أسفرت الانتخابات البرلمانية البلجيكية ليوم الأحد 11 يونيو الجاري، عن نجاح لا فت للمغاربة و الأتراك في الغرفتين الأولى و الثانية، بعد أن كان حضور الأجانب يختصر فقط في البرلمانات الجهوية و خاصة منها برلمان جهة بروكسيل، مع استثناءات ناذرة في باقي البرلمانات الأخرى. و بهذه الخطوة، بدا المرشحون من أصل أجنبي و خاصة منهم الأتراك و المغاربة يريدون أن يلعبوا لعب الكبار، وبذلك فإنهم يسجلون حضورهم الواعي في المشهدين السياسي و التشريعي البلجيكي بعيدا عن الاتهامات المألوفة ضدهم من طرف بعض الأحزاب العنصرية. و في ما يتعلق بالبلجيكيين من أصل مغربي، فقد انتزعت المغربية فضيلة لعنان مقعدا ثمينا في البرلمان الفدرالي، ب 15222 صوت في دائرة بروكسيل ال بيلبورد . و فضيلة لعنان مناضلة في صفوف الحزب الاشتراكي الفرانكفوني و تشغل حاليا منصب وزيرة الشباب و السمعي البصري في الحكومة الفرانكفونية. تليها نعيمة انجري عن دائرة اونفيرس، من الحزب اللبيرالي الفلاماني "س.د.ن.ب"، ب 11952 صوت. ثم رشيد مضران عن الحزب الاشتراكي الفرونكوفوني، ب 6318 صوت. وبعده نجحت نادية اسمينات عن حزب التحالف الفلامنكي الجديد، ب 884 صوت في المنطقة المتنازع عليها "منطقة ال بيلبورد". كما ينتظر التحاق محمد جبور عن الحزب الاشتراكي بالبرلمان (6242 صوت)، مباشرة بعد تشكيل الحكومة، لان الحزب الاشتراكي مرشح بقوة ليس بالمشاركة في الحكومة فحسب، بل مرشح لكي يتولى زعيمه "ايليو دي روبو" منصب الوزير الأول. نفس الشيء يمكن قوله عن فؤاد الحسيني من حزب الخضر المؤهل لانتزاع منصب البرلماني الفدرالي في حالة مشاركة حزب الخضر في الحكومة المقبلة. أما عن البلجيكيون من أصل تركي فيتزعمهم "ايمير كير"، ب 17294 صوت عن جهة يروكسيل العاصمة، و الذي يشغل حاليا منصب كاتب الدولة في حكومة جهة بروكسيل. تليه اوسليم اوزان في دائرة شاتلي. ثم مريم الماسي عن حزب الخضر الفلاماني (25100 صوت)، و زوهال ديمير المنتمية لحزب ن. ب ا ب 10248 صوت، و كلاهما نجحا عن دائرة اونفيرس الفلامانية. أما مجلس الشيوخ فقد عرف هو الآخر اقتحاما لم يسبق له مثيل في تاريخ بلجيكا من طرف المغاربة و الأتراك ، إذ نجح عن الحزب الاشتراكي كل من المغربيين حسن بوستة (35817 صوت) و هو باحث في السوسيولوجيا، و فتيحة السعيدي ب 38187 صوت و التي تشغل الآن منصب برلمانية في برلمان جهة بروكسيل، و يضاف إليهما كل من زكية الخطابي من حزب الخضر الفرانكفوني، و التركيتين فاطمة بيهليبان عن حزب الاشتراكي الفبلاماني و اولغا زريهن عن حزب الاشتراكي الفرانكوفوني، اللواتي تم اختيارهن من طرف أحزابهن وفق ما ينص عليه القانون الانتخابي البلجيكي. بالإضافة إلى فوزية الطلحاوي عن حزب الاشتراكي الفلاماني، التي ستلتحق هي الأخرى بمجلس الشيوخ (في حالة مشاركة حزبها في الحكومة المقبلة). و يشار بان انتخابات 11 يونيو الجاري أسفرت عن متناقضات حادة بين شمال و جنوببلجيكا. فإذا كانت جهتي بروكسيل و والونيا عرفتا نجاحا باهرا للحزب الاشتراكي الفرانكوفوني، فان شمال البلاد (جهة الفلامان) عرفت اكتساحا قويا لحزب التحالف الفلامنكي الجديد (وسط يمين قومي)، مما يجعل مهمة تشكيل الحكومة المقبلة مهمة صعبة للغاية و أن المفاوضات ستكون شاقة، بدأت بعض تفاصيلها تظهرا لآن. فبرامج الحزبين متناقضة تماما من حيت الأهداف والمرامي. فإذا كان الحزب الاشتراكي يدافع عن بلجيكا موحدة و متضامنة و يرفض أي تراجع عن المكتسبات الاجتماعية، فان حزب التحالف الفلامنكي الجديد، يدعو صراحة إلى انفصال شمال بلجيكا عن جنوبها و إجراء إصلاحات عميقة على المستويين المؤسساتي و الدستوري، و لا يرى أي مكان للنظام الملكي في بلجيكا. لكن بالرغم من هذه المتناقضات فالعاهل البلجيكي استقبل يوم الاثنين 14 يونيو زعيمي الحزبين الفائزين في الجهتين الفلامانية و الفرانكوفونية لاستكشاف مدى استعدادهما للاشتغال معا، بالرغم أن المهتمين و الإعلام البلجيكي يضعون عدة سيناريوهات، بما فيها تلك التي تضع مستقبل بلجيكا فوق كف عفريت، إذ لا يستبعدون أي فرضية من الفرضيات بما فيها تشكيل حكومة بدون الحزب الفلاماني القومي الفائز "التحالف الفلامنكي الجديد"، واستبعاده كليا من أي تحالف إن تشدد في مطالبه تجاه النقاط الخلافية و خاصة منها منطقة ال بيلبورد المتنازع حولها و التي يطالب الفلامنيون بضمها إلى الجهة الفلامانية.