وقعت كرة القدم الوطنية على سنة بيضاء وتوالت انتكاساتها قاريا ودوليا، إذ لم تشهد أبدا واقعا مريرا مثل هذه السنة، التي تودعها الرياضة المغربية على إيقاع فشل المنتخب الوطني في بلوغ نهائيات كأسي إفريقيا للأمم والعالم معا. وإذا كانت كرة القدم الوطنية قد فقدت الكثير من مقوماتها وبريقها منذ سنوات، فإن النتائج السلبية التي حصدها المنتخب الوطني ومعه الأندية جاءت لتؤكد بالملموس التراجع المهول، الذي لم يكن قطعا عثرة قد تليها صحوة، بل واقعا يستدعي أكثر من وقفة تأمل. فقد شكل المنتخب الوطني الحلقة الأضعف في مجموعته الإقصائية حيث دشن مشواره بهزيمة في عقر الدار 2-1 أمام المنتخب الغابوني تلتها هزيمة مهينة 3-1 في ليبروفيل وأفلت من حصد الهزيمة مرتين أمام منتخب الطوغو بتعادله معه ذهابا 0-0 وإيابا 1-1، لتبقى أفضل نتيجة له في هذا المسار المتواضع التعادل في ياوندي مع منتخب الكاميرون. وأسال خروج المنتخب المغربي رسميا من السباق على البطاقة المؤهلة لمونديال 2010 بعد هزيمته القاسية في ليبروفيل، الكثير من المداد وولد ردود فعل وانتقادات أجمعت كلها على أن الإقصاء ، وبطريقة "مذلة"، كانت وصمة عار وأن المشاركة المغربية في هذه التصفيات، كانت الأضعف والأسوأ في تاريخ الكرة المغربية. وقد عكست ردود الفعل هذه بالملموس خيبة الأمل المريرة التي تجرعها الجمهور الرياضي الوطني جراء هذا الإقصاء المزدوج من نهائيات كأس العالم وإفريقيا وتوقيع الفريق الوطني على أسوأ مشوار في التصفيات باحتلاله المركز الرابع والأخير في المجموعة الأولى وعجزه عن تحقيق أي انتصار. وبعد فشل "أسود الأطلس"، التي تخلت عن زئيرها في هذه الإقصائيات وأنهت اختبارها القاري أمام منتخبات كانت إلى الأمس القريب تشكل أضعف حلقة في منظومة كرة القدم الإفريقية، باستثناء منتخب الكاميرون، في المركز الأخير، عاشت كرة القدم المغربية انتكاسة أخرى لكن هذه المرة على مستوى الفئات الصغرى ومعها الأندية. فعلى صعيد المنتخبات الصغرى أنهى المنتخبان المغربيان لأقل من 18 و16 سنة مشاركتهما في دوريي اتحاد شمال إفريقيا اللذين أقيما مؤخرا الأول بطرابلس والثاني بالقنيطرة في المركز الثالث، فيما اكتفى منتخب أقل من 21 سنة بميدالية برونزية في دورة الألعاب الفرنكوفونية في بيروت. وكان الرأي الرياضي الوطني يعقد آمالا كبيرة على مشاركة الأندية في الاستحقاقات العربية والإفريقية أملا في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من ماء وجه الكرة المغربية، لكن خيبة أمله كانت أكبر بعد خروج فريق الجيش الملكي من الدور الثاني لمنافسات عصبة أبطال إفريقيا لكرة القدم على يد فريق هيرتلاند النيجيري. كما توقف مشوار فريق الاتحاد الزموري للخميسات في دور ثمن نهاية مسابقة كأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، بعد خسارته أمام مضيفه الملعب المالي بثلاثة أهداف لواحد في مباراة الإياب بملعب موديبوكيتا بباماكو. ولم يكن الممثل الثاني للكرة المغربية في هذه المسابقة القارية، المغرب الفاسي ، أفضل عندما أقصي بدوره في دور سدس عشر النهاية، بعد انهزامه ، وأمام فريق تونسي آخر ، قوافل قفصة، بهدف مقابل لاشيء في مباراة الإياب بميدان الأخير. وظل فريق الوداد البيضاوي الحلقة الأخيرة في سباق الأندية بعد أن بلغ آخر محطة في مشوار مسابقة دوري أبطال العرب ، لكنه عجز عن كسر شوكة الأندية التونسية التي شكلت على الدوام عقدة وغصة يصعب ابتلاعها، بعد أن تعثر أمام الترجي 0-1 في النهاية ذهابا بالدارالبيضاء وتعادل معه بهدف لمثله إيابا بالعاصمة التونسية. ولم تنته سلسلة الإقصاءات بخروج الأندية الوطنية من المنافسات القارية العريقة، بل تعدتها إلى مسابقات لم يعرف لها وجود قبل سنتين، بعد خروج فريق الجيش الملكي من دور نصف نهاية النسخة الثانية لكأس اتحاد شمال إفريقيا للأندية الفائزة بالكأس على يد فريق الأهلي الليبي والرجاء البيضاوي من الدور ذاته لكأس اتحاد شمال إفريقيا للأندية البطلة من قبل أهلي بنغازي الليبي. وباتت سلسلة الاخفاقات، التي أبت إلا أن تلازم كرة القدم الوطنية هذا الموسم ، تستدعي أكثر من وقفة تأمل والبحث بجدية عن السبل الكفيلة بإعادة بناء صرح كرة القدم المغربية ، والذي لن يتأتى إلا بإصلاح شامل للمنظومة الكروية .