جياع العالم ليسوا مجرد أرقام بل هم بشر من النساء والرجال الفقراء الذين يناضلون لتنشئة أطفالهم وتهيئة حياة أفضل لهم، وهم شباب يكافحون من أجل مستقبل أفضل. ومن المفارقة أن معظم هؤلاء يقطنون المناطق الريفية لدى البلدان النامية.. قال تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) إن مستوى الجوع في أنحاء العالم تراجع هذا العام ،لكنه مازال «مرتفعا بصورة غير مقبولة». وتشير تقديرات المنظمة إلى أن هناك 925 مليون شخص يعانون من سوء التغذية في عام 2010 وذلك مقابل 1.02 مليار في 2009. لكن منظمة الفاو حذرت من أن المعركة من أجل خفض مستوى الجوع ستواجه المزيد من العقبات إذا استمرت أسعار المواد الغذائية في الارتفاع. وتابعت الفاو إنه كل ست ثوان يموت طفل واحد بسبب مرض يتعلق بالجوع. كما شددت المنظمة على أن %16 من الاشخاص في الدول النامية ما زالوا يواجهون الجوع وهي نسبة أعلى بكثير من هدف التنمية للالفية المتفق عليه دوليا وهو %10 بحلول عام ,2015 وساهم تحسن سبل الوصول إلى الغذاء بسبب تحسين الظروف الاقتصادية لاسيما في الدول النامية وتراجع أسعار الغذاء في تراجع عدد الاشخاص الذين يعانون من سوء التغذية. غير أن المنظمة حذرت من أنه حتى لو استمر الارتفاع الاخير المرتبط من جانب بتقلبات أسواق القمح والمرتبط بدوره بالجفاف والحرائق في روسيا سيؤدي ذلك إلى عقبات إضافية في جهود محاربة الجوع. ويدل الاستمرار في تزايد عدد من يعانون نقص الغذاء بالمقياس التاريخي، حتى خلال فترات النمو الاقتصادي المرتفع والأسعار المنخفضة للمواد الغذائية على أن الجوع هو مشكلة هيكلية أساسا، وفقا للمنظمة الفاو . لذا من الواضح أن النمو الاقتصادي حتى وإن كان ضروريا إلا أنه لن يكون كافيا لمحو الجوع في إطار فترةٍ زمنية مقبولة، حسب تقديرات المنظمة. مع ذلك هناك قصص نجاح مسجلة في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ، ومثل هذه النجاحات لا بد من حذوها والاستفادة منها. ومن أجل التعامل مع «الاسباب الجذرية» للجوع ، حثت الفاو الحكومات على تشجيع الاستثمار في الزراعة ودعم وتوسيع برامج المساعدات الاجتماعية مع تعزيز أنشطة زيادة دخل الفقراء في المناطق الريفية والحضرية. وتشير تقديرات المنظمات غير الحكومية للمساعدات أن الجوع يكلف الدول النامية 450 مليار دولار سنويا. وتأتي 90 بالمائة من هذه التكاليف في صورة إنتاجية مهدورة بسبب سوء التغذية ، فيما ترجع نسبة 10 بالمائة الباقية إلى ارتفاع تكاليف الأنظمة الصحية. وتقول نفس التقديرات إن هذا الرقم يفوق بعشر مرات حجم التمويل المطلوب لتخفيض مستوى الجوع بمقدار النصف بحلول عام 2015. وارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل حاد مؤخرا، حيث وصل سعر القمح الشهر الماضي إلى أعلى مستوياته خلال عامين بعدما تسبب الجفاف والحرائق في روسيا في تدمير المحاصيل هناك. ويسود الإعتقاد بأن الأسعار المرتفعة للقمح أدت إلى زيادة الطلب على مواد غذائية أخرى أرخص سعرا، خاصة الحبوب. والأسعار المرتفعة للحبوب تتسبب في زيادة أسعار اللحوم ومنتجات الألبان حيث تزيد أسعار علف الماشية. وحذرت منظمة الفاو كذلك من أن هناك خطرا بعدم القدرة على تحقيق الأهداف الدولية في مجال مكافحة الجوع ضمن أهداف الألفية للتنمية. وتشير المنظمة إلى أن العدد الإجمالي للأشخاص الذين يعانون سوء التغذية مازال أعلى من مستواه قبل الأزمة الاقتصادية في عامي 2008 و2009.