طفى إلى السطح مؤخرا الحديث عن ارتفاع ملفات الطلاق بمحاكم الأسرة بالمملكة في ظل غياب أرقام رسمية، إذ رجح البعض أن السبب الرئيسي وراء هذا الارتفاع يعود لفترة الحجر الصحي وما فرضه من تقارب بين الأزواج وتزايد العنف المنزلي الذي أدى بدوره إلى تزايد الراغبين في الطلاق. وتداولت أرقام مخيفة حول ارتفاع أرقام الطلاق بعد الحجر الصحي، خاصة بعد معطيات تفيد بأنه تم وضع 1000 طلب طلاق في يوم واحد. حول هذا الموضوع، قالت المحامية بهيئة الرباط وهي نائبة رئيسة شبكة انجاد ضد عنف النوع، إن مسألة ارتفاع طلبات الطلاق والتطليق بالمحكمة وبلوغها 1000 طلب في يوم واحد، هو واقع متداول فقط على مواقع التواصل الاجتماعي، لأنه لا وجود لأرقام أو إحصائيات علمية رسمية في الموضوع. وأضافت شتاتو في حديثها مع موقه "فبراير"، أنه نظرا للحجر الصحي الذي بدأ منذ منتصف مارس ودام حوالي خمسة أشهر حيث كانت المحاكم مغلقة وكان النقل ممنوعا داخل المدن وبين المدن ساهم في ارتفاع طلبات الطلاق، مشددة أنه لا يمكن إعطاء إحصاءات معينة، مضيفة أنهم في الشبكة لم يصلوا إلى أرقام صحيحة. وأشارت المتحدة أن حالات العنف خلال فترة الحجر الصحي بدورها، جعلتهم كرابطة ضد العنف يقدمون أرقاما في الفترة الأولى من الحجر الصحي وفي الفترة الثانية اعتمادا على ما تلقته شبكة أنجاد من شكايات عن الحالات المعنفة، وكان التوصل بالشكايات عن بعد اعتمادا على لائحة المستمعات في الدعم النفسي ولائحة المحاميات والمحامون الذين تكلفوا بتتبع المعنفات. وسجلت شتاتو أنه كانت هناك فعلا مآسي بخصوص الشكايات التي توصلوا بها، مشيرة إلى أن ما قامت به المؤسسات الرسمية التي أطلقت البريد الالكتروني للنيابة العامة وتبعتها جميع الجهات من أجل التبليغ يستحق التثمين، ولكن محامو الرابطة ظلوا في تواصل مع الضابطة القضائية التي كانت أحيانا مشغولة شيئا ما بمخترقي حالات الطوارئ. وحتى عندما كانت تحال عليها قضية في الموضوع من لجنة محكمة العنف يبحثون عن المعني بالأمر وإن لم يجدوا يحتاجون المزيد من الوقت وهنا كان ينضاف عنف آخر للمعنفات منزليا وهو الانتظار، تقول شتاتو، وفي إطار "جمعيتنا لعبنا دور التنسيق بين خلايا العنف بالرئاسات النيابات العامة ووزارة الأسرة والتضامن، وبدأنا بلائحة أرقام متعلقة بالإيواء وفتحنا المشكل بالنسبة لعدد من النساء". وأكدت الفاعلة الحقوقية والجمعوية، أنه عدم تفعيل القوانين التنظيمية التي تقر بإبعاد المعنفة بموجب القانون رقم 103.13 ساهم بدوره في ارتفاع العنف بالتالي العنف يولد الرغبة وطلبات الطلاق، "لأنه من المفروض عندما تتعرض المرأة للعنف من الزوج أو الأخ أو غيره، يجب أن يتم إبعادها عن المعنف هي والأطفالها إن كان لديها، لكن منع التنقل خلال فترة الحجر الصحي أعاق هذه العملية وزاد في صعوبات المعنفة". وقالت شتاتو إنه "رغم إعطاء البريد الالكتروني لتقديم الشكايات للمحاكم عن بعد، لا ننسى أن هناك سيدات لا يعرفن كيفية التعامل مع الهاتف ومنهن من لا تتوفر على وسائل التواصل كالهاتف أو الحاسوب. ومن الحالات من اتصلوا بنا عبر الواتساب وطلبوا التواصل معهن لأنهن لم يتوفرن على رصيد للاتصال وعدد منهن اتصلوا يطلبون المساعدة في خفية عن الأسرة. وتابعت المتحدثة أن الأعباء التي نزلت على النساء في البيوت خلال فترة الحجر الصحي من جلوس الأبناء ومتابعة دراستهم في البيت وجلوس معيل الأسرة، والخوف من المرض والخوف من الموت والحرمان من الحرية، كلها عوامل عمقت معاناة النساء خلال هذه الفترة، وزادت من حدة التوتر داخل البيت الزوجية. وكانت مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان تقول شتاتو، حذرت سابقا من تصاعد العنف المنزلي خلال فترة الحجر الصحي، ونادت بتقديم المساعدات للنساء المعنفات في إطار وضع أولوية ضمن استراتيجية حكومية للحد من العنف المنزلي والطرد من بيت الزوجية الذي ظهر بشكل كبير في العالم كله وليس فقط في المغرب، فالصين ولبنان مثلا صرحوا بأن هناك أرقاما كبيرة للزوجات اللواتي طردن من البيت الزوجية وأيضا ارتفاع الطلاق خلال فترة الحجر الصحي. وأردفت شتاتو أنه بوجود كل هذه العوامل وإغلاق المحاكم لمدة خمسة أشهر تقريبا، كان من الطبيعي ارتفاع عدد الراغبين في تقديم طلبات الطلاق والتطليق إلى المحكمة، علاوة على الملفات التي تم تأخيرها بسبب الجائحة. وأشارت إلى أن طلبات الطلاق اختلف في تقديمها الرجال والنساء ولم تكن محصورة فقط على النساء المعنفات، مشيرة "نحن كمحامون لا يمكننا إعطاء أرقام هذه الطلبات لأننا نعمل على الملفات بحسب المكاتب التي ننتمي إليها، قد أتلقى أربع أو ست ملفات لكنه ليس معيار للحكم بارتفاع نسبة الطلاق". وأكدت شتاتو أن وزارة العدل وحدها من لها صلاحية إعطاء الأرقام الصحيحة، وأن الجمعيات تعمل وحتى إن قالت إن العدد مرتفع فهو ليس بمعيار لاعتماده في النسب الرسمية. وجددت المحامية بهيئة الرباط في حديثها لموقعنا، المطالبة بتحيين مدونة الأسرة لتتلاءم مع دستور 2011 والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب بعد المدونة، لأن المدونة حسب المتحدثة، فيها مجموعة من الثغرات، كتزويج القاصرات، حيث إن الدستور أقر بالمصلحة اللفضلى للأطفال، ولكن المدونة تقول إن العلاقة الزوجية مسؤوولية الزوج والزوجة، متسائلة "عن أي زوجة تتحدث المدونة وعمر الطفلة أقل من 18 سنة". وشددت المتحدثة أن هناك تناقض، إضافة إلى نصوص من المدونة لم تحقق الغاية المتوخاة منها، وهناك نصوص غير واضحة، منها التي تعطي السلطة التقديرية للقضاء، ومن القضاة من يعطون الإذن بزواج القاصر ومنهم من لا يعطي الإذن لأنه رأى في الطفلة أن مكانها المدرسة ولكن هناك من يقول إن النص يعطي الإذن نعطي أيضا الإذن، مشددة في ذات السياق أن النص الذي يعطي الاستثناء بتزويج القاصر فيه إشكال كبير.