تفصل المواطنين المغاربة أيام قليلة على شهر رمضان الأبرك، إذ تستعد الأسر المغربية لاستقباله بشوق كبير، حيث تشهد أيامه إقبالا منقطع النظير على استهلاك المنتجات الأساسية. وككل سنة، يكون الأسبوعان اللذان يسبقان هذا الشهر الفضيل بمثابة "المحرار" الذي يقاس به مستوى الأسعار، ويتوقع به نبض السوق الذي لا يبدو مطمئنا رغم ما قيل مؤخرا. فقد وقفت بيان اليوم، داخل بعض الأسواق بمدينة الدارالبيضاء، على أسعار المواد الغذائية، التي بدأت بالفعل تشق طريقها نحو الارتفاع، حسب ما أفاد به بعض المستهلكين وبائعي الخضر والفواكه، فيما تحافظ سلع ومواد أخرى على استقرارا أسعارها. فعلى مستوى الخضر والفواكه، رصدت الجريدة لهيب أثمنة بعض المنتجات رغم وفرتها في الأسواق، حيث قفزت أسعار الطماطم من 3 دراهم إلى 5 دراهم، وارتفع ثمن البطاطس بثلاثة دراهم دفعة واحدة لتستقر في حدود 6 دراهم، وعلى نفس المنحى سارت أنواع أخرى من الخضر الأكثر استهلاكا. وعلى مستوى الفواكه سجلت بيان اليوم تراوح سعر الموز بين 9 دراهم و12 دراهما، وكذا التفاح الذي تراوح ثمنه بين 10 دراهم و15 درهما. ولا يبدو أن الأسعار ستظل على هذا الحال، بل يتوقع المهنيون زيادات جديدة في غضون الأيام القادمة. بهذا الخصوص، أوضح إبراهيم لعرج بائع الخضر والفواكه بسوق كراج علال، أن ثمن الفواكه سيعرف ارتفاعا في الأثمنة رغم وفرة المنتجات بسوق الجملة وأماكن التخزين والمستودعات، مرجعا السبب إلى كثرة الطلب، فضلا عن نشاط "الشناقة" في سوق الجملة للخضر والفواكه. من جانبه، أبرز محمد إبراهيم بائع الحبوب والقطاني، بسوق الجملة بكراج علال، بالعاصمة الاقتصادية، أن الإقبال ازداد خلال هذه الأيام على الحبوب والقطاني، التي تحضر في الأطباق المغربية أثناء شهر رمضان، مفيدا أن الأثمنة مناسبة ولم تتغير بعد، رغم كثرة الطلب عليها، مبينا أنه، بين الفينة والأخرى، تحل لجن خاصة بالسوق لمراقبة أسعار المواد وجودتها، خصوصا في بداية شهر شعبان. في هذا الصدد، أبرز عصام الحكيمي، بائع التوابل بساحة السراغنة، أن الأثمان مواتية ومستقرة لحد الآن، موضحا أن أي تغير في السعر يكون مصدره بائعي الجملة الذين يلتقطون إشارة تزايد الطلب من طرف المستهلك، ليعمدوا إلى الرفع في الثمن، مضيفا أنه تابع في وسائل الإعلام تجند وزارة الداخلية لمتابعة كل متورط في الزيادات غير المشروعة للأسعار. من جهته، اعتبر محمد الفاضيلي بائع السمك، بالمدينة القديمة بالبيضاء، أن ثمن السمك يقفز كل سنة في شهر رمضان، ومرد ذلك، بحسبه، إلى الطلب الذي يتضاعف بشكل كبير خصوصا في صنف السمك الأبيض، متوقعا ارتفاع ثمن الأسماك بكل أشكالها خلال شهر رمضان. وكان الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، نور الدين بوطيب، قد عقد، بداية هذا الأسبوع، بالرباط، اجتماعا خصص لتقييم وضعية تموين السوق الوطنية وتتبع مستوى أسعار المواد الأساسية، خاصة بالنسبة لبعض المواد التي يكثر عليها الطلب خلال شهر رمضان، وكذا لتقييم وتوجيه تدخلات المصالح المكلفة بالمراقبة وبحماية المستهلك ولتعزيز آليات التنسيق بين مختلف الإدارات والهيئات المعنية. وقد تم إعطاء التعليمات للولاة والعمال لتعبئة كافة المصالح المختصة واللجن المحلية للمراقبة وضمان حضورها الميداني والمتواصل بالأسواق بمختلف مدن وقرى المملكة وتكثيف عمليات التواصل والتحسيس لدى الممونين والتجار، قبل وخلال شهر رمضان، لضمان السير العادي للأسواق ورصد وتدارك أي خلل محتمل في التموين والتصدي بالحزم اللازم لكافة الممارسات غير المشروعة والمخالفات في ما يخص أسعار المواد المقننة وشروط البيع والعرض والتخزين والأوزان بالنسبة لكافة المواد بمختلف نقط البيع، واتخاذ ما يلزم من عقوبات في حالة ثبوت أي إخلال بالقوانين والمعايير الجاري بها العمل في هذا المجال. من جهته أكد لحسن الداودي، الوزير المنتدب المكلف بالشؤون العامة والحكامة، الأسبوع الماضي بالرباط، أن الحكومة اتخذت جميع التدابير الضرورية والإجراءات الاستباقية لضمان التموين العادي للأسواق بجميع المواد الأساسية خلال شهر رمضان. لكن، وإلى حدود أول أمس، لا يظهر أن السوق يساير هاجس كل هذه السلطات. مما يفرض ترجمة الاجتماعات إلى حملات ميدانية واقعية وصارمة، بمختلف العمالات والأقاليم، قبيل شهر رمضان وأثناءه، دفاعا عن المستهلك وصونا لقدرته الشرائية التي لا يبدو أنها ستواكب لهيب الأسعار.