منذ تفعيل مقتضيات مدونة الأسرة, والإقبال على مسطرة التطليق للشقاق في تزايد مستمر عكس مساطر الطلاق الأخرى والمتمثلة في طلاق الخلع والطلاق الاتفاقي والتطليق بسبب الإخلال بشرط العقد أو الضرر أو التطليق لعيب .... وقد أفادت مصادر قضائية لرسالة الأمة انه تم تقديم اكثر من 100 طلب رامية للتطليق للشقاق في يوم واحد صادف أول يوم من السنة الجارية 2013 ليصل إلى اكثر من 700 طلب إلى حدود الأسبوع الماضي مضيفا ذات المصدر أن السنة الماضية 2012 سجلت المحكمة الاجتماعية بالدارالبيضاء قسم الأسرة أكثر من 11 ألف حالة طلاق للشقاق الشيء الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول أسبا ب الإقبال المتزايد من طرف النساء على الخصوص على هذه المسطرة عوض اللجوء إلى مساطر أخرى . وبالنظر إلى ارتفاع حالات الطلاق للشقاق أضحى يشكل ظاهرة اجتماعية كان من الضروري, أخذ رأي أصحاب الاختصاص في الموضوع إذ فسر الأستاذ حريص مصطفى محام بهيئة الدارالبيضاء في اتصال برسالة الأمة, أن التزايد الحاصل في طلبات الطلاق للشقاق راجع بالخصوص إلى أن مدونة الأحوال الشخصية السابقة كانت تقيد حق المرأة في رفع قضية الطلاق للشقاق، لكن الجديد الذي جاءت به مدونة الأسرة هو جعل الطلاق بيد كل من الزوجين خلافا لما كان منصوص عليه في السابق حيث كان الطلاق بيد الزوج، ما لم يملكه لزوجته, بالإضافة إلى أن للزوجة كامل الصلاحية لطلب طلاق الشقاق دون الالتزام بإجراءات إُثبات الضرر المعمول بها سابقا. مضيفا إن تحرر الزوجة من قيد إجراءات إثبات الضرر في دعوى التطليق للشقاق، من أهم الأسباب التي ساعدت الزوجات على الإقبال على طلاق للشقاق، إذ لا يكلفها الأمر سوى ادعائها استحالة العشرة دون الحاجة إلى إثبات ذلك، وبمجرد عدم توصل القاضيإلى عقد الصلح بين الطرفين "الزوج و الزوجة" تحصل على مبتغاها المتجسد في الطلاق. وأفاد الأستاذ حريص انه نظرا لتضاعف طلبات التطليق للشقاق الشيء الذي آثار مسالة مدى أحقية استفادتهن من المتعة فتح الباب أمام الاجتهاد القضائي وخاصة محكمة النقض حيث اعتبرت هذه الأخيرةفي قرارها رقم 433 الصادر بتاريخ 21 شتنبر 2010. " لا تستحق المطلقة المتعة بل التعويض بعد ثبوت مسؤولية الزوج عن الفراق المتعة لا يحكم بها إلا في حالات الطلاق أو التطليق الذي يتم بناء على طلب الزوج فانه لا يحكم لها بالمتعة وإنما يحكم لها بتعويض بعد أن تثبت مسؤولية الزوج عن الفراق" وبالرغم من هذا القرار والذي حاولت من خلاله محكمة النقض الحد من حالات التطليق للشقاق حسب ذات المصدر على اعتبار انه قبل صدور اجتهاد محكمة النقض كانت النساء اللواتي يطلبن الطلاق للشقاق يستفدن من المتعة لكن بعد صدور القرار السالف الذكر استحال معه استفادتهن من المتعة في حالة التطليق للشقاق بناءا على طلبهن، مؤكدا على أن هذا الإجراء لم يحد من ظاهرة التطليق للشقاق . ولا بد من الإشارة إلى انه كشفت إحصائية حديثة لوزارة العدل والحريات لسنة 2012 ارتفاع قضايا الطلاق بنسبة 80 بالمائة وبلغ عدد قضايا طلاق الشقاق 24738 و بذلك تتقدم طلبات التطليق بسبب الشقاق طلبات التطليق. ويرى الباحثون أن مدونة الأسرة لم تعرف طلاق الشقاق بشكل دقيق على اعتبار أن التعارف مبدئيا هي من اختصاص الفقهاء. وحسب المدونة فان الشقاق هو الخلاف العميق والمستمر بين الزوجين لدرجة يتعذر معها استمرار العلاقة الزوجية, وهو الإخلال بالمودة و المساكنة الشرعية والاحترام الواجب بين الزوجين بحيث يلجأ كل طرف منهما إلى ما يشق به على الآخر ويعكر صفو حياته. ويبقى استمرار العلاقة الزوجية إضرارا بالطرف الآخر ومشقة عليه. ويجد التطليق للشقاق سنده الشرعي في قوله تعالى: " وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها.إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا" وقد نصت عليه مدونة الأسرة في المادة 94، "إذا طلب الزوجان أو أحدهما من المحكمة حل نزاع بينهما يخاف منه الشقاق وجب عليها أن تقوم بكل المحاولات لإصلاح ذات البين طبقا لأحكام المادة 82"