يتضح لنا جليا، مع توالي الأيام، بأننا لازلنا لم نصل بعد إلى مستوى الأفلام الكلاسيكية الشرقية التي عرضت في بداية القرن الماضي باللونين الأبيض والأسود، ولازلنا بعيدين جدا بعد السماء عن الأرض عن الأفلام الغربية التي كان يتحرك فيها الممثلون بسرعة وخفة وكأن بهم مس كهربائي. فلا مجال للمقارنة بين أي شريط سوري، خليجي أو مصري وبين ما يعرض على قناتينا من أفلام مغربية، فجلها، تمتاز بكونها هابطة ورديئة لا من ناحية السيناريو ولا إخراج لا لون لها ولا طعم، نصاب جراء مشاهدتها بحالة من التقزز والغثيان ونجد صعوبة كبيرة في تتبعها حتى نهايتها. كأن هناك في القناتين أشخاص ساديين يتلذذون بتعذيبنا، يضحكون على ذقوننا ويعملون بإصرار على اقتناء التفاهة وإنتاجها وتقديمها للمشاهد المغربي بجرأة كبيرة ودون خجل ضاربين، عرض الحائط، كرامته ومتعمدين بذلك إهانة وعيه الفكري والثقافي ومساواتهما بوعي وإدراك طفل صغير، وربما في القريب العاجل سنقرأ في جينريك أي شريط ثلفزي جملة (يمنع مشاهدة هذا الشريط على أكثر من 7 سنوات ومن لم يعجبه إبداعنا فليشرب البحر). نريد إصلاحا شاملا للقناتين، كفانا تنقلا بين القنوات واستقبال ضيوف غرباء في بيوتنا حتى لو كنا نتقاسم معهم نفس الديانة ونفس اللهجة، فالإنسان مهما أقام بفنادق خمس نجوم، فإنه لن يجد راحته إلا على سريره وداخل جدران بيته وبين أهله. من حقنا أن تكون لنا قناة تبت أفلاما تشرفنا كمغاربة وتكون سفيرتنا في بلدان أخرى، أفلاما من واقعنا المعاش نستمتع بمشاهدتها، لا قناة تبت برامجها خصيصا للرضع أو الأطفال دون السادسة. يتذرع المسؤولون والقائمون على شؤون هاتين القناتين في العديد من اللقاءات بمقولتهم المشهورة، (نحن ننتج ما يريده الجمهور) ويرجعون سبب ضعف الإنتاج، إلى افتقار البلاد لكتاب ومؤلفين ومبدعين ذوي مستوى جيد، فعلى أي أساس توصلوا لتلك النتيجة؟.. يكفي أن يفك الحصار المضروب حول القناتين وأن تستبدل لجنة الدعم بلجنة أخرى نزيهة وسنرى العجب. كم هائل من الأفلام ترد علينا من الشرق، أصبح معها الجميع يتحدثون اللهجة الخليجية والسورية واللبنانية بطلاقة دون أن نتكلم عن اللهجة المصرية لأنها اللغة الثالثة السائدة في المغرب، وفي المقابل ظلت لهجتنا مهمشة لا يفهمها أحد. أملنا جميعا أن تعرض، في يوم من الأيام، على شاشة قناة أبو ظبي أو إحدى القنوات العربية الأخرى أفلاما مغربية جيدة وتجعل إخواننا الشرقيين يتكلمون هم الآخرون اللهجة المغربية. لقد حان الوقت ليتفهم المسؤولون عن القناتين بأن عقلية المشاهد المغربي تغيرت وتطورت وما كان يبت في الستينات لم يعد يستلذه حاليا أحد، وإذا كانوا غير قادرين على إنتاج شيئا يستحق المشاهدة، فليتركوا المكان مشكورين لمن لهم دراية وكفاءة، أو فلتقفل القناتين ويعفي المواطن من دفع ضريبتهما.