تتصارع في ذهني مجموعة من الأسئلة التي لم أجد لها جواب ، لمادا لم نصل بعد إلى مستوى الأفلام التي كانت تعرض في بداية القرن الماضي باللونين الأبيض والأسود،ويتحرك فيها الممثلون بسرعة وكأن بهم مس كهربائي. كم من الوقت أو كم من القرون سنحتاج لنصل إلى دلك المستوى؟. لمادا تغرورق عيني عندما أقارن شريط سوري أو خليجي أو مصري بالأفلام التي تعرض على شاشة قناتنا ؟ من له المصلحة في أن يبقى الجمهور المغربي جمهور )مكلغ(،وتبقى جميع المواضيع طابوهات لا يمكن التطرق لها بأي شكل من الأشكال؟. والأفظع من كل هدا أن القائمين على شؤون هاتين القناتين يتذرعون بمقولتهم المشهورة، (هذا ما يريده الجمهور(. بربكم عن أي جمهور يتحدثون وأي إنسان عاقل يقبل بمثل تلك التفاهات؟ . (نيابة عني وعن الجمهور المغربي نقول بصوت واحد،) راه ما يقدم في القناتين من أشرطة وأفلام شيء تافه لا يقبله حتى القط ،وباركة راه تكرفسنا تقاو فينا الله . (حرام عليكم ،هادشي بزاف على المعنى( . والغريب في الأمر أنهم يرجعون سبب ضعف الإنتاج ،إلى افتقار البلاد لكتاب ومؤلفين دوي مستوى جيد،فعلى أي أساس بنيت هذه النتيجة؟. يكفي أن يفك الحصار المضروب حول القناتين وان تغير لجنة الدعم بلجنة أخرى نزيهة وسنرى العجب . أملي أن أرى أفلاما مغربية تعرض على شاشة قناة أبو ظبي أو إحدى القنوات العربية الأخرى . لكثرة الأفلام التي ترد علينا من المشرق ،أصبحنا نرى فتيات صغيرات يتحدثن بطلاقة اللهجة الخليجية والسورية واللبنانية دون أن نتكلم عن اللهجة المصرية لأنها أصبحت اللغة الثالثة السائدة في المغرب . عندما أتحدث إلى أحد الأصدقاء العرب عبر الانترنيت ، أحس بخنجر يخترق صدري وأنا أكلمه بلهجتي المغربية فأتفاجأ به يقول . )أخي ممكن تتكلم عربي أنا مش فاهم أي حاجة من كلامك(. إلى متى سنكلمهم بلهجتهم ويكلمونا بلهجتهم؟ إلى متى ستبقى لهجتنا نسيا منسيا؟ إلى متى سنفهم السوري ،الليبي ،المصري ،التونسي والخليجي ولا يفهمنا أحد؟. إلى متى ستبقى لهجتنا مهمشة مثل موقعنا المتواجد بأخر ركن بالقارة،متى ستصبح السينما صناعة تشغل عدد كبير من الأيادي العاملة؟. ابشروا أخواني فرمضان قادم ،وكالعادة سنرى تفاهات تندى لها الجبين وتفقدنا حلاوة هدا الشهر الكريم وتدخل الإحباط إلى قلوبنا. سنرى مجددا شخص يضع يده على فمه ويصدر أصوات كالحمار ،أو شخص يلبس سروال يصل إلى ركبتيه ويتفوه بكلمات كالمجنون،وسنرى الممثلة التي تضع يديها على خصرها وتكلم زوجها بصراخ كأنها تكلم ربيبها . مرة أخرى سأرجع من جوفي ما تناولته عند الإفطار ،مباشرة بعد رؤيتي لسائق الطاكسي لي ما بيجمعش الله يرحم عليها يونس شلبي . لازلنا لم ننسى مأساة الشهر الدي عرضت فيه السلسلة المشهورة والتي كان يقدمها لنا الزوجين الكريمين فيطرحون علينا كل مرة سؤال غبي من بلد من بلدان العالم . حقيقة فقد أمتعونا ،جازاهم الله عنا خيرا ،حيت أن الممثلين والطاقم عانوا الأمرين وأرهقوا أنفسه بالطواف حول العالم في 30 يوم محققين بدلك رقما قياسيا، كل دلك من أجلنا وحتى تعم الفائدة الجميع . يا ترى كم أنفقت على ميزانية دلك العمل ؟ لا أظن أن فيلم من أفلام هوليود التاريخية حاصل على سبع أوسكارات والتي استخدمت فيه جيوشا من الفنيين ،التقنيين ،الممثلين والكومبارس قد وصلت ميزانيته إلى مستوى ميزانية حلقة واحدة ،والدليل أن الزوجين الفاضلين لازالا يستريحان من مشقة تلك السلسلة بإحدى الدول الأوربية، الله يكون فالعوان تمرتو ولكن شي باس ماكاين هدوك غير فلوس الشعب . في نظري ادا كان الناس القائمين على القناتين غير قادرين على إنتاج أشياء تستحق المشاهدة، فليتركوا المكان مشكورين لمن لهم دراية وكفاءة، أو فلتقفل القناتين ويعفي المواطن من دفع ضريبتهما. لن يتقدم القطاع الفني مادمنا نسمع عن جزار أصبح ممثل ومنتج ويستعد حاليا لدخول مجال الإخراج ،وعن رجل درك أصبح ممثل،وعن شيخة أصبحت هي الأخرى ممثلة مسرحية وقريبا سيقام لها حفل تكريم،واللائحة طويلة (ما خفي كان أعظم( . لي حل أخر قد يرضي الجميع ، أطلب من السيد الوزير المكلف بالقطاع بأن يدخل القناتين معا إلى دائرة الخوصصة مادام أن كل شيء أصبح يحوم في مدارها. سيقول قائل (مالك أصاحبي مصدعنا الى ما عجبوكش القنوات بزوج قلب لشي قناة أخرى وهنينا من الصداع )أجيب وأنا جد متحسر ،إلى متى ونحن نغير؟ . أذكر مرة أنني كنت جالس بإحدى المقاهي، فاقترب النادل من التلفزة ماسكا télécomande ،وبدأ يمرر القنوات فتوقف عند قناة الرباط وصرخ جميع من كان في المقهى بصوت واحد.( فوت أصاحبي فوت( . (لمادا نصاب بالصرع ويركبنا ألف عفريت )كما يقولون، عندما نرى قناة الرباط أو قناة عين السبع،أو يطل علينا مصطفى العلوي بسحنته . على ذكر مصطفي العلوي أذكر وأنا صغير منذ أزيد من 35 سنة، أنني كنت أضع الوسادة لأصل إلى جهاز التلفاز حتى أتمكن من تشغيله ،فيظهر لي كل مرة هدا المذيع حتى ألفته وأصبحت أناديه عمي،فهو دائما حاضر في كل المناسبات،ويتحدث بنفس النغمة ونفس النظرة الجادة ،والآن ابنتي ذات 4 سنوات تضع هي الأخرى كرسي لتستطيع تشغيل التلفاز،تخيلوا معي من يطل عليها مرة أخرى؟ أنه دائما عمي العزيز،ومن يدري فربما قد يطل على أحفادي من بعد ؟. فليس هناك شيء في زنقة البريهي اسمه التقاعد النسبي أو الكلي ،بل يوجد هناك أشخاص من نوع بطل سلسلةhylander ،الشخصية الأزلية التي لا تموت والتي تستمد قوتها وبقائها من قطع رأس شخصية أزلية أخرى،ترى كم من الرؤوس قطعت في زنقة البريهي وعين السبع؟ . نريد إصلاحا شاملا في القناتين ، كفانا تنقلا بين القنوات ،فالإنسان مهما أقام بفنادق خمس نجوم أو فنادق سيدي بولوقات بمراكش،فأنه لن يجد راحته إلا على سريره وداخل جدران بيته. أحب أن أختم مقالي بمشهدين لن نراهما في أي شريط على شاشة القناتين لا في عهد هذه الحكومة ولا الحكومات القادمة. مشهد رقم 1 مشهد لصحفي وهو يقترب من السيد الوزير الدي كان واضعا يده اليمنى بجيب سرواله ويمسك بالأخرى كأس )كأس شاي طبعا(. الصحفي : سيدي الوزير، بغيناكم عفاك تقولو لينا فين وصلات الصفقة لي عقدتو مع سي نبيل، ولي من اجلها تسلم شيك ضخم باش يزود خزانة البلاد بمجموعة من الأشرطة والأفلام المحلية؟. يرفع الوزير رأسه عاليا وينظر إلى الصحفي بثقة عالية. الوزير : فالحقيقة عقدنا مع سي نبيل صفقة باش يقوم لينا بإنتاج أفلام مغربية تعزز الساحة ،قصد إصلاح هاد القطاع ،إنما لي ما تيعرفوش المواطن هو أن سي نبيل كابر فالخارج وما تيعرفش للعربية ،لهدا فهو مشي يتعلم لهاد اللغة أولا ومن بعد غادي يقوم بدراسة لمجموعة من السيناريوهات المعروضة عليه وبالتالي غادي يبدا العمل. الصحفي : سيادة الوزير ما تاشوفش بلي غادي يا خد وقت كثير؟ يبتسم الوزير ابتسامته المعروفة. الوزير : فالحقيقة مني عقدنا معاه هاد الصفقة ما حددناش ليه الوقت ،وكيف تايقولو لولين لا زربا على صلاح ،صلاح ديال القطاع الفني ما شي صليح ديال الفلوس،فحنا خدامين ونتمنى التوفيق للجميع . مشهد 2 ينظر القاضي الى المتهم . القاضي : حكمت عليك المحكمة بالإعدام ،إنما عندك الاختيار،واش سيدي بغيتي تعدم بالرصاص ولا بالشنق ولا بالكرسي الكهربائي ولا تبقا ساعتين قدام القناة 1؟ المتهم : الله يرحم الولدين أسيد القاضي والى جات على خاطركم أنا بغيتكم تجلسوني على الكرسي الكهربائي وتشنقوني عاد ديرو ليا شي قرطاسة هنا. يضع المتهم أصبعه على دماغه. المتهم : وداكشي ديال زنقة البريهي راه ما عنديش معاه . القاضي : وخا سيدي كيف ما حبيتي. يرفع المتهم يديه عاليا. المتهم : )بصراخ( يحيا العدل..... يحيا العدل