نخبة من الإعلاميين والأكاديميين ناقشوا تجرؤ بعض برامج المنوعات على تحدي منظومة القيم الاخلاقية والاجتماعية والدينية للمجتمعات العربية. شهدت ورشة عمل “إعلام المنوعات...الخط الأحمر إلى زوال!” نقاشات هامة وفاعلة حول إعلام المنوعات والبرامج الترفيهية التي تبثها وسائل الإعلام على امتداد العالم العربي، وسلطت الضوء على نشأت مثل هذه البرامج وتجرؤها في بعض الأحيان على تجاوز الخطوط الحمراء دون أن تعير أي اهتمام أو احترام لثقافة المجتمع وعقلية المشاهدين. وأثارت الجلسة العديد من التساؤلات حول محتوى المنوعات والتسلية والترفيه والحوارات واللقاءات والبرامج التي تقدمها وسائل إعلام عربية، ودوافع هذا التجرؤ على تحدي منظومة القيم الاخلاقية والاجتماعية والدينية للمجتمعات العربية. أدار الجلسة الإعلامي عبدالله بوفتين من قناة الرأي الكويتية، وتحدث فيها كل من، الإعلامي جورج قرداحي من قناة إم بي سي؛ والإعلامية هبة الأباصيري من قناة الحياة المصرية؛ والدكتور خالد الخاجة عميد كلية المعلومات والإعلام في جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا؛ والكاتبة الصحافية لينا أبو بكر من صحيفة القدس العربي؛ والدكتورة رفيعة غباش، رئيسة جامعة الخليح العربي سابقاً. وركزت الجلسة الاهتمام الكبير والإقبال المتزايد الذي تحظى به الصفحة الأخيرة في معظم الصحف من قبل الجمهور بالمقارنة مع صفحات الأخبار السياسية على سبيل المثال، حيث يرى البعض في المحتوى السياسي تقليداً روتينياً يحظى بمساحة أوسع مما يتطلع إليه الجمهور حقاً، وعادة ما تثير أخبار المشاهير ونجوم الفن والمجتمع اهتمام جمهور واسع. وأشار الإعلامي جورج قرداحي في حديثه إلى أن المحطات التلفزيونية العربية شهدت خلال العشر سنوات الأخيرة نهضة كبيرة على مختلف الصعد والمجالات، لكن النهضة الأكبر تركزت في برامج المنوعات التي أصبحت محط اهتمام ومتابعة من ملايين المشاهدين، مشيراً إلى أن برامج المنوعات باتت تحتل 70% من إجمالي البرامج التي تبث على محطات التلفزة، وباتت تنتشر كالعدوى في تنافس شرس بين المحطات على شراء حقوقها من منتجيها، في مشهد يحاكي قاعدة كل ممنوع مرغوب. وأعرب قرداحي عن تأييده لشراء البرامج الترفيهية الجاهزة معتبراً ذلك حقاً من حقوق المحطات التلفزيونية، مستشهداً ببرنامجه الشهير “من سيربح المليون” الذي فتح المجال لاستقطاب مثل هذه البرامج. لكنه في الوقت نفسه هاجم وانتقد البرامج التي تتطاول على الذوق العام ولا تميز بين المجتمعات التي تخاطبها (عربية أو غربية) إذ أن ما ينطبق على الغرب قد لا ينطبق بالضرورة على المجتمعات العربية. ورأي قرداحي أن “مسؤولية حماية المجتمع من هذه البرامج تقع على عاتق ثلاث جهات؛ ففي حين تتحمل المحطة التلفزيونية مسؤولية كبيرة في هذا الصدد لكونها الجهة التي تبث هذه البرامج، فإن المسؤولية الأكبر تقع على كاهل السلطات الرسمية التي يجب أن تبادر إلى سن القوانين الكفيلة بالإبقاء على المواطن في مأمن من كل ما قد يخدش حيائه ويتجاوز الأخلاق العامة في المجتمع، وأما الجهة الثالثة فهو جمهور المشاهدين الذي يجب أن يرفض وينأى بنفسه عن مثل هذه البرامج”. من جهتها رأت الإعلامية هبة الأباصيري أن “الخطوط الحمراء تحددها الأعراف المجتمعية السائدة، فما يعتبره مجتمع ما محرماً قد يكون أمراً عادياً ومقبولاً في مجتمعات أخرى. ولفتت إلى أن التكنولوجيا وسائل الإلكترونية فتحت المجال أمام البعض ليتجاوزا الخطوط الحمراء التي يجب أن تنبع في المقام الأول من ضمير الفرد ومن تربيته وأخلاقه، لا أن يتم فرضها من جهات أخرى”. فيما اعتبرت الدكتورة رفيعة غباش أن الفترة الماضية شهدت ظهور آفاق جديدة للحرية التي ارتفع سقفها كثيراً مقارنة بما كان سائداً في الماضي. وتناولت الدكتورة رفيعة برامج الفتاوى الطبية التي تبثها القنوات التلفزيونية وتتسبب في بعض الأحيان في إيذاء بل ووفاة المتصلين، معتبرة أنه في حال كانت هذه البرامج تصنف على أنها منوعات، فإنها تمثل تجاوزاً صارخاً للخطوط الحمراء، مؤكدة على أن المنوعات ليست مسألة خطوط حمراء وإنما هي اختيار وانتقاء عقلاني لمثل هذه البرامج.