"المُحال في علاقَة الوالي بأهلِ الشَّمال" ارتأينا في هذه الحلقة أن نكشف عن علاقة الوالي اليعقوبي بسكان الشمال، وعن حكايات تتناقللها مجالس الموظفين والمقاولين ورجال السلطة، اخترنا هذه الحلقة لتكون فاصلا يُبعدنا مؤقتا عن الصفقات والخروقات والأرقام ودهاليز التدبير السياسي والمالي لشؤون الجهة، ارتأينا أن نكشف عن الوالي الانسان، وعن شخصية الرجل الأول في الولاية، وعن ما يروج من حكايات غضباته ومرحه، وعن صداقاته ومزاجه المُتقلب.. هدفنا من ذلك أن ننقل صورة للرجل الذي يُدير شؤون الولاية، دون المس بشخصه المحترم، أو الخدش في حياته الشخصية. منذ أن وصل اليعقوبي إلى عمالة المضيقالفنيدق، وتوليه لاحقا ولاية تطوان، وبعدها ولاية طنجةتطوان والحكايات تتناسل بين الساكنة عن شخصه وطباعه وجولاته وصولاته.. بحيث فاجأ الوالي الوسيم سكان الاقليم وهو يجول في شوارع المدينة مُقتربا من المواطنين يستمع لشكاياتهم وتأوهاتهم، كما تابع الرأي العام الشمالي بشغف كيف دبّ الرعب في فرائص العديد من رجال السلطة من قواد وباشوات، وكيف تعامل الوالي مع بعضهم بصرامة قل نظيرها، وكيف تحركت جرافاته لهدم البنايات والأسوار التي تم تشييدها خارج ضوابط القانون، وأصبح شخص الوالي حديث المدن الشمالية، الذي لا تلين يده أمام أي خرق مهما كان مصدره، ولم "تعد للأقوياء حصانة تحميهم من زجْر الدولة وقوانينها". ماحقيقة كل هذه الحكايات ؟ وهل حقيقة أن الوالي اليعقوبي رجل الملك المكلف بمهمة تنفيد توجيهاته في شمال المغرب ؟ هل الوالي اليعقوبي خليفة جديد على الشمال كما تصدح بذلك مجالس التطاونيين ؟؟ هل حقيقة ما يروج عن احتقار الوالي لسكان الشمال ؟… أسئلة كثيرة تطرحها شخصية الوالي المُثيرة للجدل سنحاول نقلها عبر طرائف تتناقلها ألسن الشماليين. الحكاية الأولى: تروي مصادرنا أن مجموعة من المُنعِشين العقاريين من تطوان ونواحيها طلبت الاجتماع بالسيد الوالي على خلفية قرار الولاية بتوقيف أشغال البناء في فصل الصيف بمبررات حماية الموسم السياحي من ضجيج الأشغال، وهو القرار الذي يُعرّضُ مصالح المستثمرين للضياع ، ويتسبب في تأخير إنجاز البيوت المُتعاقد بشأنها، وتداعيات ذلك من نزاعات مع الزبناء ومطالبة بعضهم بتعويضات عن التأخير. في قاعة بالولاية جلس ثلة من كبار المقاولين بالاقليم يتقدمهم ممثل عن مصطفى بنعبود والرباحي يتبادلون الحديث في انتظار قدوم جناب الوالي، وبعد انتظار ليس بالقصير دخل الوالي اليعقوبي عابسا يُرافقه فيلق الأعوان، وما أن انتبه المعنيون بقدوم جنابه حتى وقف الحضور تعبيرا عن الاحترام والتبجيل.. اكتفى الوالي بإشارة توحي بالجلوس وأومأ بما يعني الإذن بالحديث، حيث بدا التهيب على الحضور قبل أن يتقدم أحدهم يشرح متاعبه مع القرار وتداعياته على مصالح المستثمرين، وتناول الثاني الموضوع بتفصيل وبمقترحات تحمي مصالحهم بقدر ما تحافظ على أهداف القرار الولائي المتعلقة بحماية الموسم السياحي.. كانت علامات التهيب والرهبة بادية على أغلب المتدخلين في حين كان الوالي ينظر إليهم بكلل وبملامح من القنوط وهو يحرك سبحته يمينا وشمالا.. انتهت التدخلات وساد صمت رهيب في القاعة قبل أن يقطعه الوالي بنبرة صارمة قائلا: " القرار لا رجعة فيه والأشغال تتوقف في 20 يونيو" وسارع بعدها بالانسحاب نحو مكتبه تاركا عليّة المدينة في ذهول !!، أحدهم وهو من كبار المُستثمرين المثيرين للجدل علق بصوت خافت " النهار اللِّي يمشي هاد الوالي غادي نودعو بالغيطة والطبل " الحكاية الثانية: في زيارة للوالي لمعرض الصناعة التقليدية بتطوان توقف عند خيمة أحد المنتجين للفخار التقليدي بتطوان وسط هالة من الترحيب بجناب الوالي الذي كان مُتبرِّما من المكان حسب أحد المرافقين، وبادره الصانع التطاوني علي أوطاح "سيدي الوالي المُحترم، أملنا أن تساهم الولاية في دعم هذا المنتوج التاريخي الذي يحتضر، خصوصا بعد انقطاع الولاية والجماعات عنه في تبليط أرصفة المدينة واستبداله بالاسمنت الأصفر الذي هو في الحقيقة أكثر تكلفة وأقل جمالية.." أجابه الوالي بنبرة ينم منها شيئ من غضب "الاسمنت الأصفر أقل تكلفة من سلعتك التي يتضاعف ثمنها بما يتطلب تصفيفها من يد عاملة" ودون أن ينتظر الجواب سارع بالمغادرة لايلتفت للصانع التطاوني الذي علق بمرارة :" هاد الوالي عندو شي حسيفة مع الناس دالشمال، كيزوق المدينة ويترّْك مواليها" وأجابه أحد الضرفاء بسخرية "هادا لي عاندو عاندو مع البيْصر" ويعني الاسمنت الملوّن بالأصفر الذي عوّض الأرضية التقليدية في تبليط الأرصفة بما ينفعُ شركة انتاج الاسمنت (لافارج) من المال العام ولو على حساب توفير فرص عمل للساكنة والمنتوج المحلي. الحكاية الثالثة: في حديث للوالي مع بعض معاونيه عن شركة تيكميد الاسبانية وقرار فسخ العقدة معها علق الوالي على نصيحة أحد الأطر الشمالية بالتريث في فسخ العقدة بما يلي : "الصبنيول مزالين كيسحابلوم الشمال ديالهوم، والشماليين شادِّين الساعة مع مدريد" الحكاية الثالثة: يردد التطوانيون في أحاديثهم أن أحد القواد بالإقليم تعرض لغضبة يعقوبية أمر على إثرها الوالي بتهميش القائد والتضييق عليه، ووصل الامر إلى أنه في حفل نظمه القائد المغضوب عليه بمناسبة عقيقة ابنه، أمر الوالي زملاء القائد من قواد وغيرهم بمقاطعة حفل القائد المغضوب عليه، وهدد كل من حضر العقيقة بأشد العقوبات والتنقيب في الملفات.. أحد القواد علق على الواقعة بسخرية "هذا التْمكْريه ولعب الدراري" وآخرون من أطر الولاية عبروا عن الامتعاض من سلوك لا يستقيم وموقع جناب الوالي وتصرُّف يطرح أكثر من سؤال. كانت هذه نمادج من حكايات تشرح شخصية الوالي وعلاقته بالشمال والشماليين، حكايات كثيرة يتداولها السكان وأطر الولاية والجماعات، كلها تُعزِّزُ فرضية شخصية إسكسوفرينية ومزاج حاد ومُتقلب وميغالومانية لاحدود لها. بعض المتخصصين المُتابعين لحكايات والينا المحترم يؤكدون أن الرجل يتشبّه بالملك في حركاته، وفي جولاته المُفاجئة، وفي اختياراته لمساجد الصلاة يوم الجمعة، وفي غضباته على القياد والباشوات والمنتخبين والموظفين، ورجال الأمن، ويتعمد نشر خبر غضباته وقراراته الزجرية، كما حدث مع مدير ديوانه بعد هدم سور فيلته بمنطقة بوعنان المُشيّدة خارج نطاق القانون، أو مع أمر الشرطة بحجز سيارة باشا الفنيدق المركونة في مكان ممنوع من الوقوف، ولائحة من الوقائع التي يتعمد فريقه نشرها بحثا عن صورة لايعرفها المواطن سوى عن جلالة الملك.. بعض الضرفاء يُعلقون على ذلك بقدر من السخرية : " هدا الملك ستيتو وصافي" وبعض التطاونيين الغاضبين مما يروج عن احتقار الوالي لأهل الشمال يعلقون بصوت خافت ومن داخل بيوتهم " باقيلو غير البيعة ويرجع سلطان" قريبا سنُتحفكم بملف عن الماء والكهرباء وما خفي من فضائح التدبير المُفوض ومافيا الفساد في الوكالة الحضرية.