محمد بناني الناصري: نعيب على القانون المالي عدم تضمنه للمراسيم التطبيقية للقانون الخاص بالتغطية الصحية لأصحاب المهن الحرة بالنسبة لنا في اتحاد المهن الحرة، لم نجد في مشروع القانون المالي 2011 ما يفيد مصالحنا أو يستجيب لمطالبنا التي عبرنا عنها. فقد كنا طالبنا بإحداث تغطية صحية بالنسبة لأصحاب المهن الحرة، لأن غياب هذه التغطية الصحية تشكل بالفعل معاناة حقيقية لنا. وبالتالي، فقد كنا ننتظر من مشروع القانون المالي أن يتقدم بخطوة في تطبيق المقتضيات القانونية الخاصة بالمهن الحرة التي تنص عليها مدونة التغطية الصحية الأساسية، وأن يتضمن الاعتمادات المالية لمراسيم تطبيقية لتفعيل القانون رقم 03-07، قصد إحداث نظام إجباري للتأمين عن المرض والحماية الاجتماعية لأصحاب المهن الحرة. ونحن نعتبر أن هذا الموضوع إنساني قبل كل شيء. فالمهن الحرة تضمن للمواطنين خدمات نوعية متصلة بصحتهم ورفاهيتهم واستقرارهم المادي والمعنوي، فضلا عن توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وضمان تغطية صحية وحماية اجتماعية لمستخدميهم، في حين يجد أصحاب هذه المهن، من أطباء القطاع الحر والمحامين والصيادلة وأطباء الأسنان والمهندسين المعماريين والإحيائيين والخبراء المحاسبين والمبصاريين، أنفسهم مجردين من أي تغطية صحية أو حماية اجتماعية لهم ولأفراد أسرهم. هناك بطبيعة الحال، الإجراءات الضريبية. وقد كنا ننتظر مراجعة لضرائب نعتبرها مجحفة بالنسبة للمهن الحرة. مثلا فيما يخص الضريبة المهنية، إذ لا زلنا لحد الآن، لا نجد أي منطق لطريقة احتسابها. هذا الأمر جعل أصحاب المهن الحرة في وضعية غير مطمئنة. هناك أيضا الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة لمهنة المحاماة، أو بالنسبة للأطباء. فهذه الضريبة كان من المفروض إلغاؤها بالنسبة للمعدات الطبية وبالنسبة للأدوية كذلك. لكن ليس هناك أي جديد في هذا الشأن في مشروع القانون المالي 2011. وأظن أن استمرار العمل بهذه الضريبة غير معقول؛ إذ ليس مقبولا أن نطلب من المريض أن يؤدي الضريبة على القيمة المضافة على مرضه من خلال تأديته للضريبة على المعدات الطبية التي يستعملها الطبيب. في هذا الصدد، نحن نتساءل لماذا هناك مستشفيات معفية من جميع الضرائب والرسوم، كمستشفى الشيخ زايد بالرباط. كما لا نفهم أيضا كيف تؤدي كل المصحات والعيادات هذه الضرائب في حين يعفى المستشفى المذكور منها مع العلم أنه يعالج المرضى بسعر أغلى بكثير من التعرفة المطبقة على المستوى الوطني. كما أن هنالك مشكل تشجيع الاستثمار في هذا المجال. فقد كنا نتمنى أن يخرج مشروع القانون المالي بتحفيزات للمهن الحرة من أجل الاستثمار في القطاع الخاص، كتقديم تشجيعات للأطباء الراغبين،مثلا، في فتح عيادة أو مصحة في الأقاليم البعيدة أو في هوامش المدن. لكن لم نجد في مشروع القانون المالي 2011 أي شيء من هذا القبيل. عبد الحق بنشماس: إجراءات إيجابية لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة ما يثير حقا، في مشروع قانون المالية 2011، تبنيه لإجراءين هامين؛ فمن جهة، استجاب مشروع قانون المالية لانتظارات المقاولات الصغرى والمتوسطة التي لا يتعدى رقم معاملاتها مليوني درهم، حيث ستخضع للضريبة على الشركات في حدود 15 في المائة. ومن جهة أخرى، حفز مشروع القانون المالي المقاولات العاملة في القطاع غير المهيكل على الخضوع للضريبة، حيث ستعفى من أي مراجعة ضريبية، إذا ما اختارت العمل في الإطار المنظم. وليس هذا