في إطار الحملة التي تقوم بها جمعية المدونين المغاربة ضد الفساد الانتخابي، كان لنا مع السيد سعيد بن جبلي رئيس الجمعية هذا الحوار القصير، طرحنا فيه بعض الأسئلة التي تخص أهداف الحملة و الوسائل المعتمدة لإنجاحها، وهل حققت أغراضها في محاربة ما سمي بالفساد الانتخابي،وهل ستكون هناك حملات مماثلة مستقبلا ضد الرشوة والزبونية والمحسوبية وباقي مظاهر الفساد الإداري بالمغرب. "" - كيف جاءت فكرة إطلاق حملة إلكترونية من لدن جمعيتكم لمحاربة الفساد الانتخابي، وما هي أهداف هذه الحملة؟ حملة مدونون ضد الفساد الانتخابي تهدف إلى لفت الانتباه لتفشي وانتشار ظاهرة الفساد الانتخابي بالواقع المغربي وإلى التحسيس بخطره ونتائجه السلبية على العملية الديمقراطية برمتها، عن طريق رصد جميع مظاهر الرشوة الانتخابية وتزوير النتائج والأساليب غير المشروعة لتأثير على إرادة الناخب، وإلى توعية المواطن لتجنب الوقوع في حبال أباطرة وسماسرة الانتخابات وشباك المفسدين بل فضحها والاعتراض عليها، كما نقوم بممارسة قليل من الضغط على السلطات حكومة وإدارة من أجل الانضباط للحد الأدنى من ضوابط الشفافية والنزاهة في الانتخابات ومن أجل بذل الجهود اللازمة لتأمين العملية الانتخابية من جميع الشوائب وأشكال الفساد. - على المستوى التقني كيف تشتغلون كمدونين و ما هي الوسائل التي تعتمدون عليها من أجل إنجاح هذه الحملة، وهل وفر لهذه الحملة دعم من لدن جهة ما؟ نعتمد فقط على إمكانياتنا المتواضعة ونشتغل بالأساس في الفضاء الافتراضي،وذلك بالنشر على المدونة الرئيسية والمواقع والمدونات الشخصية للمشاركين في الحملة، وكذلك عبر الشبكات الاجتماعية وخصوصا موقع "الفايسبوك" وعلى موقع "اليوتيوب" لمدونات الفيديو، هذا على مستوى الرصد الإعلامي والعمل التحسيسي في المجال الرقمي، أما على مستوى الرصد التوثيقي فإننا نقوم بتعاون مع شركائنا وخصوصا المركز المغربي لحقوق الإنسان بتتبع مظاهر الفساد الانتخابي وتوثيقها وإحصائها، من أجل إنجاز تقرير عام حول مدى نزاهة الانتخابات انطلاقا من هذه المعطيات الدقيقة. - ما هي إمكانياتكم البشرية، و هل تعتقدون أنها كافية لإنجاح أهداف الحملة؟ ما نسعى إليه هو تسليط الضوء على بعض أشكال الفساد الانتخابي وفضح تجاوزات مختلف أطراف العملية الانتخابية من إدارة وأحزاب ومنتخبين ترسيخا لسلطة الإعلام وممارسة لحق المواطنة في الرقابة والمحاسبة، وبالتالي فنحن قد حققنا جزءا كبيرا من أهدافنا التي سطرناها، فلم يكن أبدا من طموحنا القضاء نهائيا على الفساد الانتخابي المتغلغل في جسد المجتمع المغربي، لكن بضع عشرات من المدونين بإمكانهم إيقاد شمعة في هذا الظلام الحالك والتأسيس لجيل جديد من النشاط المدني المواطن. أما لمكافحة الفساد والقضاء عليه نهائيا فلابد من تضافر جهود جميع أطراف العملية الانتخابية من مواطنين وهيئات سياسية والأهم السلطات الإدارية، بعد توافر الإرادة السياسية للحد من ظاهرة الفساد الانتخابي باعتباره تهديدا للعملية الديمقراطية برمتها وسبب رئيسي في تخلف المجتمع على جميع الأصعدة، لأن الفساد لا ينتج إلا الفساد. - بعد مرور أيام على انطلاق هذه الحملة، هل هناك تجاوب و تفاعل بين المدونين يخدم الأهداف التي وضعتموها؟ لقد اعتمدت كثير من الصحف ووسائل الإعلام على التقارير التي أنجزها المدونون في إطار هذه الحملة، حيث عمل المدونون المشاركون على رصد مظاهر وأشكال الفساد الانتخابي كل من موقعه، ولأن أعضاء الجمعية متواجدون في جميع أنحاء البلاد تقريبا بعكس مراسلي الصحف الذين يتمركزون غالبا بالمدون الكبرى فقد كان هناك سبق وتميز ومواكبة حصرية في تقاريرنا، لكن يبقى ضعف الإمكانيات التقنية وتواضع مستوى الخبرة الإعلامية عوائق وتحديات تواجه عملنا في مثل هذه الحالات. - يبدو أن جمعية المدونين المغاربة و بعد هذه الحملة التي تقودها هذه الأيام لمحاربة و فضح كل أشكال الفساد الانتخابي، قد يخيل للبعض أنها قد دخلت غمار العمل السياسي في المغرب، هل أنتم واعون بهذا العمل و النتائج التي قد تترتب عنه ؟ اهتمام الجمعية بالفساد الانتخابي يتم انطلاقا من اعتباره ظاهرة مجتمعية تهدد الاستقرار والديمقراطية، إن معالجة ظاهرة الفساد قضية وطنية عامة وليست انحيازا أو دعما لطرف سياسي ما، ورغم أننا نحترم رأي من يقاطعون الانتخابات جملة وتفصيلا باعتبارها عبثا لا طائل منه بدعوى غياب مجموعة من أبسط مبادئ الديمقراطية التي تمنح سلطة حقيقية لمن تختاره صناديق الاقتراع، لكننا نستحضر في نفس الوقت كون السبب الرئيسي وراء مقاطعة الأفراد والهيئات السياسية لصناديق الاقتراع هو طغيان الفساد الانتخابي بجميع أنواعه والذي ستزول بزواله جميع مبررات مقاطعة صناديق الاقتراع لأنه إضافة إلى بعض المواقف السياسية الجذرية من العملية الانتخابية يبقى الفساد الانتخابي هو المبرر الوحيد لمقاطعة صناديق الاقتراع، وهو منتشر بدرجة أعلى من الفساد العام وذلك لمساهمة جميع أطراف العملية الانتخابية والسياسية في تكريسه، انطلاقا من السلطة الإدارية التي تلجأ في بعض الأوقات لممارسة إفساد العملية الانتخابية بعدة أشكال بغية تحجيم قوة المعارضة ومرورا بالسلطة التشريعية المتمثلة في الحكومة وغرفتي البرلمان التي تنشئ قوانين على المقاس لا تدعم شفافية الانتخابات ولا تعزز العملية الديمقراطية لأن جل أفرادها نتاج للفساد أو مستفيد منه، دون أن ننسى القصور الكبير في عمل جهاز القضاء المتخن بأمراض الرشوة والانحياز للإدارة والتبعية للسياسي، وهذه عوامل كثيرة ساهمت في تمتع الفساد الانتخابي بشرعية عرفية تفوق اعتباره الجرمي أخلاقيا، مما جعل المواطن بين اختيارين لا ثالث لهما إما التنافس على مقاعد مربحة بطرق فاسدة، وإما اعتزال العملية برمتها وهو حال نسبة كبيرة ممن يقاطعون صناديق الاقتراع والذين يتم التقليل من شأنهم باعتبار فعلهم عزوفا سلبيا. - هل ستقوم جمعيتكم بحملات مماثلة مستقبلا لمحاربة ظواهر أخرى مثل الرشوة و التحرش الجنسي و الاغتصاب.. و ماذا ستقدم جمعيتكم الوطنية لقضية الصحراء ؟ لدينا الكثير من المشاريع التي ننوي العمل عليها مستقبلا ، وسنعطي الأولوية للقضايا التي تهم المواطن بدرجة أولى.