تفيد الإحصاءات الرسمية الصادرة عن وزارة العدل بأن حالات التطليق في المغرب تشهد ارتفاعا مهولا يهدد استقرار العلاقات الأسرية. فبينما توقف ارتفاع نسبة الزواج بين 2006 و2007 عند نسبة 11.40 في المائة، ارتفعت حالات التطليق في نفس الفترة بنسبة 44.20 في المائة. ففي 2007 صادقت محاكم المغرب على 21 ألفا و328 حالة تطليق، بزيادة 44.20 في المائة عن عام 2006، عندما كانت في حدود 14 ألفا و791 حالة، بل إن حالات التطليق في عام 2005 لم تكن تتجاوز 9983 حالة فقط. وتلجأ النساء إلى مسطرة التطليق بإيقاع متزايد، حيث تصل طلبات النساء للتطليق إلى نصف الحالات الرائجة داخل المحاكم المغربية، فالنساء تقدمن بمجموع 21 ألفا و547 طلبا للتطليق بالشقاق أي نسبة 56.18 في المائة من مجمل طلبات التطليق. وفي تعليق على هذه الأرقام، أكد فؤاد مسرة، محام بهيئة الرباط، أنها طبيعية، فبعد إنشاء محاكم مختصة واعتماد مدونة الأسرة أصبحت مسطرة التطليق سهلة، على عكس ما كان عليه الحال في ظل مدونة الأحوال الشخصية. واستقبلت محاكم الأسر المغربية خلال سنة 2007 ما مجموعه 66 ألفا و958 طلبا للتطليق، حصلت 56.23 في المائة منها على التطليق، بينما رفض القضاة 27.30 في المائة من الطلبات، واستطاعوا الإشهاد على الصلح بالنسبة إلى 16.48 في المائة. وبخصوص أسباب ارتفاع نسبة التطليق، أكد الباحث الاجتماعي جليل بلعربي أن التطور الذي طال وضعية المرأة ودورها في المجتمع المغربي يمكن اعتباره عاملا مهما في هذا الارتفاع، على اعتبار أن المرأة كانت في السابق تتربى على أساس أنها ستكون ربة بيت فقط، أما اليوم فقد أصبحت لها استقلالية وحرية تفكير، وتبحث عن مواصفات خاصة في زوجها بعيدا عن تأثير العائلة. وبسبب كل هذه التحولات أصبحت الفتاة المغربية لا تشعر بحرج في طلب الطلاق، في حال اكتشافها افتقار شريكها إلى المواصفات التي كانت تريدها منذ البداية. أما زهور الحر، وهي رئيسة سابقة بمحكمة قضاء الأسرة، فأكدت أن هذا الارتفاع الحاصل في التطليق يرجع إلى عدم الفهم والإلمام الصحيحين بالمدونة، فالشقاق هو مسطرة تصالحية قبل كل شيء ولمدة طويلة، فالمحكمة يجب أن تتدخل من أجل إزاحة أسباب الخلاف بين الزوجين وليس تطليقهما لأسباب تافهة، وهو ما كانت تنهجه، على حد قولها. فالتطليق للشقاق، كما جاء في مدونة الأسرة، اعتمد من أجل النظر في الحياة الزوجية، التي تستفحل فيها الخلافات العائلية، إلى درجة تتعذر معها إعادة الانسجام والوفاق بين الزوجين واستمرار الحياة الزوجية، من أجل عدم تضرر أي طرف. ويذكر أن مسطرة التطليق بالشقاق يلجأ إليها الزوج كما تستطيع الزوجة أن تلجأ إليها، لتكون هناك مساواة بين الجنسين حسب تصريح للمحامي فؤاد مسرة. هذه المسطرة توجب فض النزاع بين الزوجين وبذل كل المحاولات من أجل عقد الصلح، بتدخل من القاضي والحكمين أو مجلس العائلة أو من خلال إجراء بحث إضافي بالوسيلة التي تراها المحكمة ملائمة. وتعتبر المواد 97 و96 و95 و94 من مدونة الأسرة منظمة للتطليق بالشقاق الذي يعتبر من مستجدات المدونة، أما المادة 82 فهي تنظم محاولات إصلاح ذات البين. وتتميز هذه المسطرة أيضا بكون المدونة قيدت فيها سلطة الحكمين في استقصاء أسباب الخلاف وتحديد مسؤولية كلا الزوجين عن هذا النزاع بهدف إصلاح ذات البين ورفع تقريرهما إلى المحكمة كذلك. ومن بين أهم خصائص هذه المسطرة أن مدة البت في التطليق للشقاق تتحدد في ستة أشهر، وأن الحكم الصادر بالتطليق للشقاق غير قابل لأي طعن لأنه يعتبر طلقة بائنة.