فحسب، فقد خصص المشروع ذاته 200 مليون درهم من صندوق دعم الصادرات برسم مشروع ميزانية سنة 2011، لتحفيز المتدخلين الخواص، على تكثيف التوجه نحو الأسواق الإفريقية. هذا الإجراء يستهدف بالأساس، المتدخلين العاملين في مجال التصدير تحديدا، من أجل تكثيف التوجه نحو الأسواق الإفريقية، وذلك بهدف تقوية موقع المغرب داخل هذه الأسواق والاستفادة من وتيرة النمو المشجعة على المستوى الأفريقي، وتنويع الشراكات الاقتصادية وإيجاد منافذ جديدة الصادرات. كما أن الحكومة ستتخذ تدابير تهم مساطر الصرف دعما لتموقع المستثمرين المغاربة على مستوى القارة الإفريقية، حيث سيتم رفع سقف الاستثمارات المعفاة من ترخيص مكتب الصرف من 30 مليون درهم إلى 100 مليون درهم. كما يقترح المشروع وضع نظام جبائي تحفيزي يساعد على إدماج العاملين بالقطاع غير المهيكل في النسيج الاقتصادي، كما أن جمعيات السلفات الصغرى ستستفيد من تمديد مدة الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة إلى غاية 2015، وهو إجراء يتماشى كذلك، مع الأهداف الاجتماعية ودعم التشغيل والأنشطة المدرة للدخل. وفي اعتقادي، تحاول الدولة من خلال الإجراءين الأولين المباشرين، ومن خلال الإجراءات الأخرى غير المباشرة، توسيع قاعدة المقاولات الصغرى والمتوسطة الخاضعة للضريبة، خاصة تلك العاملة في القطاع غير المهيكل، والتي تحرم خزينة الدولة من موارد مهمة. كما تسعى الدولة، من خلال هذه الإجراءات الجبائية، تمتين جاذبية وتنافسية الاقتصاد الوطني وتنمية النسيج المقاولاتي وتوفير فرص التشغيل، بالإضافة إلى لتفعيل التدريجي للإصلاح الجبائي قصد إرساء نظام أكثر توازنا ومرونة، وأكثر قدرة على توفير شروط خلق الثروة، من خلال توسيع القاعدة الجبائية وتخفيض الأسعار الضريبية، فضلا عن سن مساطر جديدة لتحسين علاقة الإدارة بالملزمين من قبيل إحداث ميثاق للملزم يحدد حقوقه والتزاماته في ما يتعلق بالمراقبة الجبائية، إضافة إلى إحداث نظام تفضيلي لفائدة المقاولات المصنفة التي توجد في وضعية جبائية سليمة. لكن، مع ذلك، من الضروري الإشارة إلى أن 90% من المقاولات المغربية، لا يصل رقم معاملاتها إلى 50 مليون درهم، وهو ما يصعب من مأموريتها في الحصول على قروض بنكية لتوسيع نشاطها، ويحد من تنافسيتها، وبالتالي ولوجها إلى الأسواق الكبرى. كما أن معظم هذه المقاولات تتخبط في مديونية مرتفعة، وهو ما ينعكس سلبا على هيكلتها وأسلوب اشتغالها تقنيا وتدبيريا. لذا، بات من المستعجل أن تتوحد الجهود من أجل مواجهة الإكراهات العصيبة التي تواجهها المقاولات الصغرى والمتوسطة، وذلك بتفعيل عقود البرامج المشتركة الرامية إلى الرفع من تنافسية المقاولات الصغرى والمتوسطة، ومصاحبتها خلال مراحل تطورها. فالمطلوب اليوم، تفعيل مجموعة من الأوراش التي سبق الإعلان عنها. نعم، إن المطلوب هو التفعيل الكامل لبرنامجي «امتياز» و«مساندة»، وصولا إلى مساعدة المقاولات الموجودة في وضعية صعبة على تجاوز مشاكلها الهيكلية والمادية، والنهوض بالمقاولات التي لديها إمكانيات جيدة للتطور وتحسين مردوديتها، والتشجيع على خلق مقاولات ناشئة بتوفير صناديق استثمارية مندمجة. هناك بالفعل، برامج طموحة، لكن يجب ترجمتها إلى واقع. صحيح أن الدولة وضعت رهن إشارة المقاولات غلافا ماليا يفوق 2 مليار درهم على مدى الفترة الفاصلة بين 2009 و2015، لكن عليها القيام بإجراءات ملموسة لتحسين الولوج إلى التمويلات البنكية في وجه مشاريع التطوير التي تقترحها المقاولات.