حاولت القناة التلفزية "France 5"، التابعة ل"France.tv"، من خلال الفيلم الوثائقي الذي صوره بمدينة أسفي الصحفي الفرنسي "مارتن بودو"، تحت عنوان: "المغرب، الغضب الأخضر"، والذي هو من إنتاج شركة فرنسية عالمية، (حاولت) أن تسيء بنية مبيتة للمغرب ولمؤسساته الاقتصادية، مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط. حيث أوقعت القناة الفرنسية بمغربي ينشط في العالم الافتراضي، واعتمدت أسلوب التضليل والمغالطة في نقلها وتحليلها للوقائع، أو بالأحرى الادعاءات، بغاية التأثير على الرأي الوطني والفرنسي. وبالمناسبة، فإن الإعلام في فرنسا معروف بخرجاته التهكمية والعدائية والمعادية للإسلام والمسلمين، وهو الإعلام الذي لا ولم يجرؤ قط حتى على توجيه انتقادات ولو بسيطة إلى إحدى الديانات السماوية.. وكذا، المعادية لثوابت ورموز المملكة المغربية، تحت ذريعة حرية الرأي والتعبير.. وهنا وجب استحضار، على سبيل المثال لا الحصر، نازلة تعريض صحافيين شهيرين في فرنسا، سنة 2015، عاهل البلاد، للمساومة والابتزاز، بغية انتزاع 3 ملايين يورو.. لكن عندما تم اللجوء إلى العدالة ظنا أن قضاء فرنسا، التي صنع الشعب الفرنسي وعظماء المفكرين والتاريخ، المؤمنين والمتشبعين بقيم ومبادئ الحرية، الثورة الفرنسية (1789 – 1799)، التي انتهت بإلغاء الملكية المطلقة، وإنشاء الجمهورية العلمانية الديمقراطية.. (ظنا أنه) سيكون عادلا ومنصفا، فقد كان متحيزا؛ حيث أصدر حكما يقضي بكون التسجيلين الأساسيين في قضية الابتزاز، ليسا قانونيين. ولعل ذلك كان أمرا محسوما وجد متوقع، وقبل كل شيء مفهوما ومتفهما.. درئا الفضيحة العالمية، ذات العواقب الوخيمة، التي كادت أن تمرمد في أوحالها القذرة، سمعة فرنسا الأنوار "des lumières"، بلد (موليير)، و(جاك روسو)، و(مونتسكيو).. هذا، فإن الفيلم الوثائقي الذي بتته القناة الفرنسية، والذي يبدو من الوهلة الأولى، معاديا للمغرب، يأتي في ظرفية خاصة، في أعقاب توقيع مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، مع إثيوبيا، على اتفاق استثماري بغلاف يناهز 3.7 مليار دولار امريكي.. وكذا، في أعقاب الحملات الشرسة والمسعورة في مواجهة المملكة المغربية، والتي أصبحت تقودها فرنسا، وكان أبرزها اتهام المغرب واستخباراته المدنية، ومديرها الذي حصن أوربا والعالم الحر من الإرهاب، والذي وشحه كبار قادة العالم بأوسمة شرفية، (اتهام المغرب) باستعمال نظام "Pegasus"، لاختراق هاتف رئيس الجمهورية الفرنسية (إمانويل ماكرون)، وذلك سيرا ومجاراة للعداء والادعاءات الباطلة التي أضحت تأتي من "كابرانات الدزاير" (شنقريحة) ومن يلازمونه كظله (et ses acolytes). فعلى غرار الجارة الشرقية الجزائر، باتت فرنسا تختار المغرب، لتصريف مشاكلها الداخلية المتفاقمة، والتي أصبحت تتخبط في مستنقعها؛ وكذا، بعد أن أصبح، من جهة أخرى، تواجدها مهددا في أقدم قلاعها التي كانت محصنة فيها، مستعمراتها السابقة في القارة السمراء؛ وبعد أن وجهت، من جهة ثالثة، الولاياتالمتحدةالأمريكية وأستراليا، لها (فرنسا) وللاتحاد الأوروبي، ولحلف "النيتو"، الضربة القاضية، من خلال صفقة الغواصات النووية، وتشكيل حلف عسكري ثلاثي في المحيط الهادي والهندي، حلف "أوكوس"، الذي اقتصر على هاتين القوتين العالميتين، أمريكا وأستراليا، إلى جانب بريطانيا التي خرجت "رابحة" من الاتحاد الأوروبي. وبالمناسبة، فإن تشكيل هذا الحلف العسكري الثلاثي، الذي يعتبر، حسب المحللين السياسيين، بداية تفكك الاتحاد الأوروبي، وتفكك حلف "النيتو"، سيخرج المغرب، سيما جراء اعتراف الولاياتالمتحدةالأمريكية ب"مغربية الصحراء"، وجراء "التطبيع" مع دولة إسرائيل، وانفتاحه على الصناعات العسكرية الإسرائيلية، من قبيل صناعة الطائرة الحربية "درون" كاميكاز.. بخلق منشئات للصناعات الحربية والدفاعية في الأقاليم