بعد إعفاء عبد الإله بنكيران، وتعيين الدكتور سعد الدين العثماني لرئاسة الحكومة، كان سقف التوقع لا يخرج عن ثلاث سيناريوهات: – إعادة التأكيد على نفس منهجية بنكيران في التفاوض ومن ثمة رفض الاتحاد الاشتراكي وفتح الباب أمام إعادة إنتاج البلوكاج أو إنتاج صيغة توافقية دون شروط بنكيران وفوق الشروط التي كان يجري ترسيمها. – سيناريو تغيير جزئي في منهجية بنكيران مع الحفاظ على الحد الأدنى من التوازن في موازين القوى لإعطاء أمل في إمكانية مواصلة البناء الديمقراطي. – سيناريو ثالث، وهو الدخول للعملية التفاوضية بسقف واطئ وفرض شروط أكبر من تلك التي كان يجري ترسيمها والمبالغة في إضعاف العدالة والتنمية والبلوغ بها حد الإهانة. في السيناريو الأول، كان حزب العدالة والتنمية سيخرج متماسكا موحدا ودون خسائر تذكر اللهم خسارة إعفاء رئيس الحكومة السابق، وكانت موازين القوى لن تتغير كثيرا لصالح هذا الحزب، كما أن توازنات الدولة ستبقى في وضعيتها السابقة مع استمرار الرهان الانتخابي بشكل حاد على استحقاق 2021. في السيناريو الثاني، كان حزب العدالة والتنمية سيتعرض لضربة خفيفة تؤثر في شعبيته ولن تعلق الشماعة على أي جهة أخرى خارج الذات الحزبية، وعلى الأرجح كان المسار التنظيمي للعدالة والتنمية سيحافظ على منطقه الانتخابي في تداول النخب على القيادة، مع استمرار نفس الرهان الانتخابي الحاد على استحقاق 2021 لكن بقيادة أقل جاهزية من السابقة. في السيناريو الثالث، الذي يجري اليوم، يبدو أن المبالغة في استهداف الحزب وإهانته سياسيا، لن يكون لمفعول الإضعاف وضرب تماسك الحزب أثر إلى على المدى القصير، وعلى الأرجح ألأن يكون لهذه الاستراتيجية مفعول عكسي تماما، إذ في لحظة الإهانة، تتحول المشاعر السلبية إلى طاقة وحدوية قوية لاستدعاء الماضي ورموزه، ولذلك من المرجح جدا أن يكون الجواب القادم على استراتيجية الإضعاف عودة أطروحة النضال الديمقراطي بسقف آخر، وعودة القيادة التي صنعت الانتصارات وكانت سببا في إنتاج لحظات الصمود، ومن الممكن جدا، أن تتجه القيادة لرتسيم علاقة الحزب مع الحكومة على نحو مختلف مما كانت عليه في الماضي حفاظا على تماسك الحزب ووحدته، وتحصينا لمكتسبات الإصلاح، ورهانا على مزيد من التجدر والانغراس في المجتمع والوضوح مع الشعب والقيام بمراجعة ذاتية من أجل تجاوز حكومة الضرورة إلى حكومة الإصلاح المقبلة، مما يعني استمرار الرهان الانتخابي بنحو أشد حدة.