأحكام الربوبية» ولأن محبة الرسول الكريم (ص) أصل عظيم من أصول الدين فلا إيمان إلا بمحبة سيد الخلق، ولا ايمان إلا بجعل المحبة تعم بين الإنسانية جمعاء. وتلح الصوفية بذلك على التأدب مع الله وعدم الاشتغال بما عداه والإخلاص له والاقتداء بسيرة الرسول الكريم. غايتها تنوير القلوب وتزكية النفوس، وتقريب الأصول لتسهيل الوصول لمعرفة الله سبحانه وتعالى والرسول الكريم، في وقت الذي تئن فيه البشرية تحت وطأة الماديات وما ترتب عن ذلك من حروب واعتداءات وأمراض نفسية وعضوية نتيجة فراغ روحي كبير. وقامت الزوايا الصوفية وخاصة الحسونية على مبدأ مقاومة التدخل الأجنبي عبر الغليان القومي، فإذا كان الشيخ الهبطي قد اشتهر بالجهاد في الشمال تلبية لنداء الواجب الوطني، دفع ابن حسون - تلميذ الهبطي- إلى أن يرابط في مدينة سلا التي كانت مهددة من طرف البرتغال، خاصة وأن قائد سلا الحاج الفرج أراد أن يسلم مدينة سلا سنة1546 إلى لويس دي لوريرو luis de loriero عامل مزكان (الجديدة)، علاوة على أنه كانت هناك نية مبتية لاحتلال مدينة سلا كما يتبين من رسالة السيد الأعظم سانتياكوSantiago حيث ينصح حكومته بالتخلي عن بعض المراكز، على أن تركز الاستعدادات لمواجهة الأتراك، وقد تميز جواب الأسقف Algarve ببعض التفاصيل، مشيرا إلى أنه من البديهي أن الملك البرتغالي بالدرجة الأولى بالوصول إلى القضاء على الشريف السعدي قبل أي شيء آخر، لذا فعليه أن يسيطر على سلا، وأن يتخذها قاعدة للهجوم على فاس ومكناس. وهكذا نرى أن الزاوية الحسونية قامت على أساس الجهاد الديني ولها صفحات مشرقة في الدفاع عن كيان الوطن. ومما تجدر الإشارة إليه أن ابن حسون قام بدور مهم في تعبئة الجماهير الشعبية لصد الغزو الصليبي مشاركا معهم في الجهاد. ومنذ ذلك الحين والذاكرة الشعبية لمدينة سلا ترى في عبد الله ابن حسون حاميها وسلطانها: وتقول مقطوعة الملحون في الحصانة الدفاعية التي كان يمنحها عبد اللها بن حسون لمدينة سلا وهو ما أشار إليه الفرنسي جاكييه في كتاب الرباطوسلا: ابن حسن أفارس لعناية أسلطان سلا أنت وسيدي بنعاشر والله بلادكم ما يدخلها كفار توقف موسم الشموع رمز لمقاومة الاحتلال استمر الاحتفال بذكرى المولد النبوي بمدينة سلا وبطقوسه المعهودة، لينقطع خلال أصعب الظروف في عهد الحماية، حين ضاق الملك المجاهد محمد الخامس طيب الله ثراه والمغاربة درعا بالمحتل وسياسته، وبدأ التفكير بين الملك والشعب، وخاصة مع أعضاء حزب الاستقلال والحركة الوطنية لتحرير البلاد منه، وتوقف الاحتفال بموسم الشموع كان ذلك خلال شهر غشت من سنة 1953م، حيث عمد المستعمر إلى نفي الملك المجاهد سيدي محمد بن يوسف، وترتب عن ذلك نشاطات المقاومة المسلحة والمقاومة الشعبية لمواجهة المستعمر الذي كان يستغل المظاهر الدينية وخاصة المواسم ليبرهن للرأي الدولي أن الاستقرار سائد والطمأنينة عامة في البلاد. ولكبح جماح المقاومة المطالبة بعودة الملك الشرعي للبلاد أراد المستعمر أن يعيد موسم الشموع لمولاي عبد الله ابن حسون الذي انقطع به مدة ثلاث سنوات للأسباب المذكورة سالفا، فطلب من الشرفاء الحسونيين بإقامته، وأمام رفضهم واشتراط عودة رمز البلاد جلالة الملك المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه، أرغم المحتل صانع الشموع شقرون بتزويق الشموع ووجه المستعمر الاستدعاءات إلى رجال الصحافة الدولية وأحضر السواح من كل صوب فما كان من بعض الغيورين المقاومين قبيل يوم الاحتفال إلا أن تسللوا إلى مكان الشموع وأتوا عليها إحراقا ونذكر من بين هؤلاء الشريف سيدي محمد بن العربي الحسوني، السيد عبد السلام الأسفي، السيد علي الزموري المكنى المسطاش، السيد محجوب ولد موح، السيد حميد الأسفي، السيد عبد الحميد السباعي والسيد الفقيه عبد السلام الدرقاوي. وبعد أن انفرجت الأزمة برجوع رمز الوحدة والحرية المغفور له مولانا محمد الخامس طيب الله ثراه تقدم الشرفاء الحسونيون إليه بمناسبة زيارة جلالته إلى ضريح مولاي عبد الله بن حسون في عيد المولد النبوي الشريف لسنة1956 طالبين السماح لهم باستئناف موسمهم السنوي المعهود فأصدر جلالة الملك في السنة الموالية أمره، وتواصل الاحتفال منذ ذلك الحين، حيثترأس الملك محمد السادس، وهو وليا للعهد، موكب الشموع لسنة 1975، وبمعية صاحب السمو الملكي مولاي رشيد والأميرات الجليلات، وترأس صلاة أول جمعة شهر رمضان لسنة2000 بالمسجد الأعظم. ويقول عبد المجيد الحسوني لجريدة العلم أن الموسم أصبح محطة للتوعية والتثقيف الإسلامي بعيدا عن التواكل والشعوذة، ويعقد الموسم هذه السنة وفق برنامج هام من الأنشطة الدينية والتربوية والفكرية الهامة يشاك فيها العلماء والباحثون والأساتذة الجامعيون والأكاديميون والشعراء لأكبر دليل على هذا التحول والتطور.