زيارة الملك محمد السادس الى مالي ليست بالعادية ولا بالبسيطة٬ انها زيارة على قدر كبير من الاهمية وتحدي كبير له وللمغرب ولفرقاء الازمة في مالي. الملك الذي وصل يوم امس الى باماكو٬ سيعقد يومه الاربعاء لقاء على انفراد مع رئيس مالي ابراهيم بوباكار كيتا. الهدف من هذا اللقاء عرض المشروع المغربي في صيغته النهائية على الرئيس الذي كان هو من طلب وساطة مغربية في نزاعه مع الحركة الوطنية لتحرير"ازواد" المطالبين بانفصال شمال مالي. قبل هذه الزيارة كان الملك محمد السادس قد اجرى اتصالا هاتفيا مع بليز كامباوري٬ رئيس بوركينا فاسو الذي فشل في مساعيه للوساطة في الازمة المالية٬ لكن الملك يريد ان يطمئن هذه الدولة الجارة ويريد ان يمرر رسالة مفادها ان الوساطة المغربية ليست ضد ما قام به رئيس هذه الدولة. بيان الديوان الملكي اكد ان الملك تباحث مع الرئيس البوركينابي بشأن الأهداف المرتبطة بالمصالحة الوطنية والتنمية بشمال مالي، وذلك في إطار الاحترام التام للوحدة الترابية والوطنية للماليين. ونوه بما قام به كومباوري من أجل تحقيق الاستقرار وإعادة النظام الدستوري لدولة مالي الشقيقة، وذلك طبقا لاتفاق واغادوغو المبرم في يونيو 2013. بهذا الاتصال يكون الملك محمد السادس قد طمأن الجارة بوركينافاسو٬ لكن هناك دولة اخرى لن تترك الملك محمد السادس ينجح في وساطته بمالي يتعلق الامر بالجارة الجزائر. فعشية الزيارة الملكية التقى مجيد بوقرة الوزير المنتدب بالشؤون المغاربية والافريقية بابراهيم اغ محمد صالح المكلف بالعلاقات الخارجية في "ازاواد". لكن الجزائر تعلم اكثر من غيرها ان هذا اللقاء يدخل فقط في التشويش لان الامين العام للحركة سبق ان رفض كل مساعي الجزائر للوساطة٬ بسبب العلاقات الغامضة بين بعض الحركات الارهابية مع النظام الجزائري. ستسعى الجزائر بكل ما وسائلها الى افشال الوساطة المغربية التي يقوم بها الملك٬ والرد المغربي اذا نجحت الاطراف الى التوقيع على اتفاقية للسلام سيكون واضحا: لا قيمة لتجمع الساحل الذي ترعاه الجزائر وقامت بكل ما اوتيت من قوة لتهميش المغرب وساطة الملك في مالي ليس هدفها فقط السلام في هذا البلد الذي تربطه علاقات تاريخية متجدرة مع المغرب بل ستكون بوابة للملك لدخول افريقيا من بابها الواسع. سينجح فيما لم تنجح فيه فرنسا وطمحت اليه وفيما لم تستطع امريكا حتى ان تحاول فيه. لم يجلب العسكري الفرنسي في 11 يناير من السنة الماضية٬ الذي قضى على جزء كبير من تنظيمات عسكرية موالية للقاعدة٬ السلم الى هذه الدولة٬ لذا فالمبادرة المغربية ستكون على قدر كبير من الاهمية الملك كان اعد لهذه الوساطة بمراكش٬ واستقبل يوم 31 يناير الماضي بلال اغ الشريف الامين العام ل"ازواد" والناطق الرسمي باسم الحركة. لاعطاء الاستقبال دلالة كبيرة ادى الملك وضيفه الصلاة بجامع الكتبية الذي بناه جد بلال اغ الشريف يوسف بن تاشفين مؤسس الدولة المرابطية. خلط التاريخ بالحاضر كان له وقع كبير على زعيم المرابطين الحالي لكن ماذا يحمل المشروع المغربي لحل ازمة مالي؟ المغرب يقترح حكما ذاتيا موسعا لاقليم "ازواد" لكن تحت السيادة المالية. هذا المقترح كان قد عارضه في البداية الرئيس ابراهيم كيتا في المقابل سانده ودافع عنه وزير خارجيته زهابي ولد سيدي محمد. يبدو ان الرئيس قبل اخيرا بهذه المبادرة والا ما كان للملك ان يذهب بعيدا في هذه الوساطة.