الجنوبية، (سيخرجه) من دائرة الوصاية الفرنسية، وسيجعل منه قوة إقليمية ورقما صعبا في المعادلة، في شمال أفريقيا، وحتى في القارة العجوز. وإلى جانب ما أثير سلفا، فإن عداء ومعاداة فرنسا للمغرب، التي استفاقت، على غرار نظام "كابرانات الدزاير"، على حجم التطورات الاقتصادية والصناعية والتنموية، والنجاحات الدبلوماسية.. التي حققتها المملكة في المحافل الدولية، فإن ثمة ما يبررهما ويعززهما، خاصة إثر تخلي المغرب عن شركة "نافال" لصناعة السفن الحربية، ودخول صناعة السفن بفرنسا في مرحلة خطيرة من الاندحار، بعد أن تقهقرت مبيعاتها من السلاح في العالم، لصالح نظيريها، أمريكاوبريطانيا. إلى ذلك، وبالوقوف عند الفيلم الوثائقي "المغرب، الغضب الأخضر"، الذي صوره الصحافي الفرنسي "مارتن بودو"، وبتته القناة التلفزية "France 5"، التابعة ل"France.tv"، فإن الشركة الفرنسية المنتجة، تكون قد أسدت، من حيث لا تعلم ولا تدري، خدمة دبلوماسية عظيمة للمغرب ولقضيته الوطنية الأولى، وحدته الترابية، وسيادته دون منازع على جميع أقاليمه، من طنجة إلى لكويرة. حيث أثبتت بالواضح والملموس للعالم بأسره، ولنظام "كابرانات الدزاير"، ولقادة جمهورية "القياطن والعجاج"، بأن "المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها". ويكفي بهذا الخصوص التوقف تحديدا عند الثانية 44 بعد الدقيقة الخامسة، وإلى غاية الثانية 53 بعد الدقيقة ال5، من هذا البرنامج التلفزي، الذي مدته 50 دقيقة و10 ثوان، والتي ظهر فيها المغرب، الممثل باللون الأخضر، وهو يبسط كامل سيادته شرقا وغربا، وشمالا وجنوبا، على جميع جهاته وأقاليمه، بما فيها أقاليمه الجنوبية، وذلك من خلال خريطته الجغرافية، الكاملة والمكتملة، وغير المتقطعة أو المبتورة ولو بملميتر واحد، والتي تبدو حدودها مباشرة، من جهة جنوب المملكة، مع الجارة موريطانيا. وهذا ما يمكن الاطلاع عليه من خلال المقطع المصور (مدته 11 ثانية)، ابتداء من الدقيقة ال5 والثانية 44، وإلى غاية الدقيقة ال05 والثانية 53 (الفيديو رفقته). وهكذا، وبشكل عكسي وغاية غير متوخاة، وتجسيدا للحكمة القائلة "عندما ينقلب السحر على الساحر"، فعوض الإساءة للمغرب ولمؤسساته الاقتصادية، فإن فرنسا تكون، وعلى غرار دول العالم، وفي طليعتها الولاياتالمتحدةالأمريكية ودولة إسرائيل، قد اعترفت من خلال إعلامها الوطني والعمومي.. والفيلم الوثائقي "المغرب، الغضب الأخضر"، الذي جاء عفويا وعرضيا، موازيا في أبعاده وغاياته للدبلوماسية الرزينة، التي يقودها (عمر هلال)، سفير المملكة لدى الأممالمتحدة، (قد اعترفت) ب"مغربية الصحراء"، وبأن "المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها". فالشكر والامتنان للصحفي "مارتن بودو"، الذي صور الفيلم الوثائقي، وللشركة الفرنسية التي أنتجته، وللقناة التلفزية "France 5"، التابعة ل"France.tv"، التي بتته، وأطلعت العالم بأسره، وبالواضح والملموس، على بسط المغرب سيادته على صحرائه وأقاليم الجنوبية المحررة، سنة 1975. هذه القناة (France.tv)، التي تعتبر شركة وطنية لبرنامج أنشطة التلفزة العمومية في فرنسا، والتي كانت رأت النور في ال7 شتنبر من عام 1992، وتتفرع عنها عدة قنوات تلفزية فرنسية.. وكذا، الشكر والامتنان للجمهورية الفرنسية، ولرئيسها (إيمانويل ماكرون)، ولقادة جمهورية "القياطن والعجاج"، ول"كابرانات الدزاير"، حتى لا "يزعل" منا كبيرهم (شنقريحة)! إلى ذلك، وبعد اعترافها التلقائي، عن طريق إعلامها الوطني والعمومي، فمن المنتظر جدا أن تفرج فرنسا عن الوثائق والخرائط الطبوغرافية، التي ستمكن من تسطير الحدود الشرقية، والتي تظهر احتلال وسيطرة الجارة الجزائر، على أراضي مغربية شاسعة، تمتد إلى داخل العمق الجزائري، وفق الحدود التي كانت للمغرب، في القرن التاسع عشر، مع الدولة العثمانية، في عهد شعب "القبايل" ذي التاريخ العريق