يعتبر وصول ناديين مغربيين للمباراة النهائية في كأس الأبطال والاتحاد الإفريقيين لكرة القدم، انجازا كبيرا يمنح ثقلا خاصا لكرة القدم المغربية على الصعيد القاري، جاء في وقت تمر فيه الرياضة الشعبية الأولى بمرحلة تغيير على مستوى التركيبة والهياكل والقوانين، مما يمنح لهذه اللعبة دفعة قوية في اتجاه الدفع بهذه التغييرات نحو مس الجوهر. وجاء تألق الفريق الوطني للكبار، ووصول المنتخب الأولمبي للمرحلة النهائية الإقصائية المؤهلة للألعاب الأولمبية لندن سنة 2012، ليفتح الطريق أمام عودة قوية لكرة القدم الوطنية على الواجهة الإفريقية بصفتها البوابة الرئيسية نحو العالمية التي غابت عنها خلال السنوات الأخيرة. كما أن تألق ناديي الوداد والمغرب الفاسي، منح نوعا من التوازن على مستوى الحضور المغربي على الواجهة الخارجية، على اعتبار أن اعتماد منتخبي الكبار والأولمبي بصفة خاصة على العناصر التي تمارس بأغلب البطولات الأوروبية، وضعنا أمام حالة تبدو غريبة نوعا ما، إلى درجة تحول المنتخبان معا إلى كيانيين لا علاقة لهما بالواقع المحلي الذي تعرفه الرياضة الوطنية بصفة عامة، وبالتالي فإن العودة الموفقة على مستوى الأندية عامل جد مشجع على تحقيق التوازن المطلوب. فبعد فوز الفتح الرباطي بنسخة 2010 لكأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، جاءت المسيرة الموفقة للمغرب الفاسي هذه السنة على أمل الحفاظ على اللقب حتى وإن كان الخصم هو النادي الإفريقي التونسي الطامح لإنهاء مسيرته الموفقة بلقب جديد، أما على مستوى عصبة الأبطال، فان هذه السنة تسجل الوصول إلى مرحلة المجموعات، وهو دور متقدم لم تصله الأندية المغربية منذ سنة 2003، وكان بواسطة الرجاء البيضاوي، إلى أن عادت الوداد للتألق هذه السنة بهذه المسابقة التي تزداد أهمية بفضل عائداتها المالية الكبيرة. عودة الوداد بقوة للساحة الإفريقية لم يأت من فراغ أو عن طريق الصدفة، بل بفضل سياسة استثمارية تعتبر نموذجية حتى الآن على الصعيد الوطني، والنتيجة كما يتتبع الجميع بروز قوي محليا وقاريا، جلب معه عائدات مالية مهمة على مستوى الاستشهار ومداخيل الملعب، بالرغم من النزيف الخطير الذي تعرفه أبواب مركب محمد الخامس بمدينة الدارالبيضاء والذي يشكل بالفعل معضلة حقيقية. وكيفما كانت نتيجة الفريق الأحمر خلال لقاء النهاية يوم الأحد القادم أمام الترجي التونسي القوى والمتمرس بالأجواء الإفريقية، فان ما وصل اليه أصدقاء نادر لمياغري من مستوى لافت ونتائج باهرة منح كرة القدم المغربية ثقلا خاصا، وهو مطلوب في مرحلة إعادة الهيكلة... ولعل التساؤل الذي يطرح بإلحاح في هذه الحالة يتعلق بالقدرة على الاستمرارية، ففريق الفتح مثلا الذي فاجأ الجميع السنة الماضية بتألقه اللافت، أقصى هذه السنة خلال الدور الأول، ولم يعد العدة للمنافسة من جديد، وكأنه أنجز المطلوب منه وخلد للراحة، وبدون الاستمرارية المطلوبة على على مستوى لا يمكن أعلى مستوى لا يمكن تراكم التجارب على مستوى القاعدة قبل الوصول إلى قمة الهرم. هذه الحقيقة هي التي يجب أن يقر بها الجميع، فالتألق بصورة متقطعة يعطي صورة ضبابية عاكسة بالضرورة لواقع غير مستقر، إلى درجة يتخيل معها أي ناد مغربي يدخل غمار المسابقات القارية نفسه عابر نحو مرحلة محفوفة بالمخاطر، وعالم مجهول مفتوح على كل الاحتمالات والمفاجآت، عكس الأندية المصرية والتونسية التي استأنست بالأجواء الإفريقية، وتحولت بالنسبة لها إلى موعد سنوي لا محيد عنه. الحضور إذن على المستوى القاري بالنسبة للأندية المغربية مهم لعدة اعتبارات لا تخفى على أحد، والتألق والمنافسة على المراكز المتقدمة مسألة مطلوبة، كما أن الدعم ضروري من طرف الأجهزة والمؤسسات بما فيها القطاع الخاص والعام عامل حيوي وأساسي يسمح بضمان هذه الاستمرارية التي ينتظرها الجميع...