اختتمت مؤخرا بمدينة أكادير فعاليات الملتقى الإقليمي للشعوب المغاربية بتكريم محمد اليازغي رفقة القيادي الموريتاني صالح ولد حننا والنقيب الطيب الساسي ونقيبي الصحفيين بليبيا وتونس ومجموعة من الشخصيات المغاربية الأخرى. حيث ترأس اليازغي أشغال الجلسة الافتتاحية لهذا الملتقى المغاربي الذي نظمته المنظمة المغربية للصحراويين الوحدويين على امتداد أيام 02-03-04 مارس الجاري حول مستقبل المنطقة المغاربية في ظل التحولات الإقليمية، وأكد في كلمة له بالمناسبة على ضرورة العمل على تفعيل الاتحاد المغاربي عبر آليات وأجهزة جديدة، وذلك على اعتبار أن مطلب الاتحاد قد أصبح مطلبا يفرضه الواقع الجديد والتحولات التي شهدتها دول المنطقة سياسيا واجتماعيا كما يفرضه منطق التنمية والديمقراطية. واعتبر اليازغي أن بقاء الوضع بمخيمات تيندوف على ما هو عليه من جمود وتسلط من طرف القيادة الستالينية لجبهة البوليساريو يعتبر مؤشرا سلبيا قد يعوق التوجه نحو حلحلة قضية الصحراء باعتبارها العائق الأول لبناء فضاء مغاربي موحد. معتبرا أنه في الوقت الذي شهدت فيه كل من تونس وليبيا والمغرب تغييرات سياسية كبرى وإلى حد ما الجزائروموريتانيا، فإن الوضع السياسي بمخيمات تيندوف قد بقي على حاله معارضا لتطلعات الصحراويين في التغيير. وفي موضوع ذي صلة، أعلن اليازغي أن قضية الصحراء بالنسبة إلى المغاربة قد انتهت لأنه لا أحد يستطيع أن يزحزح المغاربة من أرضهم، وبأن الشق المتبقي من القضية لازال مجلس الأمن يشتغل على تسويته. مضيفا، أن هذه القضية طالت فعلا من اختار الانفصال وساهم في تطويل المفاوضات، موضحا أن قضية الصحراء تحتاج اليوم إلى حوار بين المغاربة جميعا بحكم أن أجيالا جديدة من المغاربة تحتاج إلى أن تستوعب مجريات القضية. من جهة أخرى، اعتبر اليازغي أن فتح الحدود بين المغرب والجزائر يعتبر أمرا ملحا وذلك من أجل تشجيع التعاون التجاري والأمني بينهما، وقال إن المغرب والجزائر يواجهان نفس التهديدات التي تصل من الجنوب، وأبرز أن تعاون البلدين في التصدي للإرهاب سيمكن لا محالة من بناء المغرب العربي. فيما أكد نقيب الصحفيين الليبيين أحمد الفيتوري، أن ليبيا تكتشف نفسها، موضحا أنه بعد أن تم منع الأحزاب منذ سنة 1951 إلى حدود سنة 2011 عاد الليبيون إلى تأسيس الأحزاب وجمعيات المجتمع المدني. وأضاف أن ليبيا تم اختزالها في أيقونتين: «النفط» و«القذافي»، الأمر الذي كلف الليبيين 42 سنة و50 ألف شهيد للتخلص من ستالين حديث اسمه القذافي بعد أن تخلصت من ستالين روما خلال فترة الاستعمار الإيطالي. أما البرلماني الموريتاني صالح ولد حننا، رئيس حزب الاتحاد والتغيير حاتم الموريتاني، فقد عرج على موضوع الإصلاحات السياسية في موريتانيا وأثرها على مستقبل الاتحاد المغاربي، حيث اعتبر أن الاتحاد المغاربي يشكل حقيقة تاريخية ويجسد رغبة شعبية، وطالب أن تضع البلدان المغاربية التي تبنت الإصلاحات السياسية ضمن أولوياتها نجاح بناء الاتحاد المغاربي، مشيرا إلى ضرورة تأسيس عهد جديد من الحوار والتكامل يحتكم إلى رؤية وحدوية نعتصم فيها بحقوق الجار وبروابط الدين والثقافة والتقاليد المشتركة بين بلدان المنطقة. فيما تناولت رئيسة النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، “نجيبة الحمروني” عملية التأخر التي عرفتها عملية البناء المغاربي، مشيرة إلى أن الوقت حان لإعطاء الانطلاقة من أجل تحقيق هدف الشعوب المغاربية التواقة إلى هذا التكتل. وربطت “الحمروني” ما حدث من خلال الثورة التونسية من نجاح فرضته إرادة الشعب، وهو الشيء الذي يجب أن نسقطه على عملية البناء المغاربي حتى لا ننتظر السياسيين يقررون مصير شعوب هذه المنطقة، وطالبت من جهتها بضرورة الاستفادة من الأخطاء السابقة ووضع اليد على كل العوائق التي حالت دون بناء هذا الصرح المغاربي، وأشارت إلى أن التجارب السابقة لم تضع استراتيجيات إعلامية ترافق الطرح السياسي والطرح الاقتصادي كما شددت على أهمية المجتمع المدني في مسايرة عملية البناء. هذا وتجدر الإشارة إلى أن الملتقى المغاربي الذي نظمته المنظمة المغربية للصحراويين الوحدويين بمدينة اكادير على مدى ثلاثة أيام قد استضاف ثلة من السياسيين والأكاديميين والإعلاميين من الأقطار المغاربية الخمسة قصد تدارس مستقبل المنطقة المغاربية في ظل التحولات الإقليمية، حيث شارك في أشغال هذا الملتقى كل من محمد اليازغي وصالح ولد حننا رئيس حزب حاتم الموريتاني وأحمد الفيتوري نقيب الصحفيين الليبيين ونجيبة الحمروني نقيبة الصحفيين التونسيين وسعيد هادف عضو اتحاد كتاب الجزائر والأكاديمي الموريتاني إد ولد آدب وعضو المنظمة الموريتانية للتنمية السياسية عبد الله ولد الطيب، إضافة إلى كل من إدريس الكريني وميلود بلقاضي استاذي العلوم السياسية وعبد العزيز كوكاس رئيس تحرير جريدة المشعل المغربية. وتضمن البيان الختامي الذي صدر عقب أشغال الملتقى، تضامنا مطلقا ولا مشروط مع الثورة السورية، منددة بجرائم نظام الأسد في حق الشعب السوري الشقيق، ثم الكيد على ضرورة تعميق الإصلاحات السياسية بكل من المغرب والجزائروموريتانيا بشكل يكفل التأسيس لممارسة ديمقراطية حقيقية وعميقة. كما خرج المشاركون بالتوصيات التالية: أولا: على الأحزاب السياسية والنخب المثقفة أن تأخذ المبادرة بشكل أكثر فاعلية لتأطير الشعوب المغاربية وإسهامها في تفعيل المشروع الاندماجي المغاربي. ثانيا: ضرورة اشتغال فعاليات المجتمع المدني على الترويج لفكرة التعاون والتشارك والتقارب المغاربي- المغاربي من خلال تنظيم ملتقيات مماثلة وتبادل الزيارات والخبرات. ثالثا : التعجيل بفتح الحدود المغربية الجزائرية كخطوة حتمية وأولى في مسار تعزيز الاتحاد المغاربي. رابعا: ضرورة تجاوز القضايا الخلافية البينية والتمسك بالقواسم المشتركة وعوامل الوحدة. خامسا: تكاثف جهود الدول الخمسة المغاربية لمواجهة التحديات الأمنية المحدقة بالمنطقة من خلال التنسيق والتعاون المشترك. سادسا: ضرورة إيجاد حل سياسي وسلمي وتوافقي بين أطراف النزاع حول الصحراء باعتباره أكبر عائق أمام الاتحاد المغاربي، مع التنويه بالمقترح المغربي القاضي بمنح إقليم الصحراء حكما ذاتيا في إطار الجهوية الموسعة ،كحل مطروح للنقاش والتفاوض يمكنه أن يساهم في التعجيل بعملية الاندماج المغاربي. سابعا: الدعوة الى تأسيس منظمة مغاربية للعمل على تفعيل الاندماج المغاربي، تتشكل أساسا من الفعاليات المدنية والأكاديمية والإعلامية.