والمتجدر، وبعد أن لم يكن للجزائر، حديثة العهد والولادة، أي أثر في الوجود، ولا على الخريطة الجغرافية لمنطقة شمال أفريقيا. كما ينتظر أن تعمد إسبانيا ومعها ألمانيا، بعد عودتهما إلى رشدهما وصوابهما، إلى الاعتراف ب"مغربية الصحراء". وعلى النهج الصحيح، وبعد أن بلغ من العمر عثيا، وأصبح قاب قوسين أو أدنى من القبر، حيث بات يضع إحدى قدميه، كما فعلها من قبله، شهر غشت الماضي، الراحل (عبد العزيز بوتفليقة)، الذي ظل النظام الديكتاتوري يحتجز جثمانه، إلى غاية شهر شتنبر.. سيعمد الجنرال (شنقريحة)، الذي كان يحلو بالمناسبة لبعضهم تسميته "خانز الريحة"، والذي يبدو أن ضميره أصبح يصحو، وأنه سيثوب وسيملأ قلبه بالله، عوض ملأ بطنه بالويسكي، الذي أنفق وينفق على سبيل الحصول عليه، ما يعادل الميزانيات السنوية للجزائر برمتها، والتي كان بالإمكان أن تستعملها "وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات" (!!)، في إصلاح البنيات الصحية التحتية في "بلاد مليون ونصف شهيد" أو ما يعرف ب"دولة رؤوس الشهداء المرهونة في فرنسا"، أو على الأقل في اقتناء اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، وتطعيم الأشقاء الجزائريين به، بعد أن فتك بهم، وجعلهم يتساقطون كما تتساقط أوراق الخريف.. حيث من المنتظر أن يسلم الجنرال (شنقريحة) إلى محكمة الجنايات الدولية، قتلة المغربيين في مالي، التي انتهكت سيادتها الترابية، عقب العملية الإرهابية التي تم التخطيط لها بإحكام، والتي جاءت تزامنا مع اللقاء الذي جمع وزير الخارجية (رمطان لعمامرة)، مع أشخاص "غير دبلوماسيين"، في سفارة الجزائر بالعاصمة باماكو. ومن المنتظر أيضا أن يقوم قادة البوليساريو برفع الحصار على الشعب الصحراوي المحتجز في معتقلات الذل والعار بجمهورية "القياطن والعجاج"، والإفراج عنهم وعن الصغار الذين يتم تجنيدهم في المليشيات، والزج بهم في حروب العصابات وقطاع الطرق.. حتى ينعموا بالحرية والاستقلال، ويتمكنوا، وهم كذلك أيضا، أي قادة جبهة الوهم، كما فعل الأولون من قبلهم، من الالتحاق بأرض الوطن- الأم، الذي كان وسيظل على العهد، عهد الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه، فاتحا لهم ولكل من ثابوا وسيثوبون، أدرعه، وغافرا لهم كل "خطاياهم وخطيئاتهم" التي اقترفوها في حق الوطن، كما جاء في الخطاب السامي، سنة 1988: "إن الوطن غفور رحيم". وهكذا، وقد بات من المؤكد أن العلاقات الطيبة وحسن الجوار.. سيعودون إلى سابق عهدهم بين الأخوة- الأعداء، أو بالأحرى مع الجزائر التي هي من يكن للطرف الآخر، الذي هو المغرب، في العلن والخفاء، حقدا دفينا، يعود إلى ماض وتاريخ بعيدين. حيث سيمكن للجزائر أن تضع حدا لمشاكلها الداخلية، ذات الطابع الاجتماعي، الاقتصادي، المعيشي والتنموي، وذلك باستفادة الأخوة الجزائريين من خيرات المغرب، التي سيدفقها عليهم، وفي مقدمتها "البنان" (الموز)، الذي لا يتخطى ثمنه في أسوأ الأحوال، 8 دراهم، أقل بكثير من أورو واحد.. كما سيتسنى لهم الاستفادة، في ظل أزمة العطش الخانقة، التي ضربت حتى قلب العاصمة الجزائر، من مياه السدود المتدفقة في المغرب، بتوجيه مجاريها إلى العمق الجزائري. هذه السدود التي كان الراحل الملك الحسن الثاني أسكنه الله فسيح جناته، شيدها في عهده، في إطار "سياسة بناء السدود"، وكذا، تجهيز المدارات المسقية، في بداية ستينيات القرن الماضي، بغاية بلوغ مساحة مليون هكتار مسقية، في أفق سنة 2000. حيث سينعم الأشقاء الجزائريون، بعد فتح الحدود، بالرخاء والنعيم، وسيحيى ويبعث من جديد الاتحاد المغاربي، الذي سيشكل قوة اقتصادية عظمى، في شمال أفريقيا، من شأنها أن تنافس وتقطع الطريق في الضفة الشمالية من حوض البحر الأبيض المتوسط، على القارة العجوز، وعلى الاتحاد الأوروبي، وحتى على كبريات التمركزات والاتحادات الاقتصادية في القارات الخمس.