هي « معابر الجسد » أو بمعنى آخر معابر الروح عبر جسد في حالة كبوة إثر عنف مضمر في انتظار منافذ للخلاص من قوقعة الصدفة التي هو سجين لها فهل تتوق حقيقة ريشة الفنانة التشكيلية سلوى جانا العبور بشخوصها إلى بر المطلق؟ هذا السؤال قد يراودنا حينما نطالع مجمل الشخوص التي تطل من لوحات الفنانة التشكيلية سلوى جانا التي أثث معرضها الأخير بمدينة الرباط أو بالأحرى أجساد تنم عن حالة اضطراب بادية للعين المتلقية من خلال وضعيات مختلفة تتوزع بين الانكماش، الإلتواءات، الانقباض، محاولة الهروب، وكلها وضعيات غير مريحة، فالجسد في حالة معاناة مستمرة، وتعتبره الفنانة صدفة سيكولوجية معقدة تنكفئ حول انفعالات وجدانية مركبة تخرج للعلن أو الظاهر بتموضع شكل الجسد، حتى في حالة الاستكانة التي لا تعكس دائما وضعيتي الجمود والهدوء، فالجسد طالما تسكنه الروح فهو في حركية دائمة حتى عندما يستكين. فالفنانة أجانا تتمثل الملونة كأداة للتشريح النفسي مستعينة بخلفيتها السينوغرافية لتشخيص فداحة عجز الكائن الإنساني على التمرد على الأغلال أو الحبال كما تسميها عندها منذ أن زج به في الدنيا ملتصقا بحبل سري والذي ما فتئ يتمدد ويتمطط ليربطنا بتخوم « الحياة العنكبوت » لتنسج منه خيوطا وحبالا متشابكة تضيق عليه الخناق كلما حاول الهروب، لذا تجد هذا الكائن في أعمالها أعزلا إلا من استسلامه. فعري الجسد عند التشكيلية سلوى جانا لا يمثل أي تمثل حسي أو إيروسي بل هو رهين عندها بالشرط الإنكفائي حينما يرنو لأشياء كثيرة، لكن دائما هناك ما يعيقه لتحقيقها، ليبدأ الصراع النفسي مع الجوانيات، فيتبدى ذلك في أجساد في حالة اضطراب مسترسل. العمل الفني عند الفنانة لا يتوقف عند جدران الإطار بل يتحول إلى حوارية بين اللوحة والقصيدة، فكل عمل تصاحبه شذرته لتتوحدا معا في المحنة، لذا نجدها قد زاوجت في العمل بين الرسم والشعو. وللإشارة فسلوى جانا من مواليد ليون الفرنسية ترعرت بمدينة مراكش التي شهدت انبثاق موهبتها في الرسم، والتي لم يقتنع والدها أن تأخذه كمسار دراسي، وكان يحبذ لو اقتفت خطاه لدراسة الطب أو الصيدلة، لكنه وافق بعدما استدعي من قبل مجلس آباء التلاميذ الذين اثنوا على موهبتها لتتمم دراستها وتحصل على بكالوريا فنون تشكيلية، بعدها ستلتحق بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، وعند التخرج تدرجت في عدة وظائف إدارية دون أن تثنيها عن ممارسة عملها الفني.