شكلت2008 سنة انتكاسات وهزائم متتالية لكرة القدم المغربية سواء على صعيد المنتخبات أو الأندية وفي مختلف الاستحقاقات القارية والجهوية, بعضها استعصى على التفسير والفهم. وتأتي النتائج الكارثية, التي سجلتها المنتخبات والأندية الوطنية هذه السنة لتكرس التراجع المهول التي تشهده كرة القدم المغربية في السنوات الأخيرة وفترة الفراغ التي تمر منها إن على مستوى النتائج أو الأداء. ولعل أبرز ما ميز كرة القدم الوطنية هذه السنة هو المشاركة الباهتة للمنتخب الوطني في نهائيات كأس إفريقيا للأمم ومغادرته, للمرة السابعة في تاريخ مشاركته في النهائيات, منافسات دورة غانا في الدور الأول. فرغم أن الجميع كان متفائلا ويمني النفس بمشاركة متميزة لأسود الأطلس, خصوصا بعد عودة الفرنسي هنري ميشال والمستوى العالي الذي قدمته العناصر الوطنية خلال المباريات الودية قبل النهائيات, إلا أن مشاركتها كانت سيئة بل أسوء مشاركة في تاريخ كرة القدم المغربية. وكان عشاق الكرة المستديرة يعقدون آمالا كبيرة على المنتخب الوطني للاعبين المحليين لتعويض خسارة الكبار وبلوغ نهائيات أول كأس إفريقية للمحليين, لكنه سقط بدوره في أول اختبار وأضاع بالتالي فرصة كبيرة لمعانقة التألق. وكرس المنتخب الوطني للشبان الإخفاقات المتوالية لكرة القدم الوطنية, بإقصائه المفاجئ وغير المبرر في الدور الأول من الإقصائيات المؤهلة لنهائيات كأس إفريقيا للأمم المقررة برواندا سنة2009 , بعد تعادله3 -3 مع منتخب بنين, في لقاء الإياب بالرباط وهزيمته في الذهاب (الذهاب0 -3 ). وغاب المنتخب الوطني للفتيان عن الاقصائيات المؤهلة لنهائيات كأس إفريقيا للأمم المقررة السنة المقبلة في الجزائر, بعد أن فضل القيمون عن الشأن الكروي عدم المغامرة وانتظار إعداد فريق قادر على مقارعة الكبار في كبريات التظاهرات القارية والدولية. أما كرة القدم النسوية فلم تشكل الاستثناء وأقصي منتخبها في الدور الثاني من إقصائيات المنطقة الإفريقية المؤهلة للألعاب الأولمبية التي احتضنتها العاصمة الصينية بكين الصيف الماضي. وشهدت الأندية الوطنية تراجعا مستمرا على مستوى مشاركاتها في المنافسات الإفريقية والعربية. ففريق الجيش الملكي, الذي عود جمهوره على التألق وصنع الفرجة في مختلف الاستحقاقات القارية, دشن موسم الإخفاقات بخروجه منذ الدور التمهيدي لعصبة أبطال إفريقيا على يد فريق مغمور من الرأس الأخضر. ولم يكن ممثل كرة القدم الوطنية الثاني في هذه المسابقة, أولمبيك خريبكة, أوفر حظا من الفريق العسكري وخرج من دور ثمن النهاية بعد تعادله بميدانه1 -1 مع فريق أسيك أبيدجان الإيفواري في مباراة الإياب, ولقي فريق الرشاد البرنوصي, الذي كان يشارك لأول مرة في مشواره الرياضي في مسابقة قارية, صفعة مماثلة في كأس الكونفدرالية الإفريقية. وعلى مستوى المسابقات العربية, تهاوت الأندية الوطنية كأوراق التوت واختفى فريق المغرب التطواني في الدور الأول لدوري أبطال العرب ثم تلاه فريق الرجاء في دور المجموعات, ليبقى الوداد وحيدا في النهائي وينهزم ذهابا وإيابا أمام وفاق سطيفالجزائري. ووسط موجة الإخفاقات طفت على السطح من جديد ظاهرة شغب الملاعب, التي باتت تؤرق الأندية والأجهزة المسيرة بعد ان أثرت على السير العادي للمنافسات التي شهدتها الساحة الرياضية الوطنية خلال هذه السنة. وكان لهذه الظاهرة أثرها السلبي على تقدم مستوى كرة القدم التي تستقطب نهاية كل أسبوع جمهورا عريضا, مما دفع بالمسؤولين عن الشأن الكروي الوطني إلى التفكير في حل جذري, يحد من هذه الظاهرة, بدءا بالتفكير في معاقبة المتسببين من خلال فرض غرامات مالية أو الحرمان من حضور الأحداث الرياضية, وتخصيص جوائز للروح الرياضية تمنح لأحسن جمهور محليا كل أسبوع وعبر مختلف التراب الوطني كل نهاية موسم. والأكيد أن الوضع الراهن لكرة القدم الوطنية, وفي انتظار وضع قطار مشروع تأهيل كرة القدم, الذي وقعته الجامعة الملكية المغربية للعبة والحكومة سنة2005 , على السكة الصحيحة, يتطلب أكثر من وقفة تأمل واستراتيجية جدية لإخراج اللعبة الأكثر شعبية في المغرب من وضعيتها الحالية حتى تستعيد سمعتها وبريقها وتجدد صلتها بسابق مجدها.