أشار تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التابعة للأمم المتحدة إلى معاناة مليونيين من سكان المغرب من سوء التغذية، وهو ما يمثل 5.5 في المائة من العدد الإجمالي لسكان المغرب. وفي معرض تعليقه على تقرير منظمة الفاو الذي أشار إلى انخفاض مستوى سوء التغذية في المغرب، أشار الخبير في الاقتصاد نجيب أقصبي، إلى أن مؤشرات المنظمات العالمية والهيئات الأممية تظل شمولية، وأكد على أن المغاربة يعانون، بصفة عامة، من نمط التغذية وليس من قلة التغذية. «من جهة هناك ارتفاع للاأمن الغذائي، وتزايد للتبعية الغذائية تجعل المغرب مضطرا لاستيراد مواد غالبا لا تواتي مواصفات التغذية المتوازية»، يقول أقصبي، في إشارة مباشرة إلى الأغذية المعدلة جينيا، مثل الذرة، التي تستعمل كأعلاف لإنتاج اللحوم البيضاء. كما قدرت المنظمة عدد الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية في العالم في حدود 870 مليون نسمة، خلال الفترة الممتدة بين 2010 و 2012، أي ما يمثل نسبة 12.5 في المائة من إجمالي سكان العالم، (ما يعادل شخصا واحدا يعاني من سوء التغذية من بين كل ثمانية أشخاص). وأشارت منظمة الفاو إلى أن الجوع مازال يسود بالأساس في البلدان النامية، حيث يصل عدد الجياع في هذه البلدان إلى حوالي 850 مليون شخص (15 في المائة من إجمالي السكان). كما أن أغلبية الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية يتمركزون في ثلاث مناطق، هي جنوب آسيا (304 ملايين)، وإفريقيا جنوب الصحراء (234 مليونا)، وشرق آسيا (167 مليونا)، أي ما يمثل 705 مليون نسمة. «بصفة شمولية، تتساوى إمكانيات الإنتاج الفلاحي على الكرة الأرضية مع حجم المتطلبات في الوقت الراهن»، يقول أقصبي، قبل أن يضيف، «لكن المشكل يكمن في القدرة على الإنتاج، وتوزيعه، والقدرة على إمكانية الولوج إلى التغذية، وهو ما يجعل مشكل الأمن الغذائي يكمن أساسا في القدرة على الوصول إلى الغذاء.» من جانب آخر، أشار التقرير إلى استمرار انخفاض عدد الجياع في جل مناطق العالم، باستثناء افريقيا التي شهدت ارتفاعا لمعدلات سوء التغذية، حيث «ارتفعت تلك المعدلات من 17.0 إلى 27.0 في المائة بإفريقيا جنوب الصحراء، ومن 1.3 إلى 2.9 في المائة في غرب آسيا وشمال إفريقيا»، كما ورد في التقرير. وبخصوص المغرب، أشارت الإحصائيات الواردة في تقرير منظمة الفاو إلى انتقال نسبة عدد الجياع في المغرب من 7.1 في المائة في الفترة الممتدة بين 1990 و 1992 إلى 5.5 في المائة في الفترة الممتدة بين 2010 و 2012، وهو ما يمثل تراجعا بنسبة ناقص 22.5 في المائة. واعتبر أقصبي، الخبير في الاقتصاد، أن الغذاء ليس سلعة كباقي السلع، لأنه مرتبط أساسا بالأمن الغذائي داخل الدول، وبمفهوم السيادة الغذائية (القدرة على أخذ القرار بشأن السياسة الفلاحية من أجل تلبية الحاجيات الداخلية أولا). «للأسف المخطط الأخضر لم ينتبه إلى هذه المسألة،» يقول أقصبي، مشيرا إلى اعتماد المغرب على تصدير بعض المنتجات الفلاحية، بدل اللجوء إلى تلبية الحاجيات الداخلية، من قمح وسكر وزيت، التي يضطر المغرب إلى استيرادها بالعملة الصعبة. كما توقف التقرير عند الجهود التي تبذلها الدول قصد تحقيق أهداف التنمية للألفية المتمثلة في خفض نسبة الجياع في العالم إلى النصف بحلول سنة 2015، وأشار إلى أن جهود الدول والمنظمة تصب في مسار تحقيق أهداف التنمية. إلا أن منظمة الفاو سجلت تباطؤا في القضاء على الجوع في العالم، حيث يؤكد التقرير أنه «قبل مرحلة 2007-2008 على الأخص، تم تحقيق الانجازات حول العالم على مستوى تقليص الجوع «لتشهد تلك النسبة شيئا من التباطؤ. وعزت المنظمة هذا التباطؤ إلى الأزمة الاقتصادية التي شهدها العالم، وأزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية.