ونحن في نهاية 2019، بينما العالم يشتعل بالحروب و خروج الشعوب بمظاهرات للمطالبة بتنحية حكوماتهم كلبنان و الشيلي،تخلد الأممالمتحدة الذكرى السنوية لليوم العالمي لحقوق الإنسان. المطالبة باحترام حقوق الإنسان و التي ظهرت إلى العلن بعد الحرب العالمية الثانية، كقطيعة مع الإنتهاكات والجرائم التي جعلت الإنسانية تتكبد ملايين الخسائر في الأرواح، جلها كان بطابع عرقي. ثمّ عرفت أزهى عصورها مع سقوط حائط برلين، و ما تبعه من محاولة إصباغ العالم بصبغة الحرية و العدالة و الكرامة الإنسانية، و إلباس المعسكر الغربي الذي كانت تتزعمه الولاياتالمتحدة، ثوب المدافع و الملجأ الآمن لحقوق الإنسان عكس الدول الدول الشيوعية. لكن كل هذا انتهى، مباشرة بعد أحداث 11سبتمبر،فطوت أمريكا صفحة الحقوق، و ارتكبت أبشع الجرائم في أفغانستان والعراق بدعوى الدفاع عن العالم من الخطر الإرهابي، و نكلت بالمساجين في غوانتانامو و أبو غريب و غيرهم، و كل هذا على مرأى و مسمع من العالم. والحال أن العالم لا يأتمر بحقوق الإنسان، و يكفينا فقط النظر إلى حجم الإنتهاكات التي تقع على مسلمي الإيغور، لا لسبب إلا أنهم يحاولون الحفاظ على خصوصيتهم الإسلامية، و كذلك بورما و ما يحدث مع الروهينغا، و كذلك الخطاب المتطرف ضد المسلمين في بعض الدول الأوربية و ما يقع غي الهند من مودي رئيس الحكومة وحزبه ضد المسلمين الهنود. وكذلك المهاجرين، و ما يعانونه من تمييز عنصري، خصوصاً مع صعود اليمين المتطرف في عديد الدول الغربية، هذا دون نسيان معاناة اللاجئين و التي رفضت بلدانا عديدة استقبالهم، في تعارض تام مع الأعراف الدولية. يضاف أيضاً، مشاكل التمييز ضد المرأة، فالدول الغربية على الرغم من ادعاءها فرض المساواة فلا زال هناك تمييز في العمل و في الحقوق، أما في بلداننا العربية، فالمكتسبات التشريعية التي تحمي حقوق المرأة، ما زالت لم تطبق بعد. ومن ملاحظات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أنه كلما ارتفع مؤشر الديمقراطية في بلد ما، ارتفعت فيه نسبة احترام حقوق الإنسان، و لا غرو أن الإنتكاسة التي يعرفها المجال الحقوقي في العالم هي نتيجة احتباس ديمقراطي، تجلى في عودة السلطوية إلى العالم، كظاهرة ترامب و بوتين. في المغرب ما زال هناك الكثير لينجز في هذا الملف و لعل التراجعات الأخيرة، و التي تجلت في التضييق على الحريات و تفشي البطالة إلى غيرها من المشاكل،لعلها تكون أشبه بدق ناقوس الخطر لتدارك ما فات و العمل على إصلاح الهفواتو العودة للسكة السليمة، ينضاف إلى ذلك، تطبيق دستور 2011، و الذي جاء بمكتسبات عديدة على مستوى التشريعات. فالرفع من منسوب احترام حقوق الإنسان يجب أن يكون شعار الأجيال القادمة، فلا مجتمع سليم بدون احترام للحقوق، و لا تنمية بشرية بدونها.و علينا العودة إلى منظومة القيم، و التعامل مع الإنسان بكامل الإنسية لا كمستهلك أو آلة.